انتشرت آلاف الرسائل على الشبكات الاجتماعية تهديداً بالانتقام والثأر لمقتل أكبر قائد استخباراتي إيراني في غارة أمريكية استهدفت مجموعة ضمت 12 من القيادات الإيرانية وقيادات الحشد الشعبي العراقي الموالي لها، ضمن منشورات بدت أنها حملة دعائية "منسقة".
إذ أشارت صحيفة The Telegraph البريطانية إلى استخدام أكثر من 21 ألف منشور على إنستغرام هاشتاغ #hardrevenge، الجمعة 3 يناير/كانون الثاني 2020، إلى جانب ما يقرب من 7000 حساب مميز على تويتر، بعد مقتل قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" الخاص، عن طريق غارة أمريكية بطائرة مُسيرة.
شاركت هذه الحسابات صوراً متكررة لتوابيت ملفوفة في الأعلام الأمريكية، وتصويرات بطولية لسليماني وصوراً لمسؤولين عسكريين أمريكيين، مثل الجنرال مارك ميلي، رئيس أركان الجيش الأمريكي، ووجوههم تحمل مراكز تصويب مُركَّبة رقمياً إلى جانب كلمة "قريباً". فيما أظهرت صورة منتشرة على نطاق واسع دونالد ترامب مقطوع الرأس.
فيما كانت نسبة كبيرة من النشاط المؤيد لإيران على تطبيق إنستغرام وليس موقع تويتر سياسية التوجه. لأن هذا الأخير محظور في إيران.
لكن مارك أوين جونز، خبير الشبكات الاجتماعية وأستاذ دراسات الشرق الأوسط، أكد أن حوالي 250 حساباً من هذه الحسابات أُنشئ بعد مقتل سليماني فجر الجمعة 3 يناير/كانون الثاني، لافتاً إلى أنه عدد كبير، فيما أُنشئ أغلبها في الأشهر الأخيرة مع تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة، وهو ما وصفه جونز بأنه "مؤشر على زيادة حملات الرسائل المنسقة".
فيما يقول لي فوستر، محلل عمليات المعلومات في شركة FireEye للدفاع الإلكتروني، إن إيران تعمل منذ فترة طويلة على إنشاء جيش من حملات المعلومات المضللة لمنافسة وكالة أبحاث الإنترنت الروسية، فضلاً عن تكتيكات أخرى مثل إنشاء منافذ إخبارية زائفة و"شخصيات صحفية مفبركة".
إذ يقول فوستر: "إننا نشهد بالفعل جهوداً إيرانية لنشر معلومات مضللة من خلال هذه الشبكات حول ضربة الليلة الماضية، ويجب على الولايات المتحدة أن تتوقع زيادة جهود التأثير الإيرانية حول الولايات المتحدة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة مع تصاعد التطورات السياسية".
كما يرى أن مساعي إيران لبناء جيش إلكتروني أكبر من الروسية، إذ قال: "كانت المساعي الإيرانية، بشكل عام، أكثر انتشاراً من المساعي الروسية من الناحية الجغرافية، لأنها موجهة إلى الجماهير في معظم أنحاء العالم. لقد شنوا حملات دعائية حكومية تقليدية مكثفة وانتقدوا الخصوم السياسيين والجغرافيين".
لكن العديد من مشاركات التغريدات الشعبية كانت مكتوبة باللغة الإنجليزية، ما يشير إلى أنهم يرسلون رسائل متعمدة إلى المتحدثين باللغة الإنجليزية، فيما حلل جونز هذا، وقال: "عند إلقاء نظرة خاطفة، يمكنك ملاحظة أن أكثر التغريدات شيوعاً مكتوبة باللغتين الإنجليزية والفارسية، ما يشير بوضوح إلى أنها تهدف إلى إرسال رسالة إلى المتحدثين باللغة الإنجليزية".
هذا مع التأكيد على محاولات الشبكات الاجتماعية مكافحة الحملات الإلكترونية المرتبطة بإيران منذ عدة سنوات. ففي أغسطس/آب عام 2018، حذف فيسبوك وتويتر المئات من الحسابات والصفحات المزيفة المرتبطة بإيران وروسيا بعد العثور على سلسلة من الحملات التي تهدف إلى التسبب في الفوضى في السياسة البريطانية والأمريكية.
وقتها، قالت شركة فيسبوك إن بعض الحسابات كانت مرتبطة بالحسابات الإيرانية الرسمية. وبعد عدة أشهر، حذفت عدداً من الحسابات الإيرانية تظهر على أنها حسابات بريطانيين ينشرون مواضيع مثيرة للخلاف السياسي مثل العنصرية، ومعارضة الحكومة والهجرة.
يذكر أن سليماني كان يمتلك حساباً على إنستغرام ينشر صوراً تسخر من ترامب، حتى حُظِر مع العديد من حسابات الشخصيات العسكرية الإيرانية الأخرى في أبريل/نيسان 2019.