تصدر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر/كانون الأول اسم كارلوس غصن عناوين الأخبار حول العالم بعد أن "ظهر" فجأة في لبنان على الرغم من أنه ممنوع من مغادرة اليابان حيث ينتظر المحاكمة، فمن هو غصن وكيف غادر اليابان ولماذا توجه إلى لبنان تحديداً؟ ولماذا تصدر عناوين الأخبار بجميع لغات العالم؟
ماذا حدث؟
كارلوس غصن، مدير تحالف "رينو-نيسان" لصناعة السيارات المقال والذي كان ينتظر المحاكمة في اليابان، أعلن عن سفره إلى لبنان، الثلاثاء 31 ديسمبر/كانون الأول، بعد ساعاتٍ من حديث تقارير إعلامية عن مغادرة الرجل الذي يحمل لقب إمبراطور "نيسان" ويحمل الجنسية البرازيلية والفرنسية واللبنانية لليابان رغم القيود الصارمة التي فُرضت على تنقلاته بأوامر قضائية، إذ يعتبر قيد الإقامة الجبرية انتظاراً لمحاكمته.
من هو كارلوس غصن؟
كارلوس غصن من مواليد البرازيل عام 1954 هو ابن مهاجر لبناني، ولد في 9 مارس/آذار في بورتو فاليو البرازيلية، وكان جده بشارة غصن قد هاجر إلى البرازيل وهو صغير وعمل كمتعهد للمواد الغذائية وأصبح رئيساً لعديد من الشركات في مجالات تجارة المطاط وغيرها.
بسبب مشاكل صحية وهو صغير عادت والدة كارلوس إلى لبنان مع أخته، حيث أكمل المرحلة الإعدادية ثم سافر إلى فرنسا حيث أكمل تعليمه وتخرج من كلية الهندسة.
وبدأ كارلوس مشواره المهني في شركة ميشلان لصناعة إطارات السيارات منذ عام 1978 وظل بها 18 عاماً، حيث أصبح مديراً لأكبر مصانع الشركة وبعدها انتقل إلى شركة رينو للسيارات عام 1996 كنائب للمدير التنفيذي وحقق نقلة كبيرة في أداء رينو وهو نفس ما حققه مع ميشلان.
علاقة كارلوس بعملاق صناعة السيارات اليابانية نيسان بدأت منذ عام 1999، عندما اشترت رينو 36.8% من أسهم نيسان لينطلق تحالف بينهما ويتولى غصن منصب المدير التنفيذي للشركة التي كانت تعاني من شبح الإفلاس لينقل الشركة نقلة جبارة أيضاً.
أطلق على كارلوس غصن ألقاب كثيرة منها "السيد حلال المشاكل" وهو يعتبر واحداً من أكثر المدراء التنفيذيين احتراماً حول العالم وسعت شركتا جنرال موتورز وفورد لاستقطابه ليعمل لديهما أكثر من مرة.
لماذا تمت إقالته وما التهم التي يواجهها؟
إذا كان غصن رجلاً ناجحاً بهذا الشكل الاستثنائي، فلماذا إذن أقالته نيسان؟ ترجع الإجابة إلى أكثر من عام مضى وتحديداً في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، حين ألقت السلطات اليابانية القبض على غصن بشكل مفاجئ لدى وصوله إلى اليابان في طائرة خاصة.
التهم التي وجهت له هي عدم الإفصاح عن كامل دخله واستغلال منصبه كرئيس لمجلس إدارة نيسان لتحقيق أرباح شخصية، وبعد ذلك بثلاثة أيام أقالته نيسان من منصبه، وتلا ذلك إعلانه عن الاستقالة من منصبه في رينو كما أقالته ميتسوبيشي أيضاً من منصبه (الرجل كان يشغل مناصب قيادية في تلك الشركات الثلاث إضافة لشركة أفتوفاز الروسية).
فريق الدفاع عن غصن أنكر الاتهامات الموجهة لغصن واتهموا المحققين اليابانيين بالعمل مع الحكومة لمنع استحواذ رينو على نيسان، أي أن الاتهامات سياسية من وجهة نظرهم، ودللوا على ذلك برفض إطلاق سراحه بكفالة واستمرار احتجازه لمدة 108 أيام.
خرج غصن بكفالة في مارس/آذار 2019، ثم قبضت عليه السلطات اليابانية مرة أخرى فجأة وظل حتى أبريل/نيسان حين أطلق سراحه بكفالة وبشروط صارمة تمنعه من مغادرة اليابان حتى موعد محاكمته الذي لم يتحدد حتى الآن.
كيف إذن غادر اليابان وماذا قال في بيروت؟
الطريقة التي غادر بها غصن اليابان، بحسب التقارير الإعلامية حتى الآن حيث لم يفصح هو عن التفاصيل، تشبه ما نشاهده في أفلام الحركة الهوليوودية، حيث تم إخراجه من اليابان من خلال صندوق خشبي على متن طائرة، حيث وصل إلى تركيا ومن هناك استقل طائرة خاصة إلى لبنان.
السلطات اليابانية من جانبها قالت إنه غادر البلاد مستخدماً جواز سفر مزوراً، بينما امتنعت السفارة اليابانية في بيروت عن التعليق.
غصن لم يعتبر نفسه هارباً من العدالة، بل قال أنه فرَّ من الظلم: "لم أفر من العدالة.. لقد فررت من الظلم والاضطهاد السياسي"، مضيفاً أنه "لم يعد رهينة لنظام قضائي ياباني مزور حيث يتم افتراض الذنب"، وأضاف أن بإمكانه "أخيراً، التواصل بِحرية مع وسائل الإعلام".
لماذا لم يتوجه إلى فرنسا أو البرازيل؟
اليابان لا تملك معاهدة لتسليم المجرمين مع لبنان، بحسب وزارة العدل اليابانية، وهو ما يجعل من غير المرجح أن يُجبَر على العودة إلى طوكيو لمحاكمته.
لكن هل يمكن أن يكون لوجوده في بيروت علاقة ما بالظروف التي تمر بها لبنان من حراك شعبي وأزمة اقتصادية خانقة؟ ربما يبدو الربط مستبعداً إلى حد كبير في ظل الظروف الخاصة جدا التي أجبرت غصن على العودة للبنان الآن، لكن لا أحد يدري والأيام القادمة كفيلة بكشف تفاصيل تلك القصة الغنية بكل ما هو غريب.