تربط البشر بالحليب علاقة فريدة من نوعها، لكن دراسات جديدة تحذر من كثرة تناول الحليب ومخاطر الإصابة بأمراض القلب، نظراً لاحتوائه على دهون مشبعة.
فالحليب يلعب دوراً محورياً في حياة جميع الثدييات منذ لحظة الولادة، لكن البعض يقولون إن شرب حليب الأنواع الأخرى من الثدييات ليس ضرورياً ولا طبيعياً ولا صحياً.
كثرة تناول الحليب تضر بالقلب
وفي إحدى الدراسات التي نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية BBC، قسم الباحثون المشاركين إلى أربع مجموعات بحسب كمية الحليب التي يشربونها، ولاحظوا أن الأشخاص الأكثر استهلاكاً للحليب كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب.
المتخصصة في دراسة تأثير الأغذية على الصحة والأمراض، جيركيا فيرتانين، تعزو هذه العلاقة إلى أن الأشخاص الذين يكثرون من شرب الحليب لا يتبعون نظاماً غذائياً صحياً.
وتقول فيرتانين إن الحليب لا يضر بصحتنا إلا إذا أفرطنا في استهلاكه، لكن الاعتدال في استهلاك الحليب لا ضرر منه.
ويرى بعض الخبراء أن الأشخاص الذين يعانون من حساسية اللاكتوز بإمكانهم تناول كميات ضئيلة من حليب الأبقار، لأن الأعراض الجانبية التي يسببها لهم شرب الحليب، مثل الانتفاخ وتقلصات المعدة، قد تكون استجابة لتراكم اللاكتوز في الجسم.
مع العلم أن كمية اللاكتوز التي تسبب أعراض الحساسية تختلف من شخص لآخر. أما نسبة الدهون في الحليب كامل الدسم فتبلغ نحو 3.5%، في حين أنها لا تتعدى 0.3% في الحليب خالي الدسم.
وأجرى كريستوفر غاردنر، عالم تغذية بمركز أبحاث الوقاية بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا، دراسة قارن فيها بين أعراض حساسية اللاكتوز لدى بعض الناس بعد شرب كوبين من حليب الصويا أو الحليب العادي يومياً، ويقول إن الكثير من المصابين بحساسية اللاكتوز يمكنهم تحمل كميات معتدلة من منتجات الألبان.
ولم يتم حتى الآن إلا القليل من الأبحاث عن تأثير بدائل الحليب على صحتنا، لكن التنوع في أنواع الحليب على أرفف متاجر البيع بالتجزئة يدل على زيادة الطلب على بدائل الحليب المصنوعة من الصويا واللوز والكاجو والبندق وجوز الهند والمكاديميا والأرز وألياف الكتان والشوفان والقنب.
وتُعالج المكونات الأساسية التي تصنع منها بدائل الحليب، وتخفف بالماء وتضاف إليها عوامل مثبتة مثل صمغ الخروب.
لكن هل هناك فوائد صحية حقيقية لبدائل الحليب، وهل يمدّنا حليب الأبقار بالعناصر الغذائية الضرورية التي لا يمكن الحصول عليها من مصادر أخرى؟
يمكن الحصول على الحليب من بدائل أخرى مثل:
- حليب الصويا: يُعّد أحد بدائل الحليب، ويمتاز بعدم احتوائه على الدهون المشبعة، كما أنّه غني بالبروتين، ويتم الحصول عليه من خلال نقع فول الصويا، وطحنه بالماء للحصول على سائل حليبي.
- حليب اللوز: يُعتبر خفيف السعرات والدهون المشبعة، وغنياً بفيتامين هـ، والكالسيوم، ويتم تحضيره عن طريق نقع اللوز المطحون.
- حليب جوز الهند: يحتوي حليب جوز الهند على كميات جيدة من الفسفور، والبوتاسيوم، والألياف، وهو أحد بدائل الحليب.
أضرار الإفراط في تناول الحليب
- احتمالية التسبب بكسور العظام
على الرغم من أنّ الحليب يُعدّ من أكثر الأطعمة الغنية بالكالسيوم، إلّا أنّه يحتوي على موادّ أخرى يجب استهلاكها باعتدال، ومن أهمّها سكر الغلاكتوز، والذي وُجد أنّه يحفز الإجهاد التأكسدي والالتهاب المزمن عند الحيوانات.
ويرتبط ذلك بالإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وخسارة العظام والعضلات، والسرطان.
وفي إحدى الدراسات التي
ضمّت 60,000 امرأة يتراوح عمرهن بين 39-74 سنة، و45,000 رجل يتراوح عمرهم بين
45-79 سنة، تبين أنّ شرب 3 أكوابٍ أو أكثر من الحليب ارتبط بالكسور وكسر الحوض.
وقد استمرت هذه
الدراسة على
مجموعة الرجال 22 سنة، وعلى مجموعة النساء 13 سنة.
وعلى الرغم من ذلك فقد أشار الخبراء إلى أنّ الأدلة على ذلك غير مؤكدة.
فعلى سبيل المثال لم تُعرف مستويات فيتامين د عند الأشخاص الذين شاركوا في الدراسة؛ إذ إنّ فيتامين د يساعد على امتصاص الكالسيوم من الغذاء، ويحافظ على مستويات هذا المعدن في الدم، ولذلك فإنّ نقصه يمكن أن يسبّب ضعف العظام، ولذلك ما زالت هناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الدراسات لتأكيد ذلك.
- عدم تحمل اللاكتوز
إنّ أهمّ نوعٍ من
السكريات الموجودة في الحليب اللاكتوز، ويستطيع
البشر منذ
سنّ الرضاعة إنتاج إنزيمٍ يُسمّى اللاكتاز، والذي يستطيع تحطيم اللاكتوز.
ولكنّ 75% من الأشخاص في العالم يفقدون القدرة على إنتاج هذا الإنزيم عندما
يكبرون، ممّا يسبب إصابتهم بحالةٍ تُسمّى عدم تحمل اللاكتوز، وقد يؤدي شرب
المصابين بهذه الحالة للحليب إلى المعاناة من بعض الأعراض، ومنها: الغثيان،
والإسهال، والتقيؤ، وغيرها.
- الحساسية
يعاني بعض الأشخاص من حساسية تجاه الحليب، وهي حالةٌ مختلفة عن عدم تحمل اللاكتوز التي سبق ذكرها؛ إذ إنّ هذه الحالة تسبّب إنتاج جهاز المناعة لأجسام مضادة تُسمّى الغلوبولين المناعي هـ (IgE).
وقد تسبب الحساسية اتجاه الحليب البقريّ بعض الأعراض، ومنها: الإكزيما، والتقيؤ، والإسهال، والاضطرابات الهضمية، وقد تؤدي أيضاً إلى التهاب الأنف، والطفح الجلدي، وفي بعض الحالات الشديدة قد يصاب الشخص بالنزيف، والتهاب الرئة، وصدمة الحساسية.
- زيادة السعرات الحرارية
قد يسبب شرب كمياتٍ كبيرةٍ من الحليب كامل الدسم استهلاك كمياتٍ كبيرةٍ من السعرات الحرارية، إذ إنّ الكوب الواحد من الحليب كامل الدسم يحتوي على 149 سعرة حرارية، ولذلك فإنّ شربه يؤدي إلى زيادة الوزن، في حين إنّ الكوب الواحد من الحليب خالي الدسم يحتوي على 91 سعرة حرارية فقط.
كما أنّ هناك بعض أنواع الحليب المنكهة، أو التي تحتوي على السكر المضاف، والسكريّات المصنّعة، وغيرها من الإضافات، والتي قد لا تكون صحيّة، ولذلك يُنصح باختيار أنواع الحليب الأكثر صحّة، وذلك بقراءة الملصق على العلب قبل شرائها.