يُطلق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، الإثنين 3 يناير/كانون الثاني 2020، معركة ما بعد بريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد) عبر تحديد الخطوط الحمر لعلاقتهما المستقبلية التي لا يزال يجب رسمها ضمن مفاوضات شائكة وفي بعض الأحيان متوترة.
لماذا الحدث مهم؟ ستكون هذه أول مفاوضات بعد خروج بريطانيا رسمياً من الاتحاد الأوروبي بعد عضوية استمرت 47 عاماً، وقوبلت هذه الخطوة من قبل المملكة المتحدة بتنديد أوروبي، وبات على الطرفين الآن الاتفاق على الأساس الجديد لهذه العلاقات خصوصاً في الشق التجاري، الذي يمثل صلب المواجهات، كما أن الطرفين عبّرا منذ البداية عن مواقف حازمة جداً.
المشهد العام: يُرتقب أن يحذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أن بلاده سترفض اتفاقاً يفرض عليها أن تواصل احترام بعض قوانين الاتحاد، وذلك بحسب مقتطفات من خطاب سيلقيه الإثنين حول رؤيته لبريطانيا بعد انسحابها من الاتحاد.
بحسب مقتطفات الخطاب "فليس هناك حاجة لاتفاق تبادل حر يتضمن قبول قواعد الاتحاد الأوروبي في مجال المنافسة، والمساعدات، والضمان الاجتماعي، والبيئة ومواضيع أخرى"، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
من جهته، فرض المفاوض الرئيسي للاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه، شرطين للتوصل إلى اتفاق تجاري مع بريطانيا، هما "اتفاق حول القواعد المشتركة" لكي لا تتحول لندن إلى منافس، وتسوية حول مسألة الصيد الفائقة الحساسية.
ما يزيد من صعوبة الأمور أن هذه المفاوضات ستجري بوتيرة ماراثونية؛ لأن جونسون يرفض تمديد الفترة الانتقالية التي سيواصل فيها البريطانيون تطبيق القواعد الأوروبية، لكن المفاوضات يفترض أن تجري خلال هذه الفترة التي تنتهي في 31 ديسمبر/كانون الأول 2020.
جوهر المفاوضات: سيكشف ميشال بارنييه عن شروط التفاوض ويحدد أولويات الاتحاد الأوروبي وخطوطه الحمر، ويعرف بارنييه تفاصيل الملف لأنه سبق أن تفاوض على اتفاقية بريكست حول سبل خروج بريطانيا من الاتحاد على مدى أكثر من سنتين.
في نهاية فبراير/شباط 2020 ستصادق الدول الأعضاء في الاتحاد على مهمته التفاوضية لأن المفاوضات لن تبدأ رسمياً إلا في مطلع مارس/آذار.
ستتناول المفاوضات بشكل أساسي الشراكة الاقتصادية، خصوصاً اتفاق التبادل الحر ومسائل الأمن والإجراءات القضائية المزمعة من أجل حل الخلافات.
بالنسبة للأوروبيين فإن الوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة التي تضم حوالي 440 مليون مستهلك، سيكون مشروطاً باحترام المعايير الصحية والبيئية والاجتماعية والضرائبية إلى جانب معايير احترام مساعدات الدولة للشركات.
هذه السوق مهمة جداً للندن لأن الاتحاد الأوروبي يبقى أول شريك تجاري لها، كما يريد الأوروبيون إجراء المفاوضات بشكل موازٍ حول كل المواضيع بهدف الحد من مخاطر الانقسامات التي يمكن أن يستفيد منها البريطانيون.
صيد السمك: سيكون ملف صيد السمك الذي وعد الطرفان بالتوصل إلى اتفاق حوله قبل الأول من يوليو/تموز 2020 أحد المواضيع الحساسة جداً خلال عملية المفاوضات.
يعتمد صيادو الأسماك من عدة دول أعضاء مثل فرنسا والدنمارك على المياه البريطانية، التي تشكل أيضاً 30% من رقم أعمال الصيادين الفرنسيين.
من جهته أكد جونسون أن "استعادة السيطرة" على مياه الصيد هذه يرتدي أهمية كبرى ووعد "بسياسة صيد وطنية رائعة جديدة".
الحصيلة الأولى للمحادثات ستُنشر في نهاية يونيو/حزيران، ما يمكن أن يتيح تقييم مخاطر "عدم التوصل الى اتفاق" وهو شبح لا يزال يخيم على المحادثات، مثيراً مخاوف من عواقب كارثية لذلك.