بوتين يضغط على السعودية لإعادة نظام الأسد للجامعة العربية.. ما المكاسب التي ستحققها الرياض بهذه الصفقة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/10/13 الساعة 10:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/13 الساعة 10:42 بتوقيت غرينتش

نشرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية، في 3 أكتوبر/تشرين الأول، مقابلةً طويلةً مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف. وفي هذه المقابلة، أعاد لافروف التأكيد على دعم روسيا لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وأثنى على قدرة السعودية على التأثير في مستقبل سوريا. وبينما سيزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرياض الإثنين 14 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعطت مقابلة لافروف إشارات بأنّ بوتين سيناقش مسألة عودة سوريا لعضوية الجامعة العربية في سوريا مع المسؤولين السعوديين.

هل تعيد السعودية نظام الأسد للجامعة العربية؟

ورغم أن السعودية رفضت إعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظام بشار الأسد، فإن الساسة الروس ينظرون إلى النغمة المعتدلة المتزايدة في خطاب الرياض بشأن سوريا منذ أوائل عام 2018 بعين التفاؤل. ففي مارس/آذار عام 2018، صرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأن "بشار يظل" زعيماً لسوريا، وفي أغسطس/آب عام 2018، أخبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لافروف أن السعودية ستتعاون مع روسيا في عملية السلام السورية. وهذه التصريحات، إلى جانب قرار اثنين من أقرب حلفاء  السعودية، البحرين والإمارات العربية المتحدة، إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، دفعت روسيا إلى تكثيف محادثاتها مع الرياض بشأن عودة سوريا لعضوية الجامعة العربية.

ورغم مساعي التواصل الروسية وإعلان الرياض تضامنها مع دمشق ضد العملية العسكرية التركية، فربما من غير المرجح أن تغير السعودية رأيها بشأن عودة سوريا إلى عضوية الجامعة العربية في المستقبل القريب. وفيما أكدت السعودية أنه لا يمكن إنهاء الحرب السورية إلى أن تُطرد الميليشيات الإيرانية من جنوب سوريا، يخشى الساسة السعوديون من أن يكون تغيير موقفهم من الأسد مقنعاً لإيران بفاعلية استراتيجية الرفض الأقصى التي تتبعها. 

هل يمكن لانعدام الثقة أن يتغير؟

وقد يعرقل انعدام الثقة العميق بين النظام الملكي السعودي ونظام الأسد عودة العلاقات إلى طبيعتها بالكامل بين السعودية وسوريا أيضاً. 

إذ قال أندريه بَكلانوف، سفير روسيا لدى السعودية من عام 2000 إلى عام 2005، لموقع Lobe Log الأمريكي، إن بشار الأسد ينظر إلى مساعي السعودية لإطاحة حكومته على أنها خيانة، بعد أن وقفت دمشق إلى جانب الرياض خلال حرب الخليج عام 1991، وفكرة الأسد السلبية عن الرياض لا تزال تقيد التعاون المحتمل بين البلدين.

وصحيح أن هذه القضايا قد تظل نقاطاً شائكة في المستقبل المنظور، إلا أن ثمة فوائد استراتيجية واضحة مرتبطة بإعادة السعودية لعلاقاتها مع الأسد. إذ إن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق قد تسمح للسعودية بالاستثمار في عملية إعادة إعمار سوريا، بالتوازي مع مصر والإمارات. إذ تعتقد مصر أن مشاريع البناء والهندسة في سوريا مربحة، وسوف ترحب بدخول السعودية إلى السوق السورية. وتتخذ الإمارات أيضاً خطوات للاستثمار في عملية إعادة إعمار سوريا، إذ التقى وفد سوري مع كبار المستثمرين الإماراتيين في دبي، في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وسافرت مجموعة كبيرة من رجال الأعمال الإماراتيين إلى دمشق في 30 أغسطس/آب الماضي. ويمكن لشراكة استثمارية سعودية-مصرية-إماراتية في سوريا مواجهة تأثير إيران على عملية إعادة إعمار سوريا، والمساعدة تدريجياً في إضعاف تحالف الأسد القوي مع طهران.

إعادة الأسد للجامعة العربية لتعزيز العلاقة مع روسيا

ودعم عودة الأسد إلى جامعة الدول العربية يمثل أيضاً وسيلة فعالة للسعودية لتعزيز علاقتها مع روسيا، دون المخاطرة بردّ الفعل المحتمل على شرائها منظومة الدفاع الصاروخية الروسية S-400. ويؤكد ميثاق أوبك لاستقرار أسعار النفط واهتمام صندوق الاستثمار المباشر الروسي (RDFIF) المتزايد بالتعاون مع الشركات السعودية قيمة روسيا في صورة شريك دولي محتمل للسعودية. 

ومثلما قويت العلاقات الروسية الإماراتية بعد إعادة أبوظبي لعلاقاتها مع الأسد، يمكن لعلاقة السعودية بموسكو أن تتحسن بالمثل، وتُمكّن الرياض من التحوط جزئياً ضد التوترات المتزايدة في علاقتها مع الكونغرس الأمريكي.

ورغم هذه الفوائد الاستراتيجية، من المرجح أن تتأثر سياسة الرياض تجاه دمشق بتقدم الحوار السعودي الإيراني أكثر من تأثرها بالظروف على أرض الواقع في سوريا. ورغم أن لدى السعودية العديد من الشروط المسبقة للمشاركة في حوار جدي مع إيران، التي من بينها إنهاء دعم طهران للحوثيين في اليمن، ووقف هجمات إيران على منشآت النفط السعودية، فهي لا تملك الكثير من أوراق المساومة لعرضها على إيران في المقابل. إن أفضل إغراء يمكن أن تقدمه السعودية لإيران، إذا استمرت المفاوضات الثنائية في بغداد، هو توقفها عن معارضتها الأزلية لاحتفاظ الأسد بالسلطة في سوريا.

"سوريا مقابل اليمن".. هل تنجح الرياض في خطتها؟

ولكن بالنظر إلى درجة انعدام الثقة الكبيرة بين السعودية وإيران، فمن غير المرجح أن تقدم الرياض تنازلاً أحادياً لطهران بشأن سوريا، ولكنها قد تستغل إعادة علاقاتها مع دمشق باعتبارها مقابلاً لسحب إيران دعمها للحوثيين في اليمن. والعرض الأخير الذي قدَّمه الحوثيون بتعليق ضربات الطائرات المسيّرة على الأراضي السعودية، والمؤشرات على انسحاب المجلس الانتقالي الجنوبي -الحركة الانفصالية اليمنية الجنوبية التي تدعمها الإمارات- من عدن، وفّرا فرصة نادرة للسعودية لانتشال نفسها من ورطة تدخلها العسكري في اليمن. وإذا اتخذت السعودية خطوات ملموسة نحو وقف تصعيد مواجهتها على جبهتين في اليمن، فسيصبح بإمكانها المساومة على صفقة "سوريا مقابل اليمن" مع إيران لإعادة الحد الأدنى من الاستقرار إلى الخليج.

وفي حين أن صفقة "سوريا مقابل اليمن" قد تفيد المصالح السعودية، تنظر إيران إلى هذا الاحتمال بعين الشك. إذ قال حميد رضا عزيزي، وهو أستاذ بجامعة شهيد بهشتي في طهران، لموقع Lobe Log إن "إيران تشعر بضعف موقف السعودية في كل من سوريا واليمن، لذلك قد لا ترى تركيز السعودية على سوريا تطوراً حاسماً".

وأشار عزيزي أيضاً إلى أن الرأي السائد في إيران هو أن البحرين والإمارات أعادتا العلاقات مع الأسد بالتنسيق مع  السعودية، وبالتالي فإن اعتراف الرياض بشرعية الأسد لن يعتبر إشارة على حسن النية، ولكنه اعتراف عملي بفوز الأسد بالحرب الأهلية السورية. واختتم عزيزي كلامه بالقول إن "نظرة إيران والسعودية للمكاسب والخسائر في المنطقة مختلفة تماماً"، وهذه الهوة تعرقل الحوار الحقيقي بين الرياض وطهران.

ورغم أن بوتين سيحث السعودية على الأرجح على إقامة علاقات طبيعية مع سوريا، والإعلان عن دور روسيا وسيطاً محتملاً لحوار غير رسمي مع إيران، فإن موسكو ستبذل أقصى ما بوسعها لتأمين دعم الرياض المباشر لعودة الأسد إلى جامعة الدول العربية. ولأسباب استراتيجية، قد يتقارب موقف السعودية مع الموقف الروسي بدرجة أكبر على المدى الطويل. لكن طالما أصرت السعودية وإيران على اتباع نهج لا غالب ولا مغلوب في الدبلوماسية الإقليمية، فإن التحول في السياسة السعودية تجاه سوريا قد لا يؤدي إلى تنازلات مماثلة من طهران أو تهدئة التوترات بدرجة كبيرة في الخليج.

تحميل المزيد