العلماء يسابقون الزمن من أجل “قهر كورونا”، لكن الوقت ليس في صالحهم

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/01/30 الساعة 08:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/22 الساعة 15:25 بتوقيت غرينتش
مختبر فيدو انترفاك في كندا

بينما تشهد أعداد الوفيات والمصابين الناتجة عن فيروس كورونا الجديد ارتفاعاً حاداً، يسابق العلماء حول العالم الزمن للتوصل إلى مصل مضاد للفيروس المتحور، فكيف تتم هذه العملية؟ وما أهمية عنصر الزمن في مثل هذه الحالات؟

موقع CBC التابع لهيئة الإذاعة الكندية نشر تقريراً بعنوان: "جولة داخل المختبر شديد الحراسة حيث يبحث العلماء عن مصل لفيروس كورونا"، يرصد أحد تلك المحاولات عن قرب.

اصطحب الباحثون في معهد أبحاث VIDO-InterVac طاقم هيئة الإذاعة الكندية داخل مختبر "المستوى الثالث" حيث يعملون على الفيروسات القاتلة.

بروتوكولات سلامة صارمة

اليوم في مكتب عالم الفيروسات داريل فالزارانو يتضمن ارتداء قفازين من المطاط فوق بعضهما، وبدلة مُحكمة وخوذة تشبه أزياء رائد الفضاء، ثم الاستحمام كلما خرج من المختبر.

من الضروري الالتزام ببروتوكولات السلامة الصارمة للتعامل مع مسببات الأمراض التي قد تكون قاتلة، وتطوير الأمصال التي يمكنها إيقاف تلك الأمراض.

داريل فالزارانو هو المحقق الرئيسي في فريق ساسكاتون المختص بمعالجة مشكلة فيروس كورونا الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية الشهر الماضي. وأصاب أكثر من 7700 شخص، وقتل أكثر من 170 شخصاً، وانتشر إلى أكثر من 10 دول، من بينها كندا.

وفي فرصة نادرة الحدوث، اصطحب فالزارانو طاقم هيئة الإذاعة الكندية داخل مختبر احتواء في منظمة اللقاحات والأمراض المعدية في كندا -المركز الدولي للقاحات (VIDO-InterVac) داخل حرم جامعة ساسكاتشوان. ويعتبر المركز واحداً من أكبر وأشهر مواقع أبحاث الأمراض المعدية في العالم وأكثرها تقدماً، ويعتبر المختبر صاحب ثاني أعلى تصنيف من حيث السلامة؛ ويعد "مستوى الحماية الحيوية الثالث" هو المخصص للعمل على الميكروبات التي قد تتسبب في أمراض خطيرة وقاتلة عن طريق الاستنشاق.

ارتفاع حالات الوفاة بشكل حاد بسبب فيروس كورونا يثير الفزع حول العالم

بدأ الباحثون بالفعل عملهم المبدئي على المصل، باستخدام ما تعلموه في الماضي من السلالات الأخرى لفيروسات كورونا، ويقول فالزارانو إن حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا في كندا ستسرع وتيرة عملهم على الأرجح. طلب مركز "VIDO-InterVac" عينة من وكالة الصحة العامة الكندية وهيئة الصحة في مقاطعة أونتاريو.

وطلب الباحثون أيضاً مكونات لبناء نسختهم الاصطناعية الخاصة من فيروس كورونا، باستخدام معلومات التسلسل الجيني من الصين. ولكن بناء نسختهم الخاصة قد يستغرق أسابيع، يقول فالزارانو إن الحصول على عينة من الفيروس أسرع كثيراً من إعادة بنائه بأنفسهم.

ويهدف فالزارانو إلى تطوير نموذج أولي من اللقاح خلال ستة إلى ثمانية أسابيع، ومن ثمّ اختباره على الحيوانات.

التسرّع غير مطلوب

بإمكان منشأة البحث، التي تمتد على مساحة 26,500 متر مربع، استضافة حيوانات كبيرة الحجم مثل الثيران والماشية للاختبار، وقد طوّر العلماء في مركز "VIDO-InterVac" مؤخراً لقاحاً لفيروس كورونا الذي قتل 10 ملايين خنزير في أمريكا الشمالية، ويستخدم فالزارانو حيوان الألبكة لاختبار اللقاحات المطوّرة لمكافحة فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس).

وبالنسبة لفيروس كورونا الأخير، يتوقع فالزارانو اختبار اللقاح على القوارض، مثلما فعل الباحثون مع المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس)، فيروس كورونا الذي أصاب حوالي 8 آلاف شخص خلال تفشيه عالمياً عام 2003.

وتوقع فالزارانو ألا تكون تجارب لقاح فيروس كورونا الأخير على البشر قبل عام، ويحذر في الوقت نفسه من التسرّع، وقال فالزارانو: "بإمكان الجميع أن يعملوا بأقصى جهودهم، وبأسرع ما يمكنهم، ولكن هناك عمليات معينة تستغرق أوقاتاً محدداً من الصعب التعجّل فيها أسرع من ذلك".

وقال فولكر جيردتس، المدير التنفيذي لمركز "VIDO-InterVac"، إن بحث الفريق مجرد جزءاً من الجهود العالمية المبذولة لمكافحة فيروس كورونا.

وأضاف جيردتس: "لا أقول إنه سباق. أعني، في الوقت الحالي، هذا المرض يخيف حالياً كل شخص على سطح الكوكب، لذا سيشارك فريقنا النتائج التي يتوصل إليها مع العلماء الآخرين".

"استعدوا للأسوأ"

عمل الباحثون في مركز "VIDO-InterVac" على المصل المحتمل لفيروس "سارس" في 2003. لكن عندما اختفت حالات الإصابة بالمرض، انخفض التمويل. لذا لم يتقدم البحث قط إلى مرحلة التجارب على البشر.

قال فالزارانو إن الباحثين عليهم التعامل مع فيروس كورونا الأخير كما لو كان سيتحول إلى وباء، وأضاف: "لا نعرف إن كان السيناريو الحالي قد يتكرر أم لا، لذا أعتقد أن علينا دائماً الاستعداد لأسوأ الاحتمالات"، وتابع فالزارانو أنه لا يعتقد أن مصل "سارس"، في حال تطويره، قد يكون فعالاً في مواجهة فيروس كورونا الحالي.

فولكار جيردتس

ولكن هذه السلالات الثلاثة لفيروس كورونا: "سارس" و"ميرس" وفيروس كورونا الأخير، أثبتت أنها قاتلة للبشر وأبرزت حاجتنا الملحة إلى "مصل مضاد لكل سلالات فيروس كورونا".

وهذا هو الهدف النهائي لفريق البحث. يقترح العلماء استخدام البيولوجيا البنيوية وهندسة البروتينات لتطوير أمصال واسعة النطاق يمكنها الحماية من سلالات عديدة من فيروس كورونا.

قدرة محدودة

يتلقى مركز "VITO-InterVac" أغلب تمويله السنوي، البالغ 18 مليون دولار،من الحكومة الكندية ومقاطعة ساسكاتشوان.

وقد يُكلف مشروع تطوير اللقاح مئات آلاف الدولارات في مراحله الأولى، ثم ملايين الدولارات عندما يقترب تطوير اللقاح من مرحلة التصنيع.

ويُعتبر "VIDO-InterVac" مركز بحث وتطوير، ولكن العمل قد يتعطل عندما يحين وقت تصنيع اللقاح، بسبب القدرة المحدودة.

قال جيردتس: "ليس لدينا القدرة اللازمة في بلادنا، أو ليس دلينا القدرة التي اعتدنا امتلاكها من قبل. لذا عندما تبرز مثل تلك الحالات، يتعين علينا الذهاب إلى بلدان أخرى لتصنيع تقنياتنا في تلك البلدان. ويعتبر ذلك هو عنق الزجاجة الحقيقي للأبحاث العامة مثل أبحاثنا".

ويريد جيردتس جذب المزيد من التمويل الحكومي لمركز "VIDO-InterVac" لإضافة مرحلة التصنيع إلى عملياته.

تحميل المزيد