دعت منظمة العفو الدولية الأردن إلى وضع حدٍّ لما وصفته بـ "النظام التعسفي"، الذي يسجن النساء إذا عصين "الأوصياء" الذكور، الأمر الذي نفته السلطات الأردنية.
صحيفة The Guardian البريطانية، نقلت عن منظمة العفو الدولية في تقرير جديد نُشر يوم الأربعاء 23 أكتوبر/تشرين الأول، أنه رغم الجهود الأخيرة لتوفير حماية أفضل للمرأة فإن الأردن لا يزال يسمح بـ "الاحتجاز التعسفي" للنساء، بما في ذلك عندما يشتكي أفراد الأسرة الذكور -الآباء أو الإخوة عادة- للسلطات من تغيبهن دون إذن.
وبموجب نظام "وصاية الرجل"، الذي قالت منظمة العفو الدولية إنه يقع في قلب شبكة من الأحكام التمييزية، فإن الرجال يمتلكون حق التحكم في "حياة النساء وتقييد حرياتهن الشخصية"، في حين يمكن إخضاع النساء لممارسات اعتبرتها منظمة العفو الدولية "مهينة"، مثل اختبارات العذرية.
وبحسب التقرير، فإن القوانين الأردنية تطبّق "القوة القسرية والعقابية لتعزيز وصاية الذكور، والتواطؤ فعلياً مع الأوصياء الذكور لضمان تحكم الرجال" في النساء.
ويذكر أن الأردن مثله مثل أي دولة عربية أخرى، يطبق قوانين تَطلب من النساء إذناً من ولي الأمر الرجل للزواج، إذا كان عمرهن أقل من 30 عاماً، بينما تعاقب المرأة على العلاقات غير الشرعية بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
ورغم أن مثل هذه القوانين والممارسات تنتشر في الشرق الأوسط بمجتمعاته المحافظة، فإن تقرير منظمة العفو الدولية المكون من 64 صفحة، الذي تضمّن إجراء مقابلات مع 121 شخصاً، من بينهم نساء محتجزات في سجن الجويدة، وهو سجن النساء الأساسي في البلاد، ركّز على هذه الممارسات داخل الأردن، الذي يوصف بأنه دولة آمنة ومُرحبة نسبياً.
في عام 2017، انضمَّ الأردن إلى عدد متزايد من الدول العربية في إلغاء القوانين التي سمحت للمغتصبين بالهروب من العقاب، شريطة أن يتزوجوا من ضحاياهم.
وقالت منظمة العفو إنَّ البلاد أجرت في السنوات الأخيرة عدداً من الإصلاحات، بما في ذلك افتتاح ملجأ دار آمنة للنساء المعرضات للخطر، في يوليو/تموز 2018، لكن السلطات تواصل "إساءة استخدام" قانون منع الجريمة لعام 1954، بحسب تقرير المنظمة.
واعتبر التقرير أن حبس النساء بتهمة عصيان سلطة الذكور يصل إلى مرتبة "انتهاك حقوقهن الإنسانية".
حنان (وهو اسم غير حقيقي)، امرأة تبلغ من العمر 20 عاماً تقريباً، سُجنت أيضاً بسبب فرارها من منزل مسيء مع شقيقتها. تقول: "في كل مرة هربنا فيها كانت تعتقلنا الشرطة وتذهب بنا إلى المستشفى، حيث يُصرُّ والدي على إجراء اختبارات العذرية علينا. لقد جعلت شرطة حماية الأسرة الأمور واضحة على أي حال، إذا طلب منهم والدنا إجراء الاختبار فعليهم ذلك، إنه حقه".
وجاء في التقرير أن "العقاب الأكبر من بين كل ما تناله النساء من عقاب هو ذلك المخصص للنساء اللاتي يحملن خارج إطار الزواج القانوني (الذي لا يتم إلا بموافقة الوصي). فالدولة تعاقبهنّ بانتزاع أطفالهن منهن".
وأظهرت الشهادات التي قدمتها منظمة العفو أنَّ المحتجزات كنَّ في كثير من الحالات يهربن من بيئات أسرية مسيئة.
سوسن (أيضاً اسم غير حقيقي) حُكم عليها بالسجن لأكثر من عام، لمجرد الهرب من "والدها المسيء"، وفقاً لمنظمة العفو الدولية. وهي تقول: "لقد أوقفتني الشرطة في الشارع في عمان، وطلبت منّي هويتي. ولم تكن في حوزتي، لذا قالوا إنَّ عليَّ الذهاب معهم إلى مركزهم، لكن عندما وصلت إلى هناك وجدوا أمراً بتوقيفي لأنني كنت (متغيبة)، وهناك ضربني ضابطا الشرطة… ثم نُقلت إلى مكتب نائب المحافظ… والذي قال إنني سأذهب إلى سجن الجويدة حتى يخرجني والدي".
واجهت علا (الاسم غير حقيقي) المشكلات بعد أن اتصل موظفو المستشفى بالشرطة، لإبلاغهم بأنها حامل خارج إطار الزواج.
تقول: "لقد أصبحتُ حبلى، وحاولت الزواج القانوني من الرجل، لكن الزواج لم يُوافق عليه لأنه ليس لدي وصي. لقد مات والداي، ولديّ أخوات أصغر سناً، وليس لديّ إخوة… ذهبت إلى المستشفى وأنجبت. وسأل الموظفون ما إذا كنتُ متزوجة، وقلت: لا، لذلك اتصلوا بالشرطة. هكذا انتهى بي الأمر هنا".
مكتب رئيس الوزراء الأردني يردّ
وقال مكتب رئيس الوزراء الأردني لمنظمة العفو الدولية إنّ هناك 149 امرأة في السجن "لأسباب مختلفة"، لكنه أصرَّ على أنه "لا توجد حالة قُبض فيها على النساء لتغيبهن عن المنزل دون إذن الأوصياء الذكور، ما لم يجر الجمع بين ذلك وشكوى حول ارتكاب جريمة أو اعتداء".
وقال مكتب رئيس الوزراء، إن ما لا يقل عن 85 امرأة قيد الاحتجاز الإداري حتى الآن هذا العام، لممارسة الجنس خارج إطار الزواج، وذلك "لضمان حمايتهنّ"، على حد قوله، قائلاً "إن الغالبية قد أُفرج عنهن".