يعارض هاني المصري، الخبير والمحلل السياسي الفلسطيني، إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة، قبل إنهاء الانقسام السياسي.
وفي حال عقدها، فإن المصري يتوقع خمسة سيناريوهات، سينجم عنها نتائج "سلبية" لن تكون في صالح القضية الفلسطينية.
ويترأس المصري المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، في مدينة رام الله بالضفة الغربية.
وأعلنت حركة حماس، مؤخراً، موافقتها على عقد الانتخابات الفلسطينية العامة، رداً على رسالة بعث بها الرئيس عباس للفصائل بهذا الخصوص.
وعقدت آخر انتخابات رئاسية في 2005، بينما أجريت آخر انتخابات تشريعية 2006.
ويؤكد "المصري"، في حوار خاص مع وكالة الأناضول، أن إنهاء الانقسام الفلسطيني هو المدخل الصحيح لإجراء الانتخابات وليس العكس.
ويضيف: "من أجل نجاح الانتخابات يجب أن تراعي الشروط الاستثنائية التي تمر بها فلسطين؛ أولاً وجود الاحتلال الإسرائيلي، وتأثيره على الانتخابات بكل مراحلها (الدعاية، والترشيح، والنتائج، وإمكانية منعها كلها)".
ويكمل: "يجب أن نتعامل مع هذا الواقع بكل جدية، للحد من تأثيرها، لا القفز عنها".
كما يشير إلى أن مظاهر الانقسام الحالي ستؤثر على إمكانية إجراء الانتخابات، مضيفاً: "بالضفة سلطة عميقة تقابلها سلطة عميقة في غزة، لكل منهما أمن وجمهور وقضاء ووسائل إعلام… إنهاء الانقسام بداية الطريق نحو الانتخابات الحرة والنزيهة، وليس العكس".
وأكمل: "انتخابات دون توافق، تُعمّق الانقسام".
وفي حال إجراء الانتخابات، يتوقع مدير مركز "مسارات" خمسة سيناريوهات، قد لا تكون نتائجها في صالح القضية الفلسطينية.
السيناريو الأول: فوز حركة "حماس"
يقول المصري: "قد تحصل حركة حماس على أغلبية في المجلس التشريعي، ويكون لها الحق في تشكيل حكومة ترأسها، فهل يُسلّم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحركة فتح بهذه التنحية؟".
ويضيف: "إذا سلّمت فتح وعباس بتلك النتيجة، هل تسلم بها إسرائيل، وتقبل بحركة حماس، حليف إيران وحزب الله، بالحكم في الضفة الغربية".
ويتوقع المصري أن ترفض السلطة الفلسطينية تسليم الحكم لحركة حماس، بذريعة ارتهانها لجماعة الإخوان المسلمين.
أما إسرائيل فستعتقل النواب إن لم تقم باعتقال مرشحي حماس قبل الانتخابات، بحسب المصري.
السيناريو الثاني: فوز حركة فتح
ويرى المصري أن السيناريو الثاني يتمثل بفوز حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني "عباس".
وفي هذه الحالة، يتساءل المصري قائلاً: "هل تقبل حركة حماس، وتتخلى عن قطاع غزة؟".
وأضاف: "وفي حال قبلت حركة حماس، ما هو مصير سلاح المقاومة؟ وهل تطبق السلطة شعاراتها حول سلطة واحدة وسلاح واحد؟".
ويتوقع في هذه الحالة حدوث "صدام كبير وسنشهد ازدواجية للحكم، ومزيداً من تكريس الانقسام، وقد ترفض حركة حماس النتائج، وتطعن بها".
ويرى المصري أن مسألة "سلاح المقاومة" تحتاج إلى البحث والنقاش، قبل عقد الانتخابات للاتفاق عليها.
السيناريو الثالث: حدوث مفاجآت
على غرار ما حصل في الانتخابات التونسية، يقول المصري، إن السيناريو الثالث، يتمثل بحدوث مفاجأة، تكسر الاستقطاب الثنائي الحاد بين حركتي "فتح"، و "حماس"، بحيث تحصل أحزاب أو شخصيات من خارج الحركتين على الغالبية.
لكن المصري يرى أن الأمور في هذه الحالة لن تتغير جوهرياً، حيث ستضيع تلك القوة الجديدة بين السلطتين (حماس وفتح) أو تنحاز لأي منهما.
السيناريو الرابع: نسب متقاربة
يفترض الخبير الفلسطيني أن يكون السيناريو الرابع، حصول الحركتين "فتح" و "حماس" على نسب متقاربة، بحيث يأخذ كل منهما شرعية جديدة، ويبقى الحال على ما هو عليه من انقسام.
السيناريو الخامس: قائمة موحدة لفتح وحماس والفصائل
يشير المصري إلى أن الرئيس محمود عباس سبق أن طرح في العام 2016 مقترحاً بتشكيل قائمة واحدة لكل الفصائل لخوض الانتخابات.
ووفق هذا المقترح، تتفق الفصائل، بما فيها حركتا فتح وحماس على نسبتهم التمثيلية في القائمة، التي ستخوض الانتخابات، وفق نظام "التمثيل النسبي"، بحيث لن تحمل النتائج أي مفاجآت، وستكون معروفة سلفاً.
ويقول في هذا الصدد: "إذا ما تحقق هذا الاقتراح، هو أقرب للتزكية منه للانتخابات، رغم أنه بات مستبعداً".
السيناريو السادس: انتخابات بدون غزة
ورغم موافقة حركة حماس على خوض الانتخابات، إلا أن فرص حدوث إشكاليات قد تدفع إلى تراجعها، ما تزال قائمة.
وفي هذه الحالة لا يتوقع المصري إمكانية إجراء الانتخابات في الضفة الغربية فقط، دون غزة.
وأضاف: "من خلال المتابعة، فإن الانتخابات قد تجري بالضفة دون غزة".
وعن ذلك يكمل قائلاً: "هذه ضربة للمشروع الوطني الفلسطيني، وتعميق للانقسام في حال حدوثه".
وكان الرئيس محمود عباس قد أعلن، الإثنين، في خطاب بمدينة رام الله، أن الانتخابات لن تجرى بدون "القدس"، و "قطاع غزة".
وفي ختام حديثه، يعتقد المصري أن الحل للمعضلة الفلسطينية الداخلية قد يتمثل في "هبّة شعبية على غرار ما يجري في لبنان، بحيث تهدف إلى تغيير الواقع وكسر الاستقطاب، وإنهاء هيمنة الرئيس عباس وحركة فتح على السلطة ومنظمة التحرير، وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة".