جمّد موقع تويتر عشرات الحسابات، لمعارضين للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دون مبرر، خلال المظاهرات النادرة المناهضة له، التي خرجت الشهر الماضي، وفقاً لما توصل إليه بحثٌ جديدٌ.
ووجد وائل إسكندر، الباحث المصري المختص في الحقوق الرقمية، أن تويتر قد جمّد حساباتٍ غرّدت بـ "ألفاظاً نابيةً" بالعربية، تُرادف معاني من بينها كلمة "مُتملقٌ"، وفقاً لما ذكره موقع buzz feed news الأمريكي، الجمعة 25 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
تجميد عشرات الحسابات
وتواصل إسكندر مع نحو 60 حساباً مغرّداً بالعربية، وبالأخص تلك الحسابات المملوكة بالأساس لمصريين، لكنها تتضمن مصريين أمريكيين أو غيرهم من المصريين بالخارج، وقالوا إن حساباتهم قد جُمّدت مؤقتاً في التوقيت الذي اندلعت فيه الاحتجاجات الشهر الماضي.
ووفقاً للقطات الشاشات التي أرسلوها إليه، فقد قدّر إسكندر أن 30 حساباً منها تقريباً قد جُمدت دون سببٍ وجيهٍ.
من جهته قال موقع تويتر إن الحسابات قد جُمّدت عن طريق الخطأ، لكن دون مزيدٍ من التوضيح.
وكانت مُظاهراتٌ نادرة مناهضةٌ للسيسي قد خرجت في أواخر شهر سبتمبر/أيلول الماضي في أرجاء مختلفة من مصر، واستخدم المصريون مواقع التواصل كتويتر، وفيسبوك، وغيرهما للتعليق على الاحتجاجات، ولو أنه، بسبب الرقابة الشديدة على تلك المواقع في مصر، لا توجد أي دلائل على استخدام المتظاهرين لها لتنظيم المظاهرات.
وقال إسكندر: "مصر أجواؤها قمعيةٌ للغاية. لا يُمكنك فعل أي شيءٍ في الشارع. أي صحفيٍ يكتب مُعارضاً (للحكومة) يفقد وظيفته. ولا توجد سوى المنابر المقربة من الحكومة. لا تستطيع التعبير عن رأيك إلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يُعارض الناس، أو يشتكون".
وأضاف: "حين تقف منصات التواصل الاجتماعي في صف الحكومة التي تحاول إسكات الناس، فإنها تُشارك في القمع".
تجميد حسابات بدون بسبب
ورغم صِغر حجم المجموعة التي درسها إسكندر، فهي تُمثل أول رصدٍ لظاهرةٍ، لطالما أشار إليها مستخدمو تويترالمصريون، وهي أن الموقع يجمد عشرات الحسابات دون سببٍ واضحٍ أثناء المظاهرات.
وكرد فعلٍ على المظاهرات، شنت السلطات المصرية حملةً قمع مكثفة شملت احتجاز واعتقال آلاف المصريين، وكثيرٌ من هؤلاء لم يكونوا مُعارضين سياسيين معروفين، ولا منظمي احتجاجاتٍ، وإنما مواطنون مصريون عاديون.
وكان الدافع لخروج الاحتجاجات مقاطع انتشرت على الإنترنت لرجل الأعمال والفنان المصري، محمد علي، وهو مقاول عمل سابقاً مع الجيش المصري، ويعيش الآن في إسبانيا، وكان قد كشف عن فساد كبير في مؤسسة الجيش، وإهدار المال العام على مشاريع نُفذت من أجل السيسي وعائلته، كبناء قصور رئاسية، وفلل، ودعا ملايين المصريين للتظاهر.
وقال تيموثي كالداس، الزميل غير المقيم لدى معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط: "لقد رأينا إدارة تويتر بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحظر وتحجب حسابات كثير من المعارضين بطريقةٍ مُريبةٍ وقت تلك الاحتجاجات. وقد أصدر تويتر بياناً يعترف فيه بوجود مشكلاتٍ في ما يتعلق بطريقة تعاملهم مع الوضع، لكن لم تكن هناك شفافيةٌ كافيةٌ في ما يتعلق بما سيتغير، أو بما إذا كان أحدٌ سيُحاسب على ما جرى".
تويتر ترُد
وردت إدارة الإعلام في تويتر على أسئلةٍ وُجهت إليهم بشأن ما ذكره موقع موقع buzz feed news الأمريكي، مشيرةً إلى مجموعةٍ من التغريدات التي نشرها حساب مكتبهم للشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وجاء في تلك التغريدات أن تجميد الحسابات حدث بالخطأ، واعتذروا عما حدث، وقالوا إنهم سيتخذون إجراءاتٍ لعلاج المشكلة، لكنهم لم يوضحوا لماذا حدث ذلك الخطأ بالتحديد، ومن المسؤول عنه، وما إذا كانت الشركة ستتخذ إجراءاتٍ لضمان عدم تكراره.
وقال إسكندر إنه بدأ في تقصي أمر الإيقافات بعد أن غرد فنانٌ مصريٌ معروفٌ اسمه جنزير، يرسم كاريكاتيراتٍ ذات شعبيةٍ كبيرةٍ تُصور السيسي في هيئة لصٍ مقنعٍ، عن إيقاف حسابه، وانطبق الحال على عشرات الحسابات الأخرى، ما يصل إلى 150 حساباً بحسب تقدير إسكندر.
ويتبع إسكندر أيضاً تقارير حول أن حسابات في تويتر كانت تُجمّد لاستخدامها ألفاظاً قد تُعد نابيةً نسبياً في العربية، لكنها كلماتٌ من النوع الذي يُستبعد أن يُجمد حسابك لاستخادمها لو أنك قلتها بالإنجليزية، فقرر تجربة ذلك بنفسه.
وحين أرسل رداً لحساب مكتب تويتر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مُستخدماً فيه أحد تلك الألفاظ، وجد أن حسابه هو أيضاً قد جُمَّد مؤقتاً.
ووفقاً للمستخدمين الذين تحدث معهم إسكندر فإن كلماتٍ أُخرى غير التي استخدمها تسببت كذلك في إغلاق بعض الحسابات.
قال كذلك إن تويتر لم يرد أبداً على أيٍ مما خلُص إليه، رغم أنه جرب التواصل مع مسؤولي الموقع عبر أكثر من قناةٍ.