بما أننا مُقبِلون على عام جديد وعقد جديد من الزمن، فإنني لديَّ كثير من الأمنيات المُضحكة المُبكية، التي أتمنى أن تتحقق في العام القادم والعقد القادم، وهي أمنيات سياسية وإعلامية.
أما على المستوى السياسي
فأتمنى أن يمر العام القادم دون أن يعلن خليفة حفتر عن ساعة جديدة لدخول طرابلس، وألا يعلن عن مؤتمر دولي لإنهاء الأزمة الليبية ويزيد الطين البلة؛ بل أن يكون هناك مؤتمر ليبي جامع بين جميع الأطراف الليبية من تلقاء أنفسهم، فالأزمات الداخلية لا تُحَل خارجياً.
أتمنى أيضاً ألا يحدث أي انقلاب عسكري جديد، أو تظهر أي حركة انفصالية في الوطن العربي، حتى لا يجد حكام أبوظبي من يدعمون فيخصصوا أموالهم لتنمية الأوطان بدلاً من تدميرها، وألا تصل الصواريخ الحوثية الباليستية إلى الرياض، فتتهم الرياض طهران ويبدأ صراع الضراير بين الدولتين الإسلاميتين الكبيرتين، وأن تحدث مصالحة سياسية بين اليمنيين من جهة وطهران والرياض من جهة أخرى.
أتمنى أيضاً، وهو رجاء خاص من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ألا يتكلم طوال العام الجديد، ولا يعقد أي مؤتمر للشباب، ما الضير أن يأخذ إجازة سنوية من الكلام! فكلما تكلَّم شوَّه صورة مصر الكبيرة جداً وقلل من قيمتها، وهي أكبر من ذلك بكثير.
أتمنى كذلك أن تنتهي شماعة الإخوان التي يعلق عليها الإعلام المصري كل حادثة ومصيبة، فقد أصبحت قديمة جداً، وأتمنى أن يمر العام دون أن يشتم أحمد موسى خصومه، أو أن يصدر عمرو أديب كذبة من كذباته التي أصبحت شهيرة جداً في السوق الإعلامي اليوم.
أتمنى ألا يصدر مجلس الأمن أي بيان شاجب ومندِّد حول إدلب والوضع في سوريا، وألا تستقبل جنيف أي وفد سوري، فقد أثبتت تلك الحلول فشلها، فالحرب الداخلية حلها داخلي فقط بالحوار والتفاوض.
ولديَّ أمنية أخرى وهي أن يحذف الرئيس الأمريكي نفسه من تويتر، فقد غرد كثيراً طوال العام، وكلما غرد هزَّ العالمَ بأَسره، وأتمنى ألا يتوعد مرة أخرى بضرب إيران ولا كوريا الشمالية، فقد ملَّ المُشاهِد من الأفلام والمسلسلات والحروب الوهمية.
أتمنى أن تصاب السياسة الروسية بحالة كُره للجنرالات العرب وللديكتاتوريات، فالدب لديه ميول إلى دعم كل من يقتل شعبه.
الصراع الطائفي في لبنان والعراق أصبح قديماً، وتجاوَزته الشعوب، فعلى السياسيين أن يبحثوا عن كروت أخرى ليلعبوا بها، والرجاء من زعيم حزب الله أن يغير ديكور ظهوره والخطاب والشكل، فقدم أصبح قديماً جداً ولا يليق بالعقد الجديد.
أما على المستوى المغاربي، فأتمنى أن يتم إحياء الاتحاد المغاربي العربي، الذي دخل في غيبوبة منذ سنوات، وأصيب بموت إكلينيكي.
تلك أمنيات مُتتبِّعي السياسة والساسة، أما نحن ككُتَّاب فقد أُصبنا بحالة اكتئاب من كثرة ذكر القتل وأعداد الجرحى وصرخات المعتقلين والنازحين والأعاصير والحوادث والبراكين في أخبارنا ومقالاتي، فلا أتذكر أن كتبت مقالاً أو حررت خبراً دون أن أجد أمامي نكبة أو أزمة عربية، حتى أصبحت لدينا حالة من الكره لسماع الأخبار وتناولها.
لذلك نتمنى أن يطل علينا العام الجديد والعقد الجديد بالأخبار السارة والمُفرحة، حتى ننقلها للمشاهدين، وأن تُحَل الأزمات العربية أو أغلبها على الأقل، وأن يطلَق سراح المعتقلين ويعود النازحون إلى بيوتهم.. ذلك رجاء وأمنية.
الخليج واحد وموحَّد، ومغرب عربي متَّحد، وسوريا متَّحدة، ومصر بكل أطيافها السياسية، واليمن سعيد كما كان، والعراق قد لملم جراحه، ولبنان متنوع ومختلف، وفلسطين لها ظهر يسندها، والمنظمة الإسلامية تضاهي الاتحاد الأوروبي وتدافع عن المسلمين إيغوراً وروهينغا وهنوداً.
فهل تتحقق تلك الأمنيات أم أنها أحلام وتضليل كما قال الشعراء.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.