من يحكم العراق مرشح المتظاهرين أم إيران؟ قرار مفاجئ للصدريين يضطر رئيس البلاد للاستعانة بالمحكمة العليا للخروج من الأزمة

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/22 الساعة 16:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/22 الساعة 20:18 بتوقيت غرينتش
الزعيم الشيعي مقتدى الصدر/رويترز

يبدو أن مهمة الرئيس العراقي برهم صالح، في اختيار شخصية لتشكيل الحكومة، تزداد تعقيداً، في ظل صراع تحالف الفتح الجناح السياسي للحشد الشعبي والمقرب من إيران، مع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ورفض الأخير لتولي شخصية حزبية للمنصب.

وبلغ الصراع السياسي القائم حالياً بين تحالفي سائرون التابع لمقتدى الصدر والفتح الجناح السياسي للحشد الشعبي على اختيار رئيس الوزراء حداً وضع الرئيس العراقي برهم صالح في موقف محرج، مما دفع إلى تقديم طلب إلى المحكمة الاتحادية لتعريف الكتلة الأكبر، هل هي الفائزة بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية (كتلة التيار الصدري)، أم التي تشكل في مجلس النواب بعد الانتخابات البرلمانية (كتلة الفتح بعد توسعها).

نقطة الخلاف الرئيسية بين الصدر والحشد

الصدر يرى اختيار شخصية متحزبة لمنصب رئيس الحكومة العراقية، سيعطي الضوء الأخضر والشرعية لإيران وأمريكا والدول الإقليمية للتدخل في الشأن العراقي.

ويقول مسؤول في الهيئة السياسية المجمدة للتيار الصدري لـ"عربي بوست"، إن "تحالف سائرون الذي يقوده التيار الصدري قدم طلباً إلى رئيس الجمهورية يعلن فيه تنازله عن حقه الشرعي في اختيار شخصية مناسبة لرئيس وزراء العراق، إلا أن القوى السياسية الأخرى تحاول استغلال هذا الأمر ودفع العراق إلى الهاوية باختيارها شخصية متحزبة موالية لدول المنطقة".

وأضاف "أن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ترك مهمة اختيار شخصية مستقلة لرئاسة الوزراء إلى رئيس الجمهورية، هو صاحب الكلمة بحسب الدستور في تكليف الشخصية التي يجدها مناسبة للمنصب".

ولفت إلى أن عمل الحكومة المقبلة يقتصر على إدارة الحكومة الانتقالية لحين إجراء انتخابات مبكرة بإشراف الأمم المتحدة.

وبشأن تواجد مقتدى الصدر في مدينة قم الإيرانية، أكد المصدر أن تواجد الصدر في إيران ليس له علاقة بالصراعات السياسية وتشكيل الحكومة، إنما تواجده لغرض الدراسة الحوزوية، وإكمال البحث الخارجي لإعلان اجتهاده الديني.

المحتجون أصبجوا طرفاُ أساسيا في عملية اختيار رئيس الحكومة

أما رئيس كتلة بيارق الخير محمد الخالدي يقول لـ"عربي بوست"، بأن "القوى السياسية جمعت 170 توقيعاً، قدمت طلباً إلى رئيس الجمهورية بترشيح الوزير الأسبق محمد توفيق علاوي وتكليفه بتشكيل الحكومة العراقية كان عضواً بكتلة إياد علاوي التي توصف بالليبرالية)، بالإضافة إلى ترشيح الفريق عبدالغني الساعدي، والفريق عبدالوهاب الساعدي، ومحافظ البنك المركزي الأسبق سنان الشبيبي، والقاضي رحيم العكيلي.

وقال إن المرشحين الخمسة يحظون بقبول لدى المتظاهرين وساحات الاحتجاج، إلا أن محمد علاوي الأكثر حظاً في الوقت الراهن لتولي رئاسة وزراء العراق.

وأضاف "أن هؤلاء الـ170 نائباً هم حالياً يمثلون الكتلة الأكبر في مجلس النواب، وبالتالي على رئيس الجمهورية تكليف أحد هؤلاء المرشحين الخمسة بتشكيل الحكومة".

ولكن البعض طرح أسماء أكاديميين غير سياسيين

من جهتها طرحت بعض القوى السياسية ترشيح شخصيات أكاديمية متحزبة غير ظاهرة لوسائل الإعلام، أبرزها رئيس جامعة بغداد عماد الحسيني.

ويقول مصدر سياسي مطلع لـ"عربي بوست"، حددت بعض القوى السياسية توجهاً لاختيار شخصيات أكاديمية لمنصب رئاسة الحكومة تحت ضغط واقع أن المتظاهرين وساحات الاحتجاج ترفض أن يتولى المنصب شخصية متحزبة ولها منصب حكومي سابق.

وطرحت بعض القوى السياسية في اجتماع ليلة الجمعة الماضية، رئيس جامعة بغداد عماد الحسيني مرشح تسوية لرئاسة الوزراء، بالإضافة إلى شخصيات أكاديمية أخرى وأساتذة في جامعة بغداد والمستنصرية والكوفة. 

إلا أن هذا لا ينهي الخلاف السياسي والصراع الحزبي بين التيار الصدري والحشد الشعبي على رئاسة الحكومة العراقية.

مرشح الرئيس العراقي

في مواجهة هذا الصراع، فإن الرئيس برهم صالح، قد يكلف شخصية اسمها غير  مطروح بالإعلام لتشكيل الحكومة خلال الأسبوع الحالي، بحسب مسؤول في مكتبه.

ويقول المسؤول رفض ذكر اسمه لـ"عربي بوست"، إن "قادة الأحزاب والكتل السياسية يعقدون اجتماعات متواصلة مع رئيس الجمهورية في قصر السلام وسط المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد، لاختيار شخصية تلبي طموحات المتظاهرين ورغبات ساحات الاحتجاج لتشكيل الحكومة المقبلة".

رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي مع الرئيس العراقي برهم صالح/رويترز

وأوضح المصدر أن الرئيس برهم صالح التقى بقيادات تحالف البناء وأبلغهم نتائج اجتماعه بعدد من المتظاهرين والناشطين المدنيين وتعبيرهم عن رفضهم لاختيار وزير التعليم العالي قصي السهيل ووزير الشباب والرياضة السابق عبدالحسين عبطان ووزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء.

ويذكر أن رئيس الجمهورية العراقي، قد طلب في 15 ديسمبر/كانون الأول 2019، من رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي تسمية الكتلة النيابية الأكبر، التي سجلت في الجلسة الأولى لمجلس النواب، بهدف تقديم اسم مرشحها ليكلف بتشكيل الحكومة الجديدة قبل انتهاء مهلة الـ15 يوماً بحسب الدستور العراقي.

ويبدو أن الرئيس قد ينتظر رأي المحكمة العليا بشأن تحديد مفهوم الكتلة الأكبر هل كتلة التيار الصدري التي لا تريد شخصية حزبية وتركت تحديد الاسم لبرهم صالح، مما قد يمكنه من اختيار شخصية تكنوقراط ترضي المتظاهرين أم كتلة الفتح الجناح السياسي للحشد، والتي تشكلت بعد الانتخابات والتي طرحت قائمة من المرشحين التي سيرفضها المتظاهرون في الأغلب.   

تحميل المزيد