ذكرت وكالة الأنباء التشيكية (CTK) أن الكنيسة التشيكية المعروفة باسم "كنيسة العِظام"، ستفرض بدايةً من العام القادم قواعد أكثر صرامة، للحدِّ من زيادة التقاط صورٍ "غير مناسبة ومهينة" في حرمها.
وقالت مديرة أبرشية "كنيسة سيدليك"، رادكا كريجي، إن "السياح أخذوا يلتقطون صور سيلفي لا تراعي حساسية المكان، ويعبثون بالعظام لعرض صورٍ أكثر إثارة للاهتمام، وهم بذلك يدنسون موقعاً مقدساً يستقطب مئات الآلاف من السياح سنوياً".
"صور سخيفة"
وتُعد الحملة جزءاً من اتجاه من المحتمل أن يتنامى عند أماكن الجذب الرئيسية على الأرض، حيث يسافر الناس إلى شتى أنحاء العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى، وفقاً لما ذكره موقع Stuff النيوزيلندي، اليوم الأحد 20 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وكتب إريك تشاو، الذي زار الكنيسة قادماً من تايوان هذا الأسبوع، في رسالة: "أخبرنا المرشد السياحي ألا نلتقط صور سيلفي، كي نظهر أن لدينا ذوقاً جيداً في التقاط الصور؛ لذا احتراماً لذلك لم أفعل".
وليس تشاو بالشخص المولع بصور السيلفي والتقاطها، فحساب الإنستغرام الخاص به ممتلئ بصور لوحات فنية، ولقطات لأماكن حضرية، ولرحلاته.
وبدلاً من صور السيلفي، حرص تشاو على التقاط تفاصيل كنيسة سيدليك الأكثر إثارة للدهشة: مثل شعار النبالة لأسرة شوارزنبرغ المصنوع بالكامل من العظام، إضافة إلى ثريّا ضخمة تشتهر بها الكنيسة مصنوعة بالكامل من العظام البشرية والجماجم. ومن ثم لم تزعجه القيود المفروضة على التقاط الصور.
وقال تشاو: "بصراحة، في أماكن كهذه، أعتقد أنه يجب حظر التصوير الفوتوغرافي للحفاظ على الموقع، من خلال منع السياح من التقاط صور سخيفة".
وذكر تشاو أنه شاهد أحد السياح يأخذ صورة سيلفي لنفسه وهو يلعق إحدى جماجم الكنيسة. وأضاف: "المصلّى الكنسي مكان صغير للغاية. إذا حُظر التصوير الفوتوغرافي فيه، فإن هذا يمكن أن يساعد أيضاً في تسهيل الحركة في المكان. وربما يمكن للمصورين حينها الاستمتاع حقاً باللحظة، بدلاً من شغل تفكيرهم بكيفية التقاط صور أفضل".
أماكن يُحظر فيها التصوير
واضطر موقع سياحي آخر إلى التعامل مع مسألة التصوير التي تثير اللغط، وهو متحف "معسكر أوشفيتز بيركينو"، الذي يعود إلى الحقبة النازية ويقع في بولندا.
قال المسؤول الصحفي للمتحف، بافل سافيسكي، إنه لا يؤيد التقاط صور سيلفي في معسكر الاعتقال والإبادة السابق، غير أنه حذّر من إصدار أحكام أو افتراضات شخصية حول أولئك الذين يلتقطون صوراً في المكان وينشرونها، إذ في نهاية الأمر تتغير العادات والأعراف الثقافية بمرور الزمن، وفقاً لرأيه.
وقال سافيسكي: "يجب أن نكون حريصين ألا نُصدر أحكاماً وانطباعات شخصية على أناس طيبين. أستطيع أن أرى أن بعض الناس يستخدمونها بوصفها لغة تعبير خاصة عن أنفسهم، وهذه هي اللغة التي يستخدمها جيل المراهقين على سبيل المثال. يمكنك أن ترى من الصور التي يلتقطها الناس تعبيراً عن أن النصب التذكاري لضحايا الإبادة، ورؤيته، كان شيئاً مهماً لهم".
وتمتلئ أوروبا بالأماكن التاريخية التي تمنع التقاط الصور فيها تماماً، وثلاثة من أشهر هذه الأماكن هي: "كنيسة سيستين" في مدينة الفاتيكان (أولاً بسبب حقوق التقاط الصور والفيديو المفروضة على المكان، ثم لاحقاً لتجنب الأضرار الناجمة عن ومضات الكاميرا)، و "متحف فان غوخ" في أمستردام (باستثناء قاعة المدخل، وإتاحة أماكن محدودة لالتقاط "صور سيلفي مع جدران فنية")، و "دير وستمنستر" في لندن.
وقال الموقع الإلكتروني لدير وستمنستر: "نريدك أن تندمج مع جماله وتاريخه الفريد دون التشتيت الذي سيفضي إليه إتاحة التصوير الفوتوغرافي بلا ضابط في المكان. نريد أن نحافظ على الأجواء المقدسة والحميمة للمبنى الذي هو قبل كل شيء، كنيسة حية، ونشطة".
وكما هو الحال في متحف فان غوخ، يُوجّه زوار كنيسة وستمنستر إلى مناطق محددة يُتاح فيها التقاط الصور، مثل الأروقة (Cloisters)، وقاعة اجتماعات الكهنة (Chapter House)، وحديقة معهد الدير (College Garden). ويوجد أيضاً معرض للصور، حيث يمكن للزوار الحصول على صور تذكارية مجاناً.
ومع ذلك، فإن حظر التصوير الفوتوغرافي ليس سوى جزء واحد من جهود أوسع، لمكافحة السلوكيات غير المرغوبة للزوار، في أكبر مواقع الجذب السياحي في العالم.
ويواجه السياح في جميع أنحاء إيطاليا، على سبيل المثال، غرامات على مخالفات مثل سرقة الرمال والقفز في النوافير والتنزه في أماكن غير مناسبة.
فضلاً عن أن بعض الوجهات السياحية، مثل خليج مايا في تايلاند وبوراكاي في الفلبين، يجب أن تُغلق بشكل دوري للتعافي من الأضرار التي يتسبب فيها السياح لتلك الأماكن.