الحياة مدرسة، أستاذها الزمان، ودروسها التجارب، لا تحتاج إلى طلب انتساب ولا حتى حجز مقعد، نكتسب خبراتها، ونتعلم معارفها، فقطار الحياة يتوقف عدة محطات، فقد تكون لأخذ العِبرة من مواقف أو مصاعب واجهتنا في طريقنا.
لعل الخطوة الأولى في تحقيق الطموح لدى الطالب الجامعي، هي اختيار التخصص المناسب، بعد اجتياز ونجاح المرحلة الثانوية (حصيلة اثنتي عشرة مرحلة دراسية)؛ حيث كانت محطتي الأولى التحاقي بكلية العلوم في جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس في فلسطين؛ لبدء مشوار جديد في عالم الرياضيات والأرقام، بما يتلاءم مع قدرتي وميولي الرياضي.
أنهيت مرحلة البكالوريوس، وفي ذهني صورة مشرقة عمّا سأكون عليه في المستقبل، فرسمت طريقي في تحقيق مرادي بخطوات هادفة، فكلّما أذنت لي فرصة التقدّم والتطور في هذه الحياة وجدت الوصول للهدف ليس بالأمر السهل، وأنّ تحقيق المراد يتطلّب جهداً ووقتاً وإصراراً وعزيمة، فهناك كثيرٌ ممّن واجهوا الصعوبات في تحقيق أهدافهم، ثمّ تقاعسوا عنها، ورأوا أنّ التسليم والاستكانة بالأمر أسهل، فأصبحت أؤمن بمبدأ: "ما لم تبدأه اليوم لن يكتمل في الغد".
نجاحنا في الحياة لا يتحقّق إلّا بالطموح والإرادة والعزيمة والإصرار، فقد حثّنا ديننا الكريم على هذه السمة الرفيعة التي يتميّز بها المسلم الراقي؛ يقول الله تعالى في سورة المطففين: "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ".
فكانت هنا محطتي الثانية والأعظم، وهي الالتحاق بكلية الدراسات العليا (الماجستير) في قسم أساليب تدريس الرياضيات، في هذه المرحلة أعدتُ بناء وصياغة وتطوير طموحي للمستوى الأفضل، والحصول على معدّل تراكمي مميز، بالإضافة إلى إعداد ومناقشة أطروحة الماجستير بتفوّق، وخلال فترة وجيزة لم تتجاوز الستة أشهر.
وهذه الخطوة الأولى لتجسير الفجوة بين أن أكون أو لا أكون، والوصول إلى ما يُعرف بـ"الحلم المنشود"؛ مصداقاً لقول الحبيب المصطفى: "إذا سألتم فاسألوا الفردوس الأعلى من الجنة"، فالطموح في الحياة يتطلّب منّي امتلاك حافز يساعدني على بلوغ هدفي، وقوّة نفسيّة منحتني ثقة عظيمة وطاقة روحية، فهو خطة عقلية تدفعك إلى ما تريد، وتترك لك بصمة تدلّ عليك، فتزيد على الحياة لا زائداً عليها؛ لتكون أنت التغيير الذي تريده في العالم.
مما لا شك فيه أن الطموح محفوف بالمكاره، فهو سمة نفسية نبيلة لا يملكها إلا ذو العزيمة الصلبة والإرادة القوية والصبر المستميت على جميع الأمور؛ لذا لا أنظر إلى الحجارة المتناثرة حولي، بل جمعتُها وبنيتُ منها سلماً لأرتقي به إلى النجاح، لي نفْس تتوق إلى المعالي، وتهوى دائماً طلب المُحال لجعله حقيقة؛ لتكون همّتي فوق الجبال.
لن أقول عنها المحطة الأخيرة، فآمالي وأهدافي كثيرة، فالطموح اللامحدود هو الوقود للنجاح ولا يتطلب مبرراً، فلا شيء يُطلق العظمة الكامنة بداخلي سوى الجلوس على مقاعد الدراسة للحصول على شهادة الدكتوراه، فها أنا على بُعد خطوة واحدة من المبتغى، وهي مرحلة الإعداد والتحضير لـ(الدكتوراه)، فقد وضعت لنفسي خطةً فعاّلةً، ودعّمتها بخطةٍ بديلةٍ في حال الفشل، فما هو إلا هزيمة مؤقتة تخلق فرص النجاح، فالحياة على ما نصنعه فيها، فليس عاراً أن نقع، ولكن العار ألّا نحاول النهوض ثانيةً، فالطموح الصادق أن تتطلع النفس إلى ما هو أسمى وأنبل وأعظم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفاسفها".
وبعيداً عن المجال الأكاديمي، وجدت نفسي ممَّن يحفر كلماته في الفؤاد، فأنا أملك قلماً وحرفاً في مجال الكتابة، فالكتابة الإبداعية تعبير عن الرؤى الشخصية، ابتكار وليس تقليداً، تأليف لا تكرار، وتبدأ بالفطرة، ثم تنمو بالتدريب والاطلاع، وما زال الحلم يترنّم بأن يُدوّن اسمي على غلاف كتاب أو رواية، حتى شاركت حديثاً في عدة كتب ورقية وإلكترونية، سوف يتم الإعلان عنها قَريباً، بالإضافة إلى مشاركتي في عدة مقالات ثقافية واجتماعية على مستوى العالم، كم أنا فخورة بنفسي وعزيمتي، فهي روح البطولة والانتصار، وسيبقى بي أمل يأتي ويذهب؛ لكن لن أودعه.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.