كيف يكافأ شخص ما على الفشل؟
سؤال عجز الجميع عن إيجاد إجابته حتى أتى السيد جوسيب ماريا بارتوميو رئيس النادي الكتالوني، والذي لم يكتفِ بالتعاقد مع مدرب محدود القدرات مثل إرنستو فالفيردي، بل منحه عقداً حتى يونيو/حزيران 2020 بإمكانية التمديد لعام إضافي أيضاً.
بالمناسبة، لا تندهش إن تم تفعيل هذا الشرط بنهاية الموسم مهما كان حجم الفضيحة المقبلة، الرجل قد صمد بعد فضيحتين يندى لهما جبين كرة القدم بالفعل.
لكن ما المشكلة في فضيحة ثالثة؟ ليونيل ميسي يدعمه في نهاية المطاف، يدعمه بكل الأشكال الممكنة.
ميسي لا يكتفي بتلك التصريحات الجوفاء التي يطلقها من حين لآخر عن "مسؤولية اللاعبين عما حدث في أنفيلد" وما إلى ذلك، بل يواصل تعبئة تلك المباريات التي لا يملك أدنى أحقية في الفوز بها.. لم يفعل بها شيئاً بمعنى الكلمة سوى أنه وضع ميسي في التشكيل الأساسي، هذا هو الدعم الحقيقي.
حسناً أنت ميسي، لا يمكننا المساس بك، ولكن بعد تكرار الأمر أمام روما وليفربول علينا أن نوقفك لوهلة ونتساءل عما يحدث حقاً، لا يمكن أن تخرج بنفس السيناريو مرتين على سبيل المصادفة، ربما يكون هناك –لا سمح الله- خطباً ما يجب معالجته.
هناك مشاهد معينة ومكررة وبديهية، إن كنت تتذكر هاتين الليلتين جيداً يمكنك إيجاد الربط بسهولة، قبل هدف روما الثالث مباشرةً، حين سحب إنييستا ودفع بأندريه جوميش، الرجل على بعد هدف واحد من إقصاء فضائحي، ولكنه لا يفكر سوى في أن "2-0" تكفيه للتأهل، فجأة أتى الثالث، وفجأة اكتشف أن لديه بدلاء غير جوميش، فجأة اضطر للنظر صوبها ليكتشف وجود ألكاسير وديمبيليه.
هل تذكر تشكيل مباراتي روما؟ لدينا مسابقة صغيرة قواعدها بسيطة للغاية، في المرحلة الأولى ستوجد الاختلافات بين التشكيلين، وفي المرحلة الثانية، ستفعل الشيء نفسه مع تشكيل مباراتي ليفربول. نتفهم هذا الأمر جيداً، إن كنت مدرباً لا تعرف ما الذي تفعله تحديداً لتفوز ستترك الأمور كما هي خوفاً من العبث بشيء ما يتضح لاحقاً أنه سر انتصاراتك، هذا يسير على التشكيل، ولكن التبديلات.
في الذهاب إلى كامب نو قرر فالفيردي سحب كوتينيو وإشراك سيميدو، والنتيجة تشير إلى تقدمه بهدف نظيف، ففاز بثلاثية نظيفة. في إياب أنفيلد الشهير كانت النتيجة تشير إلى تأخره بثلاثية نظيفة، ماذا سنفعل الآن؟ سنسحب كوتينيو ونشرك سيميدو، هل تريد التفكير حقاً؟ حسناً لقد نسيت إخبارك بشأن الجولة الثالثة من مسابقتنا.. علل ذلك!
الآن سنتهم بالتجني، سيشهر الأنصار بطاقة الفوز بالليغا لموسمين على التوالي، والحقيقة لا يوجد شيء لفعله هنا سوى توجيه خالص الشكر لريال مدريد على حسن التعاون، ريال مدريد الذي جمع 68 نقطة في الموسم الماضي على سبيل المثال! برشلونة فاز بالليغا بـ87 نقطة، أي خسر 27 نقطة فقط، هل تعلم كم خسر ثنائي صراع البريميرليغ مانشستر سيتي وليفربول معاً؟ 33 نقطة، 16 و17 على الترتيب.
أغلق أعينك الآن وتذكر هذا الموسم.. 2008-2009، ريال مدريد يحقق 96 نقطة في رقم قياسي غير مسبوق له آنذاك، لكنه لم يتوّج، لأن برشلونة جمع 99 نقطة. والآن مفاجأة، برشلونة لا يزال متصدراً في هذا الموسم الثالث، والسبب لا يزال كما هو، ريال مدريد يشاطره 25 نقطة بعد 12 جولة.
هل تعلم ما الذي تطلّبه الأمر من ليفربول ليحقق شيئاً مشابهاً في البريميرليغ؟ 11 فوزاً وتعادلاً وحيداً، 34 نقطة. التحليلات الآن تتحدث عن احتمالات كون هذا الموسم الأخير لغوارديولا، لأنه بدأ يعجز عن إضافة المزيد في تجربة سيتي الحالية، لماذا؟ لأنه يملك نفس النقاط الـ25، ولكنه في المركز الرابع.
الوضع كالتالي اختصاراً، إدارة لا تريد سوى مدرب أليف كي تفعل ما تشاء دون ضجيج، تضم كوتينيو كي يصبح بديل نيمار، أو إنييستا، لا نعلم حتى الآن، فلا يفلح في هذا ولا ذاك.. تضم جريزمان دون أدنى تخطيط، ويتوه المدرب بحثاً عن طريقة لتوظيفه، وكأنه يجيد توظيف من يملكهم بالفعل.
على الجانب الآخر، هناك اللاعبون، الذين باتوا في غاية الوضوح بشأن توطيد قواهم داخل غرف الملابس، قواهم التي تصب في مصلحة بقاء هذا الشخص فقط، لأنه "مريح" بالنسبة لهم، تكتل صار أشبه بمجموعة "المعلمين" الشهيرة التي أطاحت بمورينيو من تشيلسي في 2015 مثلاً، ليتحول برشلونة إلى نسخة أقل حدة من الزمالك المصري في حقبة 2005 السوداء لمن يتذكرها.
إدارة لا تملك أدنى فكر كروي، آخر همها الضرورات الفنية أو الاعتماد على "أستغفر الله العظيم" الإحصائيات والتحليلات، ومدرب بلا مقومات، فقط يحافظ على مقعده، لأنه لا يضايق الإدارة أو اللاعبين ولا يتخذ قراراً له قيمة فعلية، كل ما بقى هو إقالته اضطرارياً في يوم ما والإتيان بمدرب لا يعجب اللاعبين فيقررون الخسارة أمام "المنصورة" الذي حسم هبوطه. نعلم أنه مثال متطرف للغاية، ولكن برشلونة يتجه نحوه من بعيد بخطوات ثابتة.. الفارق الأبرز بين النموذجين أن أحدهما لديه ميسي والآخر شيكابالا!
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.