يستعد اللبنانيون للخروج في تظاهرات جديدة، اليوم السبت 19 أكتوبر/تشرين الأول 2019، لليوم الثالث على التوالي، على الرغم من قمع القوى الأمنية والعسكرية لتحركات حاشدة ليل أمس الجمعة بعنف، وتوقيفها العشرات بعد أعمال شغب.
وتولى الجيش اللبناني صباحاً إعادة فتح بعض الطرق الدولية، فيما كان شبان يجمعون الإطارات والعوائق والأتربة في بيروت ومناطق أخرى، تمهيداً لقطع الطرق الرئيسية، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
"أشبه بساحة حرب"
وبدا وسط بيروت صباحاً أشبه بساحة حرب، تتصاعد منه أعمدة الدخان وسط تناثر الزجاج، وانتشار حاويات النفايات، وبقايا الإطارات المشتعلة في الشوارع.
وانتهت تظاهرة حاشدة شارك فيها الآلاف ليلاً بأعمال شغب من قبل شبان غاضبين أقدموا على تكسير واجهات المحال التجارية، وواجهتي مصرفين وعدادات وقوف السيارات وإشارات السير وسيارات.
وتخلل التظاهرات تدافع بين المتظاهرين والقوى الأمنية التي عملت على تفريقهم بالقوة عبر إطلاق خراطيم المياه وعشرات القنابل المسيّلة للدموع، ما تسبب في حالات إغماء وهلع.
ومن جانبها، أعلنت قوى الأمن الداخلي أنها أوقفت "سبعين شخصاً خلال قيامهم بأعمال تخريب وإشعال حرائق وسرقة في وسط بيروت".
وشهدت مدن عدة أبرزها طرابلس شمالاً، والنبطية جنوباً، تجمعاً للمتظاهرين منذ ساعات الصباح الباكر لأمس الجمعة.
ضرائب جديد أشعلت الاحتجاجات
وقال أحد المتظاهرين في مدينة النبطية، التي تعد من معاقل "حزب الله"، في تصريح لقناة تلفزيونية محلية: "صراعنا أبدي مع هذا النظام الطائفي (…) نعاني منذ ثلاثين سنة من الطبقة السياسية الحاكمة"، وأضاف "يحاولون تصويرنا على أننا غوغائيون، لكننا نطالب بحقوقنا".
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ليلاً مقاطع فيديو، تظهر مسلحين يعملون على فتح طريق بالقوة في مدينة صور جنوباً، قال متظاهرون إنهم ينتمون لحركة "أمل" التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، وتحظى بنفوذ في المنطقة.
واندلعت تظاهرات شارك بها الآلاف من اللبنانيين عقب إعلان الحكومة تضمين ضرائب جديدة في موازنة العام القادم، تشمل قطاع الاتصالات المجانية عبر الهاتف الخلوي، وغيره، بهدف توفير إيرادات جديدة لخزينة الدولة، بحسب وكالة الأناضول.
وكان لافتاً خروج آلاف المتظاهرين في بيروت ومناطق أخرى تعد معاقل رئيسية لقوى حزبية وسياسية نافذة، مطالبين باستقالة الحكومة، في حراك جامع لم يستثن حزباً أو طائفة أو زعيماً.
كلمة مرتقبة لنصر الله
وتصاعدت نقمة الشارع خلال الأسابيع الأخيرة، إزاء احتمال تدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار، وتوجه الحكومة لفرض ضرائب جديدة، وسط مؤشرات على انهيار اقتصادي وشيك.
وفي محاولة لتدارك الأزمة، منح رئيس الحكومة سعد الحريري ليل الجمعة "شركاءه" في الحكومة، في إشارة إلى "حزب الله"، والتيار الوطني الحر، مهلة 72 ساعة "لتقديم جواب واضح (…) بأن هناك قراراً لدى الجميع للإصلاح ووقف الهدر والفساد".
واستبق رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل كلمة الحريري، بإعلان رفضه استقالة الحكومة، معتبراً أن هذا الأمر قد يؤدي إلى وضع "أسوأ بكثير من الحالي".
ومن المقرر أن يلقي الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله كلمة قبل ظهر اليوم السبت، خلال مراسم إحياء أربعينية الإمام الحسين في مدينة بعلبك شرقاً.
وسلّطت التظاهرات الضوء على الانقسام السياسي وتباين وجهات النظر بين مكونات الحكومة حول آلية توزيع الحصص وكيفية خفض العجز من جهة، وملف العلاقة مع سوريا المجاورة من جهة ثانية.