وافق مجلس النواب الأمريكي (الكونغرس) على قرار يمنع الرئيس دونالد ترامب من القيام بعمل عسكري جديد ضد إيران، في خطوة تحمل تأنيباً للرئيس، بعد أيام من إصداره الأمر بتوجيه ضربة بطائرة مسيرة قتلت القائد السابق لفيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني وأثارت مخاوف من نشوب حرب.
المجلس الذي يهيمن عليه الديمقراطيون أقر تفعيل قانون سلطات الحرب، بموافقة 224 عضواً مقابل اعتراض 194، وهو ما يحيله لمجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون المؤيدون لترامب.
غلب على التصويت الطابع الحزبي، على نحو يعكس انقساماً عميقاً في الكونغرس حول سياسة ترامب المتعلقة بإيران، وإلى أي مدى ينبغي أن يكون للأعضاء كلمة في مسألة الاستعانة بالجيش.
سجال بين الجمهوريين والديمقراطيين
فمن جهتهم، اتهم الديمقراطيون ترامب بالتصرف برعونة وأيدوا القرار، في حين عارضه أعضاء الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب والذين نادراً ما يصوتون بالرفض فيما يتعلق بقرارات الرئيس.
إليوت إنجل، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، قال إن "الرئيس يجب أن يعرض القضية أولاً، وليس بعد أن يشن هجوماً أرعن، ثم يأتي بسبب يبرر لمَ كان ضرورياً ولمَ كان قانونياً".
أما الجمهوريون فقالوا إن الديمقراطيين يعرضون البلاد للخطر بمحاولتهم تمرير قرار، وصفوه بأنه "إيماءة سياسية جوفاء في بداية سنة تشهد انتخابات عامة".
حيث قال مايك مكول، كبير الجمهوريين بلجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب: "بدلاً من دعم الرئيس، يحدث زملائي الديمقراطيون انقساماً بين الأمريكيين في توقيت حساس"، مضيفاً أن القرار "سيوثق يدي الرئيس".
كذلك انتقد البيت الأبيض تأييد القرار في المجلس، ووصفه بأنه "سخيف" و "مجرد حركة سياسية أخرى"، وقال المتحدث باسمه هوجان جيدلي في بيان إن القرار "يحاول عرقلة سلطة الرئيس في حماية أمريكا ومصالحنا بالمنطقة من التهديدات المستمرة".
مصير مجهول لقرار الكونغرس
يبقى مصير القرار مجهولاً في مجلس الشيوخ، حيث يستحوذ الجمهوريون على 53 مقعداً من مقاعد المجلس المئة، لكن عضوين جمهوريين على الأقل بالمجلس هما راند بول ومايك لي عبرا عن تأييدهما له.
فإذا تم إقرار القرار في مجلسي النواب والشيوخ، فلن يحتاج لتوقيع ترامب ليصبح سارياً، وإن كان الديمقراطيون والجمهوريون يختلفون حول ما إن كان ملزماَ.
يُذكر أن رئيسة مجلس النواب الديمقراطية، نانسي بيلوسي، أدانت البيت الأبيض لعدم تشاوره مع الكونغرس قبل ضربة الطائرة المسيرة التي قتلت سليماني في بغداد الأسبوع الماضي.
قالت بيلوسي في مؤتمر صحفي: "الأسبوع الماضي، نفذ الرئيس والإدارة من وجهة نظرنا هجوماً استفزازياً وغير متناسب على إيران، وهو ما عرض الأمريكيين للخطر".
ترامب ردّ على بيلوسي في وقت لاحق من تصريحها، وقال على تويتر بأنها "معتوهة"، مشيراً في حديثه للصحفيين إلى أنه لا يحتاج لموافقة الكونغرس على عمل عسكري ضد إيران، وقال: "ليس لزاما عليّ، ولا ينبغي أن يكون لزاماً عليكم، لأن الأمر يتطلب أحياناً اتخاذ قرارات خاطفة.. يتطلب أحياناً أن تتحرك بسرعة بالغة".
تأتي هذه التطورات، عقب إعلان واشنطن الجمعة الماضي، مسؤوليتها عن اغتيال سليماني، في غارة وقعت في العاصمة العراقية بغداد، الأمر الذي أثار غضب طهران التي توعدت بـ "الرد والانتقام".
ردّت طهران بهجوم بصواريخ باليستية استهدف قاعدتين عسكريتين في الأنبار (غرب) وأربيل (شمال)، دون وقوع خسائر بشرية، وفق ما أعلن الرئيس الأمريكي ترامب.