هاجمت وزارة الخارجية المصرية، الحكومة الإثيوبية رداً على تصريحات متعلقة بالاجتماع الوزاري بخصوص سد النهضة والذي عُقد في أديس أبابا، يومي الأربعاء والخميس 8-9 يناير/كانون الثاني 2020.
مصر تردُّ على تصريحات إثيوبية متعلقة بسد النهضة
إثيوبيا كانت قد علقت بعد انتهاء الاجتماعات في العاصمة الإثيوبية الخميس 9 يناير/كانون الثاني والتي لم تحرز تقدُّماً، على لسان وزير المياه الإثيوبي سيلشي بيكل، بالقول إن مصر جاءت إلى المحادثات دون نية التوصل إلى اتفاق.
بيكل قال في مؤتمر صحفي: "لمْ نتفق على مسألة ملء (خزان) السد، لأن مصر قدمت اقتراحاً جديداً يطلب تنفيذ عملية الملء في فترة 12-21 سنة، وهذا أمر غير مقبول. سنبدأ ملء السد بحلول يوليو/تموز".
في حين قالت الخارجية الإثيوبية عقب الاجتماع، إن مصر تقدمت بمقترح جديد تطالب فيه بأن تكون فترة ملء السد من 12 إلى 21 عاماً، وأن على إثيوبيا تعويض "العجز التراكمي" عن المياه التي تستخدمها لملء السد.
أضافت الوزارة أن إثيوبيا اقترحت أن تكون فترة ملء السد ما بين 4 و7 أعوام. كما اقترحت اتخاذ تدابير التخفيف في حالات الجفاف أو الجفاف المطول في أثناء ملء السد وتشغيله.
أشار البيان إلى أن المقترحات الإثيوبية تسمح بمنع حدوث أضرار جسيمة على بلدان المصبّ، وتأخذ في الاعتبار مقترحات مصر والسودان. وتابع أن مبدأ التدفق الطبيعي غير المتعاون يحرم إثيوبيا من حقها العادل والسيادي في استخدام مواردها الطبيعية.
حيث قالت إن بيان خارجية إثيوبيا مليء بالمغالطات
القاهرة من جانبها وفي بيان للخارجية المصرية، قالت إن البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية بشأن الاجتماع الوزاري حول سد النهضة والذي عُقد في أديس أبابا، يومي 8-9 يناير/كانون الثاني 2020، قد تضمن عديداً من "المغالطات المرفوضة جملة وتفصيلاً".
الخارجية أضافت في بيانها، أن بيان إثيوبيا "انطوى على تضليل متعمد وتشويه للحقائق، وقدَّم صورة منافية تماماً لمسار المفاوضات ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية ولواقع ما دار بهذا الاجتماع وفي الاجتماعات الوزارية الثلاثة التي سبقته والتي عُقدت على مدار الشهرين الماضيين، لمناقشة قواعد ملء وتشغيل سد النهضة".
وقالت مصر إن المفاوضات لم تحقق أي نجاح ملموس
الخارجية المصرية كشفت مصير المفاوضات الدائرة منذ سنوات حول سد النهضة، بالقول إن هذه الاجتماعات الوزارية الأربعة لم تفضِ إلى تحقيق تقدُّم ملموس، بسبب تعنت إثيوبيا وتبنِّيها مواقف مغالىً فيها، تكشف عن نيتها فرض الأمر الواقع وبسط سيطرتها على النيل الأزرق، وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب، وبالأخص مصر بوصفها دولة المصب الأخيرة.
أضافت أن خطوات إثيوبيا تخالف التزاماتها القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية، وفي مقدمتها اتفاق إعلان المبادئ المبرم في 23 مارس/آذار 2015، وكذلك اتفاقية 1902 التي أبرمتها إثيوبيا بإرادتها الحرة كدولة مستقلة، واتفاقية 1993 التي تعهدت فيها بعدم إحداث ضرر لمصالح مصر المائية، إلا أن إثيوبيا تسعى للتحكم في النيل الأزرق كما تفعل في أنهار دولية مشتركة أخرى، تتشاطر فيها مع دول شقيقة.
الخارجية أكدت أن سبب رفض إثيوبيا تصريف الإيراد الطبيعي في أثناء عملية تشغيل سد النهضة، يرجع إلى نيتها توظيف هذا السد، الذي يستهدف فقط توليد الكهرباء، لإطلاق يدها في القيام بمشروعات مستقبلية واستغلال موارد النيل الأزرق بِحرية تامة دون الاكتراث بمصالح مصر المائية وحقوقها التي يكفلها القانون الدولي، على حد قول البيان المصري.
أعربت مصر أيضاً عن دهشتها من أنه كلما طالبت بضرورة الاتفاق على خطوات فعالة للتعامل مع سنوات الجفاف التي قد تحدث في أثناء الملء، تقوم إثيوبيا بالتلويح باستعدادها لملء سد النهضة بشكل أحادي، وهو ما رفضته مصر على مدار المفاوضات، باعتباره يمثل مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 ولالتزامات إثيوبيا بموجب قواعد القانون الدولى.
كانت مصر أعلنت أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود
كان وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، قال لـ "رويترز"، الخميس 9 يناير/كانون الثاني، بعد اجتماعات استمرت يومين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا: "لم نتوصل إلى اتفاق، لكننا على الأقل حققنا وضوحاً في كل القضايا، نأمل التوصل لاتفاق، بواشنطن".
من المقرر أن تجتمع وفود الدول الثلاث في 13 يناير/كانون الثاني، في واشنطن، بهدف حل الخلافات بينها بحلول 15 يناير/كانون الثاني، حول ملء الخزان وتشغيل السد، الذي تقيمه إثيوبيا على النيل ويتكلف نحو أربعة مليارات دولار.
كانت الدول الثلاث قد اتفقت على هذا الجدول الزمني بعد اجتماع عُقد في واشنطن، مع وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين ورئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، في نوفمبر=/تشرين الثاني.
في حين أشعل الخلاف حول ملء وتشغيل سد النهضة الكبير أزمة دبلوماسية بين مصر وإثيوبيا، حيث ترى كل منهما في موقف الأخرى من المشروع تهديدات وجودية لها.
القاهرة من جانبها تخشى أن يقلص سد النهضة الإثيوبي إمداداتها، الشحيحة أصلاً، من مياه نهر النيل التي يعتمد عليها سكانها البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة بشكل كامل تقريباً.