التعويضات التي يتعين على إيران دفعها لضحايا الطائرة الأوكرانية التي أسقطتها صواريخ الحرس الثوري بالخطأ تمثل ملفاً مزعجاً من حيث الحجم المتوقع لتلك التعويضات، لكن تصريحاً إيرانياً بشأن جنسية الضحايا يشير إلى أن طهران لن تستسلم بسهولة لمطالب كندا في هذا الملف، فما هي القصة؟
ماذا حدث؟
قال عباس موسوي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الإثنين 20 يناير/كانون الثاني، إن إيران تعتبر مزدوجي الجنسية من ضحايا حادث تحطم الطائرة الأوكرانية مواطنين إيرانيين.
وأضاف موسوي في مؤتمر صحفي أسبوعي بثه التلفزيون: "أبلغنا كندا أن طهران تعتبر مزدوجي الجنسية الذين قتلوا في تحطم الطائرة مواطنين إيرانيين".
ماذا يعني ذلك؟
إيران من الدول التي لا تعترف بالجنسية المزدوجة، وذلك منذ دستور 1980 أي منذ 40 عاماً، ويعني هذا أن أي مواطن إيراني يحصل على جنسية دولة أخرى يتم إسقاط الجنسية الإيرانية عنه، بموجب قانون الجنسية في البلاد، بل إن الحصول على جنسية أخرى يعتبر جريمة.
ومن بين ضحايا كارثة إسقاط الطائرة الأوكرانية البالغ عددهم 176 شخصاً، يوجد 57 من مزدوجي الجنسية حيث يحملون الجنسية الكندية، إضافة لآخرين يحملون جنسيات أوكرانيا وأفغانستان وغيرها من الدول.
ما خلفية التصريح الإيراني؟
اعتبار إيران ضحايا الطائرة الذين يحملون جنسيات دول أخرى مواطنين إيرانيين يفسّره الموقف الذي تواجهه طهران منذ إسقاط الطائرة قبل أسبوعين ودخول أوكرانيا وكندا على خط المطالبة بالتعويضات وأيضاً المشاركة في التحقيقات.
الخميس الماضي 16 يناير/كانون الثاني، أعلن وزير النقل الكندي مارك غارنو أن إحدى أولويات حكومته هي دفع إيران تعويضات مالية لعائلات الكنديين الـ57 الذين قضوا الأسبوع الماضي، وقال الوزير خلال مؤتمر صحفي إن "أحد المتطلبات من وجهة نظر كندا، بالإضافة إلى العدالة هو التعويض، التعويض يجب أن يقدمه المذنبون، الذين كان لهم دور في هذا الحادث المأساوي".
وأضاف: "أولويتنا في الوقت الراهن هي دعم أسر وأصدقاء الكنديين الـ57 الذين فقدوا أرواحهم في هذه المأساة"، مؤكداً أن أياً من جثامين هؤلاء لم يعد حتى اليوم إلى كندا، وتابع: "حتى إذا كنا غير قادرين على أن نعيد لهم أحباءهم، إلا أنه يمكننا أن نتأكد من حصولهم على تعويض لمساعدتهم على تجاوز هذه الأوقات العصيبة".
تصريحات وزير النقل الكندي جاءت عشية اجتماع تم عقده في لندن الخميس بدعوة من كندا لمجموعة التنسيق بين الدول التي قضى مواطنوها في كارثة الطائرة الأوكرانية، وهذه المجموعة التي أنشأتها أوتاوا في أعقاب المأساة، تضم بالإضافة إلى كندا كلاً من بريطانيا وأوكرانيا والسويد وأفغانستان.
ما علاقة الجنسية بالتعويضات؟
العلاقة وثيقة للغاية، حيث تتفاوت قيمة التعويض من جنسية لأخرى بصورة لافتة، فعلى سبيل المثال تلزم الحكومة الأمريكية شركات الطيران بدفع مبلغ 4.5 مليون دولار كتعويض لكل ضحية من مواطنيها في حوادث تحطم الطائرات، بينما في الصين يبلغ الرقم نصف مليون دولار فقط، وفي أوروبا لا يوجد رقم محدد كحد أدنى للتعويض، لكن المتوسط أقل عدة مرات من نظيره في الولايات المتحدة.
ليس هذا فحسب، ولكن وجود هذا العدد الكبير من حاملي الجنسية الكندية جعل حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو متابعةً لملف إسقاط الطائرة بصورة كبيرة، وتجعل من كندا شريكاً أصيلاً في التحقيقات وهذا ما يحدث بالفعل، حيث تصر كندا على إرسال الصندوقين الأسودين للطائرة إلى فرنسا لتحليل بياناتهما، على أساس أن فرنسا تمتلك أحدث التقنيات في هذا المجال.
طهران لا تزال ترفض إرسال الصندوقين لأوكرانيا أو لفرنسا وتسعى جاهدة لتحليل بياناتهما محلياً، على الرغم من تأكيدات الخبراء أن إيران لا تمتلك التقنيات اللازمة لتحليل البيانات بصورة دقيقة، وقد قال وزير خارجية أوكرانيا فاديم بريستايكو للصحفيين إن بلاده ستطالب إيران في اجتماع مع وفد يزور أوكرانيا اليوم الإثنين بتسليم الصندوقين الأسودين لطائرة الركاب المنكوبة، وأضاف أن أوكرانيا ستنقل رسالة إلى وزير الطرق والتنمية الحضرية محمد إسلامي مفادها أن تسليم الصندوقين الأسودين سيظهر أن إيران تريد تحقيقاً غير متحيز في الحادث.