ناقش مجلس الشيوخ الفرنسي مشروع قانون لفرض خلع حجاب الأمهات المسلمات خلال النزهات المدرسية.
وجاء مشروع القانون قيد النظر، الثلاثاء 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وسط ضجة استمرت أسابيع في فرنسا على خلفية الاعتداء على سيدة محجبة خلال اجتماع للمجلس الإقليمي لمنطقة "بورغون-فرانش-كونتي" الفرنسية.
وقد قُدم مشروع القانون من التيار اليميني، إلا أن وزير التعليم جان ميشيل بلانكر قال لأعضاء مجلس الشيوخ إن أي قانون يحظر تغطية الرأس في نزهات المدارس سيكون "غير مجدٍ"، رغم أنه يرى أن ارتداء الحجاب "غير مرغوب فيه في المجتمع الفرنسي"، وفق شبكة ABC.
ورغم حظر قانون صدر عام 2005 ارتداء الطالبات للحجاب في الفصول الدراسية، فإن متابعين يرون أن فرصة تمرير مشروع القانون الجديد ضئيلة في مجلس النواب.
ماكرون هدأ لهجته عن المسلمين: أحترم الحجاب
وقبل أيام، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى وجوب احترام الحريات الدينية في بلاده، للحفاظ على وحدة المجتمع، مشيراً إلى أنه يحترم "كل امرأة ترتدي الحجاب".
وأوضح ماكرون، في لقاء مع صحفيين من قناة "بي إف إم" وموقع "ميديا بارت"، مساء الأحد 15 أبريل/نيسان 2018، أنّ الدين الإسلامي بدأ ينتشر في فرنسا بكثرة عقب موجات الهجرة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة.
وأضاف قائلاً: "اليوم يتراوح عدد المواطنين الفرنسيين المسلمين بين 4.5 و6 ملايين شخص، فالدين الإسلامي يعتبر جديداً بالنسبة لفرنسا، والكثير من مواطنينا يخافون من الإسلام وأنا أقول لهم إنه يجب احترام حرية المعتقد لكي نبقى موحدين".
وأشار ماكرون إلى أنّ الخوف من الإسلام ناجم عن تعاظم التيارات الراديكالية والمتطرفة، مبيناً أنّ الإسلام الحقيقي لا يعني التطرف.
ورداً على سؤال حول ارتداء الحجاب، قال ماكرون: "أحترم كل امرأة ترتدي الحجاب، وعلى الفرنسيين احترام ذلك، لست من مؤيدي حظر الحجاب".
شخصيات شهيرة دافعوا عن سيدة محجبة
وقد اشتعلت أزمة الحجاب في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2019، بعد طلب ممثل عن حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف جوليان أودول الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف، من سيدة محجبة كانت ترافق ابنها في نشاط تابع لمدرسته أن تنزع حجابَها باسم "المبادئ الجمهورية والعلمانية"، ما أثار جدلاً كبيراً في البلاد وأعاد مجدداً النقاش حول الحجاب.
وعقب انتشار القضية دعا نحو 90 شخصية شهيرة، بينهم الممثل الكوميدي المشهور عمر سي، والممثلة ماريانا فويس، والمخرج ماثيه كاسوفيتز، والممثلة جيرالدين ناكاش، والمخرجة تونيه مارشال، ماكرون إلى إدانة الاعتداء في عريضة بعنوان: "سيدي الرئيس.. قل كفى للكراهية ضد المسلمين في فرنسا".
وجاء في العريضة: "نحن الشخصيات من خلفيات متنوعة، ونلتزم بمبدأ العلمانية على النحو المنصوص عليه بالقانون، نطلب على وجه السرعة، من الرئيس إيمانويل ماكرون، أن يدين علانية الاعتداء اللفظي الذي تعرضت له هذه المرأة أمام ابنها".
وأضافت: "هذا المشهد وهذه الكلمات وهذا السلوك من أعمال العنف والكراهية شيء لا يصدق! لقد جعل اليمين المتطرف الكراهية ضد المسلمين أداة رئيسية للدعاية، لكنه لا يحتكرها؛ إذ إن أعضاء من اليمين واليسار لا يترددون بدورهم في تشويه صورة المسلمين".
وعليه طلبت هذه الشخصيات من الرئيس ماكرون أن يقول بصوت عالٍ وبكل قوة إن "النساء المسلمات محجبات كن أم لا والمسلمين بشكل عام لديهم مكانتهم الكاملة داخل المجتمع الفرنسي، وأن يرفض تشويه صورتهم والتنديد بهم فقط لأنهم مارسوا شعائرهم الدينية البسيطة. وأن يشدد على ضرورة وضع حد للتمييز الذي يتعرضون له".
ماكرون دعا سابقاً لمكافحة الانتشار الإسلامي
وكان ماكرون قد دعا مطلع هذا الشهر إلى مكافحة ما وصفه بـ "الشر الإسلامي" بصرامة، داعياً الأمة إلى التوحد من أجل مواجهته؛ وذلك في كلمة ألقاها بمناسبة تأبين ضحايا الاعتداء الذي استهدف مديرية شرطة بباريس.
وفي النصف الأول من عام 2018، أعلن عن نيته إعادة هيكلة "إسلام فرنسا" وتوضيح ماهيته بعيداً عن التأثير الأجنبي. وشملت خطته إخضاع "تمويل دور العبادة لنظام واضح وتعزيز مراقبة حساباتها، وتكوين أئمة فرنسيين يحلون محل رجال الدين القادمين من بلدان أخرى، واستقلال الإسلام الفرنسي عن الدول الأجنبية".