التحذيرات من تعرض مصر لإعصار لابد وأن تطرح تساؤلات عديدة وتخوفات أكثر لدى المواطنين لأسباب تتعلق بكون الأعاصير مرتبطة بالمحيطات وليس البحار، إضافة لأن مصر بلد غير مطير بشكل عام، فما هي قصة ذلك الإعصار وهل هذه بداية لتحول جذري في المناخ أم أنها حالة عارضة؟
ما هي القصة؟
أصدر مجلس الوزراء المصري مساء أمس الخميس 24 أكتوبر/تشرين الأول بياناً جاء فيه أنه "يناشد المواطنين بالتزام المنازل الجمعة (25 أكتوبر/تشرين الأول)، إلا في حالات الضرورة القصوى، وذلك بالنسبة لأهالي محافظات السواحل الشمالية والدلتا ومدن القناة وشمال ووسط سيناء، وذلك حرصاً على سلامتهم ومنعاً للتكدسات المرورية، ولإتاحة الفرصة لإزالة المياه المتراكمة جراء سقوط الأمطار الغزيرة المتوقعة الجمعة".
وتابع البيان: "تقارير هيئة الأرصاد أكدت استمرار حالة عدم الاستقرار في الأحوال الجوية حتى السبت، على أن تكون ذروتها الجمعة، حيث من المتوقع أن يستمر تكون وتزايد السحب المنخفضة والمتوسطة التي يصاحبها سقوط الأمطار، لتكون غزيرة ورعدية أحياناً على السواحل الشمالية ومناطق من الدلتا ومدن القناة، وتصل حد السيول على مناطق من شمال ووسط سيناء، بينما تكون الأمطار متوسطة الشدة على القاهرة ومناطق من شمال الصعيد وجنوباً على مدينتي حلايب وشلاتين".
أين الحديث عن الإعصار إذن؟
الحديث عن الإعصار جاء من تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية بعنوان: "إعصار مداري متوسط نادر الحدوث سيضرب مصر وإسرائيل"، بدأته بأن "النوع الغريب من العواصف نادر للغاية أن يضرب في عمق شرق البحر الأبيض المتوسط".
من المتوقع أن يضرب الإعصار المداري النادر أجزاء ساحلية من مصر وقطاع غزة وإسرائيل مسبباً احتمالات وقوع هبوب الرياح بسرعات تشبه العواصف المدارية وأمطار غزيرة وربما أيضاً تعرض بعض المناطق الساحلية لفيضانات موجية من البحر.
وبحسب التقرير فإن الانخفاض الشديد في الضغط والذي يثير الأعاصير المدارية ذات السمات المناخية المتوسطة "أمر نادر للغاية في شرق البحر المتوسط"، وتمتد بؤرة الضغط الجوي المنخفض محكمة التركيب عرضها 300 ميل (نحو 450 كيلومتراً) عبر أبعد نقطة في شرق البحر المتوسط ومتحركة على بعد نحو 100 ميل جنوب غرب قبرص من بعد ظهر أمس الخميس.
وتظهر صور الأقمار الصناعية شبهاً كبيراً بين السحابة العملاقة وبين الإعصار المداري من حيث التكوين وفي الواقع يمكن أن تكون قريبة بالفعل في تأثيرها من الإعصار.
وكانت إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) قد نشرت صورة للسحب العملاقة التي تقترب من أجواء مصر.
إغلاق موانئ الإسكندرية
الحديث عن الأحوال الجوية السيئة وتوقع أمطار رعدية وربما إعصار مداري تجسد أيضاً في إعلان هيئة ميناء الإسكندرية، غلق ميناءي الإسكندرية والدخيلة اليوم الجمعة.
وعزا المتحدث باسم هيئة ميناء الإسكندرية، رضا الغندور، القرار إلى "ارتفاع الأمواج وسرعة الرياح إلى معدلات لا تسمح بحركة اللنشات (القوارب)، وصعود ونزول المرشد من وعلى السفينة بشكل آمن"، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.
ما الفرق بين الأعاصير والعواصف الرعدية؟
الأعاصير بحسب دليل منظمة اليونسكو هي عواصف قادمة من البحار والمحيطات مصحوبة برياح شديدة وأمطار غزيرة تضرب المناطق الساحلية، مؤدية إلى حدوث أضرار في المباني ووسائل النقل والغابات وعندما يقترب الإعصار من الشاطئ، تتلبد السماء بسحب سوداء وتزداد سرعة الرياح، وعندما يقترب الإعصار من اليابسة يجلب معه أمطاراً غزيرة ورياحاً شديدة وأمواجاً بحرية عالية.
أما العاصفة الرعدية فهي عاصفة ذات برق ناتجة عن تغيرات في الضغط الجوي وتجلب معها أمطاراً غزيرة تؤدي إلى حدوث سيول جارفة ورياح عاتية.
كيف يجب أن يستعد المواطنون؟
بحسب موقع طقس العرب، يجب اتباع بعض الإرشادات عند حدوث العواصف الرعدية القوية أهمها البقاء داخل المنازل والابتعاد عن النوافذ وتجنب الطوابق العُلوية وفصل الأجهزة الإلكترونية الثمينة عن التيار الكهربائي وعدم استخدام الأجهزة الخلوية إضافة إلى الأجهزة الإلكترونية السلكية.
كما ينصح بتجنّب المُسطحات المائية سواءً كانت جارية أو راكدة، وتعتبر السيارات أماكن حماية مُناسبة من الصواعق الرعدية، وفي حال عدم وجود مكان حِماية مُناسب، يجب عدم اعتبار الأشجار أو الأبراج أو الأجسام الطويلة أماكن حماية مُناسبة، والابتعاد عنها قدر الإمكان ومحاولة الانحناء.
ماذا يمكن أن تفعل الحكومة؟
أما عما يجب أن تقوم به الحكومة فيكفي هنا أن نذكر إعلان السلطات المصرية ارتفاع حصيلة قتلى الأمطار الغزيرة، التي هطلت على العاصمة القاهرة وأجزاء أخرى من البلاد الثلاثاء 22 أكتوبر/تشرين الأول، إلى 11 شخصاً، وفقاً لبيانات محدثة صادرة أمس الخميس عن إدارات الشرطة ومستشفيات في المحافظات الأكثر تضرراً.
وقد أثار الشلل المروري التام الذي شهدته العاصمة الثلاثاء وقرار الحكومة تعطيل الدراسة في المدارس والجامعات في اليوم التالي حالة غضب عامة، ارتفعت وتيرتها مع الكشف عن الحوادث، حيث أظهر ذلك مدى ضعف البنية التحتية وشبكات الصرف الصحي بعد سنوات من سوء الصيانة.
وبالطبع لن تتمكن الحكومة -حتى وإن أرادات- من إصلاح البنية التحتية وصيانتها لمواجهة العواصف أو الإعصار المداري المتوقع اليوم وذروته صباح غد السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول، لكن السؤال هو هل تتحرك الحكومة والنظام لتكون البنية التحتية أفضل حفاظاً على الأرواح والممتلكات فيما هو قادم، خصوصاً وأن التغيرات المناخية أصبحت أكثر تسارعاً والإعصار النادر ربما يصبح متكرراً؟