تقترب الجزائر من عقد الانتخابات الرئاسية، لكن السلطة، التي تقوم على ضمان سيرها بسلاسة، تتخوف من حقيقة أنَّ معارضي إجراء هذه الانتخابات وفقاً للشروط التي حددتها هي لا يرغبون في الاستسلام ويستمرون في الخروج إلى الشارع.
تجلى هذا الخوف من خلال حملة
القمع واسعة النطاق التي بدأ ينطبع بها تعامله مع المظاهرات الحاشدة التي اتخذت من
شوارع العاصمة مسرحاً لها. وخلال الأسبوع الماضي، ذاق الطلاب الجزائريون، الذين
ينظمون مظاهرات في شوارع العاصمة كل ثلاثاء، الرشفة الأولى من كأس القمع الذي
تمارسه عناصر الأمن الآخذة في التشدد، ويسمح لهم موقعهم باستعراض قوتهم، بحسب
تقرير لموقع Lakoom-info الجزائري.
التعنت من الجانبين؟
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، هناك تخوف من أن يتفاقم الوضع إلى مواجهة مباشرة بين المتظاهرين وهذه السلطة ويخرج الوضع عن السيطرة تماماً. وما يجعل مشاعر الخوف هذه أكثر من مجرد هواجس هو إدراك غالبية المواطنين أنَّ كلاً من طرفي المواجهة يتبنى موقفاً متعنتاً. فمن جانب، تصر هذه السلطة على أنَّ الانتخابات مسألة "حياة أو موت" وبالتالي هي عازمة على إسكات أي صوت معارض للعملية الانتخابية.
وعلى الجانب الآخر، من يعربون عن معارضتهم ويخرجون إلى الشوارع يبدون إصراراً مماثلاً على خوض هذا التحدي. وهذا يشكل التركيبة المناسبة لتأجيج الوضع في الدولة، وهو ما لم يحدث سابقاً نتيجة اتخاذ المواجهة بين السلطة والحراك طابعاً سلمياً؛ مما أجبر المتطرفين من كلا الجانبين على تهدئة حماسهم لافتعال صراع.
الشرطة تقمع بشكل هائل
وبحسب الموقع الجزائري، لكن من خلال تفعيل عتادها القمعي الهائل وغير المتناسب ضد خصومها، تُظهِر هذه السلطة أنَّ نشاط الحراك يهدد نهجها في تنظيم الانتخابات الرئاسية، لا سيما وأنها باتت متشككة من فقدانها الدعم الشعبي الذي يؤكد رجلها القوي أنه موجود وأن بين يديه الدليل على ذلك.
وفي هذه المرحلة، لا يسعنا إلا أن نتساءل ما إذا كان استخدام هذا القمع يهدف إلى دفع المعارضة المناهضة للانتخابات للتخلي عن سلميتها؛ وبالتالي فقدان الدعم الذي لا يمكن إنكاره والذي تحظى به من قاعدة جماهيرية واسعة تدافع عن حق الاعتراض على أن يكون الحل للأزمة الراهنة هو إجراء انتخابات رئاسية ترى أنها لا تستوفي الشروط اللازمة لتكون منظمة ونزيهة ولتسجل البداية لانفصال جذري عن النظام الحاكم الذي لم يعد الشعب الجزائري يريده.
وإذا كان هذا هو الهدف وراء التوجه القمعي الذي تبنته السلطة في التعامل مع المظاهرات، والذي تأكد ضد الحراك الشعبي المستمر والطلاب المتظاهرين، الثلاثاء الماضي، فلا يجب أن تمنحهم المعارضة فرصة الإيقاع بها، وأن تمتنع عن أية مبادرة متهورة قد تثير ضدها استياءً شعبياً تحاول السلطة الترويج على أنه موجود بالفعل من خلال الإعلام الرسمي.