ثورة «الواتساب» في لبنان تريد «إسقاط النظام»، لكن السؤال: أي نظام وكيف السبيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/10/18 الساعة 13:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/18 الساعة 14:45 بتوقيت غرينتش
تظاهرات لبنان

"الشعب يريد إسقاط النظام" هو الهتاف الأبرز الذي يميز ثورات الربيع الأولى منذ موجتها الأولى أواخر 2010، في تونس واستمر ذلك مع انطلاق الموجة الثانية هذا العام، ومع انفجار ثورة الشعب اللبناني ورفع نفس الهتاف برزت تساؤلات مختلفة باختلاف الأوضاع السياسية في لبنان، فماذا يقصد المحتجون بالنظام؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك؟

لماذا اندلعت المظاهرات؟

تحولت بيروت أمس الخميس 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 إلى ساحة احتجاج كبرى، حيث انتشرت التظاهرات في أرجاء العاصمة، احتجاجاً على فرض 20 سنتاً يومياً (تعادل 6 دولارات لكل مشترك شهرياً) على مكالمات تطبيق "واتساب وغيره من التطبيقات الذكية، بما يؤمّن للخزينة العامة 216 مليون دولار سنوياً.

ضرائب الواتساب كانت الشرارة

ودوت في اعتصام نظمه المئات في ساحة رياض الصلح قرب السراي الحكومي ومجلس النواب، رصاصات أطلقها حراس وزير التربية أكرم شهيب لتفريق الجموع الغاضبة التي تجمهرت حول سيارته لدى مروره بالمكان وفق ما نقلت قناة الجديد اللبنانية.

وهذه التظاهرات دفعت وزير الاتصالات محمد شقير، إلى إعلان تراجع الحكومة عن فرض الضرائب على خدمة الـ"واتساب".

ما هو النظام في لبنان؟

يقوم نظام الحكم في لبنان على المحاصصة الطائفية، حيث إن نسيج الشعب اللبناني يتكون من 18 طائفة، ويقوم نظام الحكم على أساس توزيع السلطات بناء على الطوائف، فرئاسة الجمهورية للمسيحيين الموارنة ورئاسة الحكومة للمسلمين السنة ورئاسة البرلمان للشيعة.

ومجلس النواب يتألف من 128 نائباً مقسمين بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين، لكن في نفس الوقت موزعين بحسب نسبة المذاهب في كل طائفة وبحسب المناطق الجغرافية، وكان عدد النواب المسيحيين قبل الحرب الأهلية ما بين عامي 1975 و1990 أكثر من عدد النواب المسلمين، لكن اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب الأهلية أقر النظام الحالي.

اختفت الأعلام الطائفية

في ضوء نظام المحاصصة، ينتخب مجلس النواب رئيساً للجمهورية لفترة واحدة مدتها ست سنوات ولابد بالطبع أن يكون مارونياً، ورئيس الجمهورية بدوره يعين رئيساً لمجلس الوزراء بناء على الاستشارات النيابية الملزمة على أن يكون سنياً وهو يقوم بدوره بتعيين الوزراء على أساس التوزيع الطائفي.

المحاصصة الطائفية

في ظل هذه المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب السياسية والمقاعد البرلمانية، إضافة إلى وجود حزب الله وهو القوة الأكبر من حيث التسليح في البلاد ويدين بالولاء التام لإيران، في مقابل تيار المستقبل السني الذي يقوده رئيس الوزراء سعد الحريري الذي يدين بالولاء ويحظى بالدعم من السعودية، دائماً ما تتسم أية تظاهرات تشهدها لبنان في السابق بالاستقطاب الطائفي والقضايا السياسية والحزبية.

زلزال شعبي كاسح

المؤكد أن ضريبة الواتساب لم تكن بمفردها لتتسبب في هذا الزلزال الشعبي، لكن هناك عوامل كثيرة متراكمة تتركز بالأساس على نتائج الفساد الذي أوصل لبنان إلى حافة الانهيار كدولة، في ظل أزمات غير مسبوقة تتفجر تباعاً في كافة مناحي الحياة وعلى مختلف الأصعدة.

 وبدأت الأزمات المتلاحقة مؤخراً من شحّ الدولار مروراً بالخبز والمحروقات وكارثة الحرائق التي فشلت أيضاً السلطة اللبنانية بالسيطرة عليها، حالها حال الأزمات الأخرى، وصولاً إلى تفجر غضب الشارع مع توجه الحكومة لفرض ضرائب غير مسبوقة تطال بما في ذلك الاتصالات المجانية عبر الهاتف الخلوي.

خروج اللبنانيين إلى الشارع هذه المرة إذن ليس طائفياً ولا سياسياً بعد أن فقد الشعب من جميع الطوائف ثقته في كل الأحزاب والسياسيين، وبالتالي لأول مرة في لبنان يدوي هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام"، ولأول مرة أيضاً تختفي أعلام الطوائف والأحزاب ويرفرف العلم اللبناني في يد الجميع.

الخوف من المجهول

الصورة تبدو نموذجية من حيث سلمية المتظاهرين بصورة كبيرة منذ أمس الخميس واليوم الجمعة 18 أكتوبر/تشرين الأول، لكن حقيقة الأمر أنه لا توجد سيناريوهات واضحة لكيفية تحقيق مطلب الشعب وهو إسقاط النظام.

فعلى فرض استقالة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وحتى الذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة، من غير المتوقع أن يحدث تغير حقيقي في ظل النظام السياسي الحالي القائم على المحاصصة الطائفية، وبالتالي لابد من وجود نظام بديل يقوم على المواطنة بشكل عام ويلغي الحصص الطائفية، وفي بلد خاض حرباً أهلية لمدة 15 عاماً، يبدو هذا السيناريو صعباً إلى حد كبير.

ما يزيد من تعقيد الموقف هو الحسابات الإقليمية بالطبع والتي ستبرز على الأرجح مع استمرار الاحتجاجات ومحاولة الوصول إلى مخرج من هذا الانفجار الشعبي الذي فاجأ جميع السياسيين والمسؤولين ليس في لبنان فقط ولكن في العواصم الإقليمية ذات الصلة أو بمعنى أوضح طهران والرياض.

تحميل المزيد