دخلت بوليوود في صدام غير متوقع مع حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، بعدما انضمت ديبيكا بادوكون، إحدى نجمات السينما إلى الطلاب المحتجين على هجوم مجموعة أشخاص على جامعة جواهر لال نهرو، في نيودلهي.
كانت زيارة بادوكون لهذه التظاهرات مؤشراً على أكثر تدخلات بوليوود إثارة وحسماً وخطورة حتى الآن، بعد أسابيع من الاحتجاجات في الهند، لاسيما أن مجموعة من الممثلين والمخرجين انضمّت إلى التظاهرات أو ساندوها، ضد قانون المواطنة المعادي للمسلمين، والعنف ضد الطلاب.
تحوّل في العلاقة بين بوليوود ومودي
صحيفة Financial Times البريطانية، قالت الإثنين 13 يناير/كانون الأول 2020، إن ديبيكا حرصت على عدم الإشارة إلى زيارتها، إلا أن التدفق غير المعتاد للمشاهير الذين يتجنبون إثارة الجدل عموماً إلى المناطق المشحونة سياسياً، يسلط الضوء على خطورة التحدي الذي يواجه رئيس الوزراء.
لطالما تمتع مودي بدعم نجوم بوليوود قبل إعادة انتخابه وفوزه الساحق، العام الماضي، حتى إنه ظهر في صورة شخصية وهو محاط بمجموعة من أبرز الممثلين والمخرجين.
تأتي أهمية اصطدام ممثلي بوليوود مع حكومة مودي من أن صناعة السينما في الهند تحظى بأكبر جمهور في العالم، وفقاً لإحصائيات شركة Statista المتخصصة في البيانات الإحصائية، إذ تبيع ملياري تذكرة سينما كل عام، وتُنتج أكثر من 1000 فيلم سنوياً.
تشير الصحيفة البريطانية إلى أن مشاركة نجوم بوليوود الكثيفة في الاحتجاجات تشير إلى نقطة تحول في علاقتها مع مودي، إذ انضم مخرجون بارزون مثل زويا أختار وشقيقها، الممثل فرحان أختار، إلى التظاهرات المناهضة للحكومة في مومباي، وأمضى الممثل محمد زيشان أيوب ليلة رأس السنة مع المتظاهرين في دلهي.
كان آخرون، مثل المخرج أنوراج كاشياب، الذي من ضمن أعماله الأخيرة مسلسل الجريمة Sacred Games الذي يعرض على شبكة Netflix، من بين أكثر المعارضين حدة لقانون المواطنة وقمع الشرطة للاحتجاجات.
كتب كاشياب على تويتر في ديسمبر/كانون الأول: "لقد تمادوا أكثر من اللازم، من الواضح أن هذه الحكومة فاشية".
حملات ضد نجوم في بوليوود
لكن النجوم الذين يتبنّون وجهات نظر مثيرة للجدل واجهوا مقاطعة واسعة لأفلامهم وحملات تقودها حشود غاضبة، إذ ظهرت ديبيكا في جامعة جواهر لال نهرو، قبل أيام فقط من إطلاق فيلمها Chhapaak، ما دفع شخصيات داخل حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم إلى الدعوة لمقاطعته.
بل عرض مسؤول من حزب بهاراتيا جاناتا، عام 2017، مكافأة لقتل ديبيكا بعد أن شاركت في بطولة المسلسل التاريخي Padmaavat، الذي أثار جدلاً كبيراً لتصويره قصة حب بين أميرة هندوسية وسلطان مسلم.
يُذكر أن الاحتجاجات الأخيرة اندلعت، الشهر الماضي، بسبب قانون الجنسية الذي يمنح غير المسلمين من الدول المجاورة للهند التي تقطنها أغلبية مسلمة الحق في الحصول على الجنسية، لكنه استثنى المسلمين صراحةً من هذا الحق، وتسبب الهجوم الذي شنّه مقنعون على جامعة جواهر لال نهرو في اشتعال التوترات، الأسبوع الماضي.
يقول المحتجون إن القانون يخدم هدف حزب بهاراتيا جاناتا، المتمثل في أن تصبح الهند وطناً للهندوس مجدداً على حساب المسلمين الذين يشكلون نحو 14% من السكان.
من جانبها، قالت نامراتا جوشي، محررة الصفحة الفنية في إحدى الصحف الهندوسية، إن هذا الجدل "أثار" ضجة في الوسط الفني، مضيفةً: "لم أر بوليوود تتحدث كثيراً بقدر ما تفعل الآن".
بوليوود دعم سابقاً مودي
في السنوات الأخيرة، أطلقت بوليوود أفلاماً تُمجّد شخصيات سياسية، وبطولات تاريخية تصور أبطالاً هندوساً يقاتلون الأشرار المسلمين والمناوشات مع باكستان، العدوة التي قال المراقبون إنها تخدم أجندة حزب بهاراتيا جاناتا.
تقول سوبارنا شارما، الناقدة السينمائية في صحيفة Asian Age: "ساعدت الأفلام مودي في تعزيز صورة المنقذ من أعداء الهند التي رسمها لنفسه". وقد قوضت الاحتجاجات الأخيرة من داخل الوسط الفني هذا الخطاب "إذا قدم المشاهير الدعم للمتظاهرين، فسيمنحهم ذلك المزيد من القوة، وسيقوي عزيمتهم ويشجعهم في احتجاجاتهم".
لكن العديد من أبرز نجوم الفن، والعديد منهم مسلمون، ابتعدوا عن الاحتجاجات، رغم دعوات بعض معجبيهم وشخصيات من الوسط الفني لهم لإبداء الدعم.
فلم يعلق شاروخان، أشهر ممثل هندي، رغم أنه أحد خريجي الجامعة الملية الإسلامية في نيودلهي، حيث شنّت الشرطة حملةً عنيفة على الطلاب المحتجين بشكل خاص، في ديسمبر/كانون الأول. ولم تستجب شركة إنتاجه لطلبات التعليق.
واجه خان نفسه هجوماً عنيفاً، حتى من حزب بهاراتيا جاناتا، لانتقاده التعصب المتزايد في البلاد عام 2015.