في غموض نتائج الهجوم الإيراني على قاعدتين بالعراق، يثار تساؤل حول مدى أهمية القاعدتين اللتين استهدفتهما إيران، ومدى حصانتهما العسكرية في مواجهة الصواريخ الإيرانية، وكيف نجا الجنود الأمريكيون حسب رواية واشنطن.
فبين إعلان مصادر إيرانية مقتل 80 أمريكياً في الهجوم الصاروخي على قاعدتين أمريكيتين في العراق، وبين تأكيد الرئيس الأمريكي أن كل شيء على ما يرام، تبدو المنطقة أمام مشهد هوليوودي يثير تساؤلاً هل كان الهجوم الإيراني على القاعدتين الأمريكيتين مسرحية متفقاً عليها؟ أم أنه بداية درامية لعملية انتقام واسعة.
ومن الواضح أن القاعدتين الأمريكيتين اللتين استهدفهما الهجوم لهما أهمية خاصة لدى الأمريكيين، وأن طبيعة القاعدتين ساعدت أيضاً في تقليل الخسائر الأمريكية أو منع وقوع خسائر بشرية على الأقل.
التحصينات حمت الجنود الأمريكيين
أكد البنتاغون أن إيران أطلقت فجر الأربعاء "أكثر من 12 صاروخاً" على قاعدة عين الأسد، وقاعدة أخرى في أربيل، تضمّان قوات أمريكية، فيما تحدّثت وكالة "فارس نيوز" شبه الرسمية، عن وقوع 80 قتيلاً على الأقل، في الهجوم الذي قالت إنه أوقع أضراراً كبيرة في قاعدة "عين الأسد"، رغم محاولة الأمريكيين إخفاء الحقائق.
وقال بيان لهيئة العمليات المشتركة العراقية، إن 22 صاروخاً سقطت في العراق، فجر الأربعاء، مشيرة إلى أن 17 صاروخاً منها سقطت على قاعدة عين الأسد الجوية، من ضمنها صاروخان لم ينفجرا في منطقة حيطان غرب مدينة هيت، و5 صواريخ على مدينة أربيل.
ولكن مسؤولاً أمريكياً، نفى وقوع قتلى بصفوف جنود بلاده، بحسب معلومات أولية، جرّاء الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف فجر الأربعاء، قاعدتين أمريكيتين في العراق.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، عن المسؤول (لم يكشف عن اسمه)، قوله إنه لم يقتل أي أمريكي جراء الهجمات الصاروخية، مشيراً أن التحقيقات متواصلة بهذا الخصوص.
ونقلت القناة عن مسؤول آخر قوله إن القوات الأمريكية تلقّت تحذيراً قبل الهجمات، وإن الجنود دخلوا إلى الملاجئ قبل وقوعها.
وبدا ردُّ فعل ترامب غريباً، إذ قال إن "كل شيء على ما يرام" في العراق، وأنا سأُلقي بياناً عن الوضع صباح الأربعاء".
من أين أُطلقت الصواريخ؟
واللافت أن الإعلان عن الهجوم جاء من قِبل الحرس الثوري الإيراني، وليس من إحدى الميليشيات التابعة لإيران كما جرت العادة من قبل طهران، أو من خلال عدم الإعلان عن المسؤولية كما يحدث في الأغلب.
وقالت قناة "الميادين"، التابعة لإيران وحزب الله، إنّ الصواريخ "انطلقت من منطقة الجزيرة في الضفة المقابلة لقاعدة عين الأسد من نهر الفرات، وكانت قوية جداً، حيث أشارت الأصوات إلى أن القصف تكرّر، وهو يزيد عن 6 صواريخ، كما يبدو".
ونقلت شبكة "فوكس نيوز" عن متحدث باسم القيادة الوسطى في الجيش الأمريكي المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط، أن عدداً من الصواريخ الإيرانية لم تُصب أهدافها.
هل تم إخلاء القاعدتين قبل ضربهما؟
بدأت القوات الأمريكية إخلاء العديد من القواعد بالمناطق الشيعية بالبلاد بالفعل، مع توتر علاقتها مع إيران وحلفائها.
ونقلت "إندبندنت عربية" عن مصادر أمريكية، أن "القوات الأمريكية أخلت مواقع غير حصينة شمال العاصمة العراقية أيضاً، ونقلت جنوداً ومعدات إلى قواعد عسكرية شمال بغداد وغربها".
ولكن ليس هناك تقارير عن إخلاء قاعدة عين الأسد، والحرير، بل على العكس فإن القاعدتين لهما أهمية خاصة بالنسبة للأمريكيين، كما أن القاعدتين تقعان في المناطق التي تفيد التقارير بأنه يتم إرسال القوات الأمريكية التي تُسحب من المناطق الشيعية إليها.
إذ تقع عين الأسد في المنطقة ذات الغالبية السنية، وحرير في كردستان العراق.
ولكنّ القاعدتين من الواضح أنهما مجهّزتان وحصينتان، وهو الأمر الذي قد يكون قد أسهم في حماية الجنود الأمريكيين من الصواريخ، إلى جانب التحذير الذي تلقّاه الأمريكيون قبل الهجوم، وفقاً لما قاله المسؤولون الأمريكيون أنفسهم.
أهمية القاعدتين اللتين استهدفتهما إيران
قاعدة عين الأسد: أنشأها صدام وصمدت أمام داعش
تقع قاعدة عين الأسد في صحراء الأنبار بغرب العراق، وتضم القاعدة، وهي عبارة عن مجمع مترامي الأطراف على بعد حوالي 110 أميال شمال غربي بغداد.
وتضم حوالي 1500 من أفراد الجيش الأمريكي والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، يقاتلون (داعش)، وفقاً لوكالة أسوشيتد برس، وذلك ممن بين نحو خمسة آلاف جندي أمريكي في العراق أي أنها تضم نحو ثلث القوات الأمريكية بالعراق.
بالإضافة إلى قوات الولايات المتحدة وقوات التحالف، كان هناك حوالي 70 جندياً نرويجياً في عين الأسد وقت الهجوم، وفقاً لوكالة أسوشيتد برس.
تاريح القاعدة وأهميتها الاستراتيجية
- ثاني أكبر القواعد الجوية بالعراق بعد قاعدة بلد الجوية.
- تقع على بُعد حوالي 100 كلم غرب الرمادي في ناحية البغدادي بمحافظة الأنبار.
- بنيت عام 1980 من قبل شركة يوغسلافية، وسميت حينها بالقادسية، لأن تشييدها جاء بعد معركة القادسية الشهيرة بين الجيشين العراقي والإيراني، وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أصبح اسمها "عين الأسد".
- تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة، فهي تقع في أعلى نقطة عن مستوى سطح البحر بالمنطقة الإقليمية، وتضم مقر قيادة الفرقة السابعة بالجيش العراقي.
- خلال الحرب العراقية الإيرانية كانت القاعدة تؤوي ثلاثة أسراب من طائرات ميغ الروسية، وتعرّضت لغارات جوية عديدة.
- كانت عين الأسد أول قاعدة تستخدمها القوات الأمريكية بعد غزو العراق عام 2003، مما أدى إلى سقوط صدام حسين.
- بعد الغزو احتلتها القوات الأمريكية، واستخدمتها مركزاً رئيسياً لنقل الجنود والمؤن حتى عام 2011، حين تسلمتها القوات العراقية، فأصبحت مركزاً للفرقة السابعة من الجيش، كما ضمت مدرسة للمشاة.
- سنة 2014 استعادت القاعدة أهميتها نظراً لاحتضانها جنوداً وضباطاً ومستشارين عسكريين أمريكيين، يقدمون الدعم للقوات العراقية في حربها على تنظيم داعش.
- بعد سيطرة تنظيم داعش على ناحية البغدادي الموجود بها قاعدة عين الأسد، هاجم مقاتلوه القاعدة وحاولوا اقتحامها، لكن الولايات المتحدة لم تُخل جنودها رغم الخطر، وأكدت أن من حقهم الدفاع عن أنفسهم.
- زارها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل مفاجئ، في ديسمبر/كانون الأول 2018، للاحتفال مع جنوده بعيد الميلاد.
يلاحظ أن الهجوم على القاعدة له رمزيات عدة، إذ أنها ثاني أكبر قاعدة أمريكية بالعراق وتقع في المناطق السنية التي تتعامل معها القوات الأمريكية على أنها أقل عدائية، كما أنها أول قاعدة استخدمها الأمريكيون بعد احتلالهم للعراق، وهي مهمة للحرب على الإرهاب التي تقول واشنطن أنها سبب وجودها في البلاد.
قاعدة حرير: أقرب نقطة أمريكية لإيران وتقع بكردستان
من المرجح أن هذه القاعدة تضم إلى جانب القوات الأمريكية قوات البشمركة الكردية، ومع أنها أقل شهرة وحجماً من قاعدة عين الأسد، فإن لها أهميتها الخاصة خاصة أنها تقع في كردستان العراق، المكان الذي يفترض أنه الأكثر ترحيبا بالأمريكيين في العراق.
تاريخ هذه القاعدة وأسباب أهميتها للأمريكيين
- تقع في قضاء شقلاوة، على بعد 75 كلم عن مركز مدينة أربيل الكردية من جهة الشرق، وتعد أقرب قاعدة أمريكية من الحدود الإيرانية، حيث لا تبعد عنها أكثر من 115 كلم.
- بدأ استخدامها من قبل الجيش الأمريكي عام 2015، في إطار الحرب على تنظيم داعش.
- مزودة بصواريخ دفاعية وطائرات مقاتلة هجومية ورادارات متطورة.
- تستخدمها القوات الأمريكية لتدريب قوات البشمركة الكردية.
- كشفت مصادر محلية أنّ الجيش الأمريكي قام بتوسيعها أواخر عام 2018.
- يعتقد أنها وجهة الجنود الأمريكيين بعد انسحابهم من سوريا.