صلوات ودموع وجثث لم يطالب بها أحد.. آلاف يخلدون الذكرى الـ15 لأسوأ كارثة طبيعية في التاريخ الحديث

سجد آلاف المصلين بمقاطعة أتشيه الإندونيسية في مراسم للذكرى السنوية الـ15 لتسونامي المحيط الهندي، إحدى أسوأ الكوارث الطبيعية في التاريخ الحديث.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/12/26 الساعة 19:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/26 الساعة 19:32 بتوقيت غرينتش
تسبَّب حائط الماء الهائل في قتل ما يقرب من 230 ألف شخص بعشرات الدول/ Istock

سجد آلاف المصلين بمقاطعة أتشيه الإندونيسية في مراسم، الخميس 26 ديسمبر/كانون الأول 2019، للذكرى السنوية الـ15 لتسونامي المحيط الهندي، إحدى أسوأ الكوارث الطبيعية في التاريخ الحديث، وفق ما ذكره موقع CBS News الأمريكي.

انطلق تسونامي يوم 26 ديسمبر/كانون الأول عام 2004، بسبب زلزال بقوة 9.1 ريختر بمحاذاة جزيرة سومطرة. وتسبَّب حائط الماء الهائل في قتل ما يقرب من 230 ألف شخص بعشرات الدول، التي كان بعضها على بُعد كبير مثل شرق إفريقيا. أما مقاطعة أتشيه الأقرب إلى الزلزال، فقد تلقَّت أول وأقوى ضربة.

ثلاثة أرباع الضحايا في إندونيسيا

لقي أكثر من 170 ألف شخص حتفهم في إندونيسيا وحدها، وهو ما يمثل ثلاثة أرباع إجمالي عدد القتلى.

تقول نوفا إيريانسياه، حاكمة مقاطعة أتشيه في حفل أقيم ببلدة سيغلي في مقاطعة بيدي: "لا توجد كلمات تصف مشاعرنا عندما رأينا، والدموع في أعيننا، آلاف الجثث ملقاة على هذه الأرض قبل 15 عاماً. والآن يمكننا أن نرى كيف تمكَّن الناس في أتشيه من التغلُّب على المعاناة والنهوض مجدداً، بفضل مساعدة جميع الإندونيسيين والشعوب من جميع أنحاء العالم".

حضر الناجون الباكون وغيرهم الصلوات الدينية والمراسم التذكارية. ووضع أقارب القتلى والزعماء الدينيين والمجتمعيين الزهور على المقابر الجماعية للضحايا في باندا أتشيه، عاصمة المقاطعة.

كذلك، أُغلِقَت المتاجر والمكاتب، ولم يُسمَح للقوارب بالإبحار، ونُكِّسَت الأعلام في جميع أنحاء أتشيه، يومي الخميس والجمعة.

تتكوَّن إندونيسيا، المعرَّضة للكوارث، من أرخبيل شاسع يضم أكثر من 17 ألف جزيرة، يعيش عليها 260 مليون شخص، على طول "حلقة النار"، وهو قوس من البراكين والتصدعات في حوض المحيط الهادئ.

جاءت مراسم الخميس بعد أربعة أيام من الذكرى السنوية لتسونامي مضيق سوندا الذي وقع في العام الماضي، عقب ثوران بركان أناك كراكاتاو وانهياره بشكل جزئي، حيث ضرب التسونامي مناطق بانتيان الساحلية الواقعة في جاوة، الجزيرة الرئيسية بإندونيسيا، وأجزاءً من جزيرة سومطرة الجنوبية، وخلَّفَ أكثر من 400 شخص وإصابة 14 ألفاً.

و8 آلا في تايلاند

في تايلاند، حضر مئات الأشخاص مراسم ذكرى التسونامي السنوية في بان نام خيم، وهي قرية صيد صغيرة فقدت ما يقرب من نصف سكانها البالغ 5 آلاف عندما توالت الأمواج عليها.

توفي أكثر من 8 آلاف شخص في تايلاند أو فُقِدوا خلال تلك الكارثة، وبقيت أجساد ما يقرب من 400 ضحية غير معروفة الهوية، ولم يدَّع أحدٌ أن أياً منها لأحد ذويه.

حضر زوارٌ غربيون وسكانٌ محليون الصلاة في حديقة بان نام خيم لذكرى التسونامي بمقاطعة فانغ نغا، حيث شاهدوا صوراً معروضة للضحايا. وقدَّمَت امرأةٌ تايلاندية قرباناً من طعام للرهبان البوذيين الذين ترأسوا المراسم.

دُمِّرَ مجال السياحة الذي كان مزدهراً ومتمركزاً حول جزيرة فوكيت بسبب الكارثة؛ إذ كان ما يصل إلى نصف الضحايا من الأجانب، لكنه سرعان ما استعاد عافيته ونما بشكل أكبر.

تمكَّن كثير من السكان المحليين من إعادة بناء منازلهم واستعادة وظائفهم، لكنهم لم يتكيفوا بعد مع خسارة أصدقائهم وعائلاتهم.

بينما تركت نيوان تشانثراونغ قرباناً من الزهور على أحد الجدران التذكارية في بان نام خيم، تذكَّرَت رعب فقدان طفليها في هذه المأساة.

قالت لقناة PBS التلفزيونية التايلاندية وهي تذرف الدموع: "أعتقد أنهما لم يموتا في اليوم الذي ضرب فيه التسونامي؛ إذ لم نتمكن من العثور عليهما إلا في اليوم الـ28، ولم يكن جسداهما قد تحللا على الإطلاق. أتخيل كثيراً كم فكرا فيَّ قبل أن يأخذا أنفاسهما الأخيرة. لكننا لم نتمكن من العثور عليهما، ولم نتمكن من مساعدتهما. سيبقى هذا معي. وفي كل مرة أفكر فيهما، أشعر بالألم".

وهناك جثث لم يطالب بها أحد

رسمياً، تراوحت أعداد القتلى في تايلاند بين 8.200 و8.300 إنسان، لكن ثلث ذلك العدد ما زال مفقوداً، دون تأكيد لمصائرهم؛ فعدد غير معروف من الجثث انجرف في البحر، والإخلاء المخصص للسياح الأجانب كان يعني أن البعض على الأقل لم يُؤخذوا في الحسبان قط. 

من غير الواضح أيضاً ما حدث لآلاف من العاملين غير المسجلين من ميانمار، الذين عملوا في وظائف منخفضة الدخل بالمنطقة، قادمين من مناطق نائية وفقيرة لا تملك سبلاً كثيرة للمساعدة في الجهد المبذول في حساب الخسائر.

وفقاً لكيتيبونغ ثونجثيب، عقيد الشرطة، هناك 394 جثة لم يطالب بها أحد في مقبرة ضحايا تسونامي في بانغ نغا، حيث تحمل شواهد القبور البيضاء أرقاماً لا أسماء.

يقول كيتيبونغ، الذي أشرف على المقبرة بحكم أنه من الشرطة المحلية، إن 25 جثة تأكَّد أنها لعاملين مهاجرين من ميانمار، لكن لم يتمكنوا من تحديد هويتها بشكل أدق. ولا توجد أدلة على هويات 369 آخرين. يتابع: "لا أعتقد أننا سنتمكن من إثبات أصحاب هذه الجثث. لقد مضت 15 سنة الآن، ولم يعد أحد يأتي بحثاً عن عزيز مفقود".

تحميل المزيد