هناك الكثير من العوامل التي تعد من أسباب الاحتباس الحراري، منها قطع الأشجار، والاستخدام المفرط للطاقة غير المتجددة، مثل البترول والغاز، والانتشار الكبير للتخصيب النووي، ولكن هل كنت تعرف من قبل أنّ استخدام البريد الإلكتروني يزيد من مستوى الاحتباس الحراري؟
ما علاقة البريد الإلكتروني بأسباب الاحتباس الحراري؟
تدريجياً، يزداد اعتماد الناس على صناديق بريدهم الإلكترونية لتكون وسيلةً لتنظيم حياتهم، وتظل رسائل البريد والصور الملفات القديمة من سنواتٍ مضت ساكنةً بانتظار بحثك عن اسم أو عنوان مفقود أو ربما صورة لصديق قديم، المشكلة هي أن كل تلك الرسائل تستلزم طاقةً لأجل حفظها.
ورغم تركيز صناعة التكنولوجيا على مصادر الطاقة المتجددة، فإن انتشار خدمات المشاهدة عبر الإنترنت والذكاء الاصطناعي لا يسهم إلا في زيادة كمية الوقود الأحفوري الذي يجري حرقه للحفاظ على نشاط خوادم البيانات وسلامتها.
مراكز حفظ البيانات تستهلك 2% من الطاقة الكهربائية في العالم!
حالياً، تستهلك مراكز البيانات نحو 2% من الطاقة الكهربائية في العالم، لكن من المتوقَّع ارتفاع ذلك الرقم إلى 8% بحلول عام 2030.
علاوةً على أن 6% فقط من جميع البيانات المنشأة عبر التاريخ يجري استخدامها اليوم، وفقاً لبحثٍ من مؤسَّسة Hewlett Packard.
يعني هذا أن 94% من البيانات تقبع في "مردمٍ سيبرانيّ"، وهو مردم ذو بصمة كربونية مهولة.
ووفق وكالة Bloomberg الأمريكية، فإننا نتكلف ما يساوي تكلفة صناعة الكثير من الطائرات من أجل بياناتٍ لا نستخدمها أصلاً.
هل حذف الرسائل هو الحل؟
الجواب هو لا! بحلول عام 2025، سيُجري كل شخص متَّصل بالإنترنت ما يقرب من 5 آلاف تفاعل رقمي يومياً، بمعدَّل واحد كل 17 ثانيةً.
وقد صرَّح كيرك بريسنيكر، كبير مهندسي مختبرات Hewlett Packard، بأن مزارع الخوادم هذه تستهلك الطاقة للحفاظ على بياناتك، وكذلك تستهلكها حين تستخدم هذه البيانات بطريقة ما.
ويتابع: "إذا أردت حقاً فعل شيء ما ببياناتي، فعليَّ إحماؤها ونقلها عبر مركز البيانات".
وبالنسبة إلى من يظنُّون أنهم يمحون رسائل البريد الإلكتروني حين يخلون سلة نفاياتهم، فليس هذا على الأرجح ما يحدث، إذ إن عدَّة نسخٍ من رسائل البريد -حتى الراجعة إلى عقودٍ مضت- تُخزَّن على عددٍ من الخوادم في جميع أنحاء العالم. ويتطلَّب الحفاظ عليها استهلاكاً للطاقة.
البيانات في العالم تساوي 33 زيتابايت
هذا وقد بلغ إجمالي جميع البيانات في العالم 33 زيتابايت عام 2018 (الزيتابايت يساوي تريليون غيغابايت)، لكنَّ هذا الرقم قد يصل إلى خمسة أضعافه بحلول عام 2025، بالغاً 175 زيتابايت، بحسب إحصاءات مؤسَّسة International Data، فضلاً عن أن العالم ينتج يومياً ما يقرب من 2.5 كونتليون بايت من البيانات.
الطلب على طاقة تخزين البيانات
حتى مع تزايد البيانات، فقد يظل الطلب على مراكز البيانات في العالم مستوياً خلال السنوات المقبلة بفضل الكفاءة والاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة.
وحتى الآن، كان رد الفعل الرئيسي لصناعة التكنولوجيا هو شراء المزيد من الطاقة المتجددة، إذ شهد العام الماضي شراء ما يكاد يبلغ 6 آلاف ميغاوات من طاقة الوقود غير الأحفوري، أي ثلاثة أضعاف ما جرى شراؤه في عام 2017، وفقاً لـBloombergNEF.
كيفن هاغن، نائب رئيس قسم استراتيجيات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات بشركة Iron Mountain، مركز بيانات العقارات، قال في تصريحٍ له: "من فرط سرعة ازدياد الحاجة إلى مراكز البيانات، تعجز معظم الشركات عن مجاراتها". يُذكر أن Iron Mountain قد ابتاعت كماً هائلاً من الطاقة المتجددة خلال العام الماضي حتى بدأت تستغلُّ هذا كوسيلة دعائية، إذ تبلغ العملاء المحتملين بالدرجة الممكنة لتقليص بصمتهم الكربونية عند استخدام خوادمها.
لكن في النهاية، ربما لا يوجد ما يكفي من الطاقة المتجددة لإشباع طلب الصناعة عليها، فيما قد يساعد الوعي بالمشكلة تركيز مزيدٍ من الشركات على الأضرار التي يلحقها التخزين الإلكتروني بالمناخ.