الانتخابات العامة في بريطانيا.. كيف ستنعكس أزمة الخروج من الاتحاد الأوروبي على الناخبين؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/11/07 الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/07 الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش
تتجه المملكة المتحدة إلى صناديق الاقتراع الشهر المقبل على إثر خلافات مجلس العموم فيما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي/ رويترز

تتجه المملكة المتحدة إلى صناديق الاقتراع الشهر المقبل على إثر خلافات مجلس العموم فيما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولكن إلى أي مدى سيكون خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي في مقدمة ما يشغل أذهان الناخبين؟ وهل ستعطينا نتيجة الانتخابات إشارة واضحة إلى ما يريده معظم الناخبين بعد ذلك بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

تقول هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، إن هناك ثلاث طرق يمكن من خلالها الإجابة عن هذا السؤال:

ماذا يقول الناخبون حول القضايا الأهم؟

الطريقة الأولى هي سؤال الناخبين أنفسهم عن القضايا التي يعتقدون أنها الأهم. وفقاً للاستطلاع الشهري الذي تجريه شركة  Ipsos Mori دورياً، كانت مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مصدر قلق كبير للناخبين على مدار الـ 12 شهراً الماضية.

والواقع أنه إذا طُلب من الناخبين ببساطةٍ تسمية قضية واحدة تشغلهم، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيحتل صدارة إجاباتهم. في أحدث استطلاع أجرته  Ipsos Mori في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، اعتبر ما لا يقل عن 57% من المصوتين أن الخروج هو القضية الأهم. ولم تزد نسبة ذكرِ أي موضوعٍ آخر عن 3%.

ومع ذلك، عندما يُمنح الناس الفرصةَ لتسمية أكثر من موضوع، فإن المسائل المتعلقة بـ "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" (NHS) تبرز بوصفها انشغالاً مهماً أيضاً. فقد قال أكثر من ثلث المشاركين في مسح  Ipsos Mori إن هذه إحدى أهم القضايا. ثم تأتي قضية ارتفاع معدل الجريمة بعد ذلك بنسبة 22% لتبرِز أهمية نسبية أيضاً.

يتكرر هذا النمط في التصويتات التي أجريت منذ الدعوة لإجراء الانتخابات العامة. إذ أخبر 39% من المشاركين في استطلاع شركة YouGov أن "مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي" ستكون القضية الأهم في تحديد كيفية تصويتهم. تأتي قضية الخدمات الصحية في المرتبة الثانية بنسبة 14% فقط.

ومع ذلك، فإنه في تلك الاستطلاعات التي تطلب من الناس تسمية أكثر من موضوع واحد، فإن الخدمات الصحية الوطنية تتنافس مع قضية الخروج باعتبارها الشاغل الأكثر شيوعاً.

في الواقع، تشير بعض الاستطلاعات إلى أن نسبة أكبر من الناخبين قلقة بشأن الخدمات الصحية أكثر من قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

قضايا الجريمة والهجرة والاقتصاد هي أيضاً مهمة لنحو ربع الناخبين. ومع ذلك، فإن الاقتصاد الآن قلّت احتمالات تسميته بوصفه القضية الأهم مما كان عليه الأمر في أعقاب الانهيار المالي في عام 2008.

ما شعور الناخبين في الأحزاب المختلفة؟

رغم ذلك، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قضية تشغل الناخبين في بعض الأحزاب أكثر من غيرها. إذ تشير جميع استطلاعات الرأي إلى أنها تحتل المرتبة الأولى بين أولئك الذين يقولون إنهم سيصوتون لصالح حزب المحافظين أو حزب "بريكست". أما مستوى الانشغال بتلك القضية فهو الأدنى بين مؤيدي حزب العمال.

على سبيل المثال، وفقاً لاستطلاع شركة  YouGov، فإن 73% من مؤيدي حزب بريكست يقولون إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون القضية الأهم في تقرير كيفية تصويتهم واتجاهه. ويشاركهم 56% من الذين يعتزمون التصويت للمحافظين هذا الرأي.

أكثر من نصف المصوتين المائلين إلى حزب الديمقراطيين الأحرار (51%) يعتقدون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو القضية الأهم.

في حين أن 21% فقط من ناخبي حزب العمال يذهبون إلى هذا الرأي. الواقع أنه من المرجح أن يسمّي أنصار حزب العمل، بدلاً من ذلك، قضية الخدمات الصحية بوصفها القضية الأهم بنسبة تصل إلى 28%.

يعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أهم بالنسبة إلى الناخبين المناصرين لـ "الخروج" بنسبة 53%، أكثر من الناخبين الداعين إلى "البقاء في الاتحاد الأوروبي" الذين تصل نسبة اعتبارها القضية الأهم بينهم إلى 32%.

قد تساعد هذه الأرقام في توضيح سبب حرص حزب العمال، في الأيام الأولى للحملات الانتخابية، على الحديث عن هيئة الخدمات الصحية، بدلاً من الحديث عن قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي.

التصويت لصالح أم ضد الخروج؟

هذا يقودنا إلى النقطة الثانية. إلى أي مدى يعبر الناخبون الداعمون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، عن مساندتهم للأحزاب الداعية للخروج؟ وكم من المؤيدين لـ "البقاء" يدعمون حزباً يريد استفتاءً آخر؟

أكثر من ثلاثة أرباع (78%) الذين صوتوا لصالح الخروج يُخططون للتصويت لصالح حزب بريكست، أو حزب المحافظين. في حين أن 81% من أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي يدعمون أحزاباً تدعو إلى إجراء استفتاءٍ ثانٍ.

لذلك، على الرغم من أن أنصار "البقاء" أقل ميلاً إلى القول إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قضيةٌ مهمة، فإنهم على الأقل يحتمل، بنفس قدر المناصرين الخروج، أن يدعمون أحزاباً تشاركهم موقفهم.

غير أن المصوتين لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي مشتتين بين مجموعة أوسع من الأحزاب، المعبرة ربما عن آراء الناس فيما يتعلق بقضايا أخرى.

الخلاصة، أن واحداً فقط من كل خمسة ممن صوتوا في استفتاء الاتحاد الأوروبي في عام 2016، يدعم حزباً تبدو آراءه بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي مخالفةً لتصويتِه في عام 2016.

هل أصبحت قضية الخروج القضيةَ الأهم؟

إذا كان اتجاه تصويت معظم الناس يعكس وجهة نظرهم بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وإن كان إلى جانب قضايا أخرى أيضاً، فهل أصبحت هذه القضية الأهم الآن، أكثر بأي شكل، مما كانت عليه في عام 2017؟

هذه هي المقاربة الثالثة التي يمكن معالجة سؤالنا بها. بالتأكيد، لم تكن مواقف الأحزاب من الخروج في عام 2017 هي ذات مواقفها الآن.

على سبيل المثال، في حين أن حزب العمال بدا بالفعل مؤيداً لخروج "أكثر ليونة" من الاتحاد الأوروبي من حزب المحافظين، فإن الحزب لم يكن في ذلك الوقت يدعم إجراء استفتاء ثانٍ.

لكن مع أخذ ذلك في الاعتبار، يبدو أنه في انتخابات 2019 هناك عدد ناخبين أقل مما كان في 2017، سيصوتون لأحزابٍ قد لا تتفق آراؤها بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع آرائهم.

إذ وفقاً لاستطلاع بمشروع British Election Study الأكاديمي، فإن 23% ممن صوتوا لصالح "البقاء" كانوا يؤيدون حزب المحافظين أو "حزب استقلال المملكة المتحدة" (UKIP) في عام 2017. وفي الوقت نفسه، فإن واحداً من كل ثلاثة من أنصار الخروج صوّت لصالح أحد الأحزاب التي تفضل الآن إجراء استفتاء ثانٍ.

على هذا النحو، فإن أكثر من ربع (28%) الذين سبق لهم المشاركة في استفتاء الاتحاد الأوروبي صوّتوا بعد ذلك في انتخابات عام 2017 لصالح حزبٍ ربما لم يشاركهم رأيهم بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. الآن، قبل انتخابات عام 2019، بلغت النسبة 20% أي أقل بوضوح، خاصة بين أولئك الذين صوّتوا لصالح الخروج.

قد لا يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي القضية الأهم لجميع المصوتين الذين سيشاركون في هذه الانتخابات. غير أنه من الواضح أن له دوراً كبيراً في تشكيل كيفية واتجاه تصويت الناس، أكثر مما كان عليه الحال قبل عامين.

تحميل المزيد