أضرم متظاهرون عراقيون، مساء اليوم الأربعاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، النيران بمبنى القنصلية الإيرانية في مدينة النجف، وهو ما استدعى تدخلاً كبيراً من قوات الأمن، ثم تدخل الجيش الذي عزل المدينة عن بقية العراق.
وقال ضابط شرطة برتبة ملازم أول في شرطة النجف لوكالة الأناضول – لم تذكر اسمه – إن "المئات من المتظاهرين أضرموا النيران بالقنصلية الإيرانية في مدينة النجف وسط شعارات منددة بطهران".
وأشار المصدر نفسه إلى أن قوات مكافحة الشغب لم تتمكن من السيطرة على الحشود وهو ما دفعها للتراجع، مشيراً إلى أن فرق الدفاع المدني تحاول إخماد النيران.
وانتشرت على مواقع التواصل مقاطع فيديو تُظهر لحظة إضرام النار بمبنى القنصلية الإيرانية، في حين أظهرت مقاطع أخرى تدخُّل قوات الأمن واستهداف المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع.
وحتى الساعة الـ19:30، لم يصدر أي تعليق رسمي من إيران على حرق قنصليتها في النجف.
وعلى إثر إحراق القنصلية، تدخلت قوات الجيش وأغلقت جميع مداخل ومخارج النجف، وقال ضابط برتبة رائد في قيادة عمليات الفرات الأوسط (التابعة للجيش) طلب عدم الإشارة لاسمه، لوكالة لأناضول، إن "قيادة عمليات الفرات الأوسط قررت عزل المدينة عن بقية مناطق البلاد".
وأوضح المصدر أن قوات الجيش لا تسمح بدخول السيارات إلى المدينة أو الخروج منها، وسيتم تطبيق هذا الإجراء حتى إشعار آخر لحين تهدئة التوتر في المدينة.
من جهته، أفاد مصدر طبي في مستشفى النجف التعليمي في تصريح لوكالة الأناضول – لم تذكر اسمه – بأن "الفرق الصحية سجلت إصابة 32 متظاهرا بجروح خلال مواجهات مع قوات مكافحة الشغب قبل اقتحام وإحراق مبنى القنصلية الإيرانية في المدينة".
وأوضح المصدر أن "غالبية الإصابات جاءت نتيجة إطلاق الغازات المسيلة للدموع بالإضافة إلى التدافع بين المحتجين أثناء اقتحام مبنى القنصلية".
رمزية مهمة للمدينة
وتعتبر النجف من المدن المقدسة لدى المسلمين الشيعة وهي مكان إقامة المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، الذي عبر أكثر من مرة عن دعمه لمطالب الاحتجاجات الشعبية.
وكان محتجون قد حاولوا مراراً اقتحام القنصلية الإيرانية في كربلاء المجاورة دون جدوى.
ويرى المتظاهرون العراقيون أن إيران تتحمل جزءاً من مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي وصل إليها بلدهم، ويقولون إن طهران تسيطر على مفاصل مهمة في الدولة منحتها سلطة اتخاذ قرارات انعكست على العراقيين.
كما يتهم المتظاهرون إيران بأنها تُحرك ميليشيات تابعة لها، لقمع الاحتجاجات الضخمة المُشتعلة في محافظات عراقية عدة.
ويأتي حرق القنصلية الإيرانية، في حين جدد متظاهرون بمدن عراقية عدة إغلاق معظم الطرق الرئيسة؛ للاستمرار في الإضراب العام الذي دعت إليه تنسيقيات المتظاهرين، في حين تمكنت السلطات من فتح عديد منها.
والأسبوع الماضي، دعت تنسيقيات الاحتجاجات في العراق إلى تنظيم إضراب عام بالمدن، للضغط على الجهات المعنية، لتنفيذ مطالب المتظاهرين.
إغلاق وقطع للشوارع
وقالت وكالة الأناضول إن عديداً من الطرق والشوارع الرئيسية، في محافظات النجف وبابل والديوانية وكربلاء والمثنى وميسان (جنوب العراق)، أغلقها المحتجون صباح اليوم الأربعاء، وأعادت القوات الأمنية فتحها.
وتشهد بغداد ومحافظات أخرى في الوسط والجنوب احتجاجات غير مسبوقة ضد الحكومة، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف واسعة النطاق خلفت 347 قتيلاً على الأقل و15 ألف جريح، وفق إحصاء أعدته الأناضول، استناداً إلى أرقام لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، ومفوضية حقوق الإنسان (رسمية تتبع البرلمان)، ومصادر طبية وحقوقية.
والغالبية العظمى من الضحايا من المحتجين الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران، وفقاً لوكالة الأناضول.
وطالب المحتجون في البداية بتأمين فرص عمل وتحسين الخدمات ومحاربة الفساد، قبل أن تتوسع الاحتجاجات بصورة غير مسبوقة وتشمل المطالب رحيل الحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد.
ويرفض رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي الاستقالة، ويشترط أن تتوافق القوى السياسية أولاً على بديل له، محذراً من أن عدم وجود بديل "سلس وسريع"، سيترك مصير العراق للمجهول.