وصلت الأمور إلى طريق مسدود فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة بعد أن ألقت إثيوبيا باللوم على مصر في إفشال المفاوضات ورفضت مقترح القاهرة إدخال طرف ثالث وسيطاً، فماذا يعني ذلك بالنسبة للطرفين؟ وما الخيارات المتبقية أمام مصر؟
ما آخر تطورات الموقف؟
في بيان لوزارة الخارجية الإثيوبية بثه التلفزيون الرسمي أمس الأحد 6 أكتوبر /تشرين الأول، اتهمت أديس أبابا القاهرة بإفشال مفاوضات سد النهضة، وقالت إن سبب فشل المفاوضات "يعود إلى تمسك مصر بخطة معدة سلفاً لعرقلة تقدم عمل اللجنة الفنية"، كما أكدت أنها ترفض أي تدخل لوسيط آخر في المفاوضات.
وبحسب البيان، تمسكت إثيوبيا بمبدأ الاستخدام العادل لمياه النيل، دون الإضرار بحقوق أي من دول حوضه، وجددت تأكيد عدم اعتراف إثيوبيا بأي معاهدة سابقة لتوزيع مياه النيل لم تكن جزءاً منها.
رفض أديس أبابا الدعوة المصرية إلى توسط طرف ثالث في المفاوضات، جاء على اعتبار أن ذلك إنكار للتقدم الذي تم إحرازه، وانتهاك لاتفاق إعلان المبادئ الذي وقعته إثيوبيا والسودان ومصر عام 2015.
بمَ اتهمت مصر الجانبَ الإثيوبي؟
كانت مصر قد أعلنت السبت 5 أكتوبر/تشرين الأول، أن محادثات سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود، ودعت إلى وساطة دولية، وجاء البيان الذي أصدرته وزارة الموارد المائية المصرية، عقب اجتماع لوزراء الموارد المائية من مصر والسودان وإثيوبيا في العاصمة السودانية الخرطوم.
وقالت الوزارة: "مفاوضات سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود، نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه الأطروحات كافةً التي تراعي مصالح مصر المائية وتتجنب إحداث ضرر جسيم لمصر".
وتابع البيان أن مصر طالبت "بمشاركة طرف دولي في مفاوضات سد النهضة للتوسط بين الدول الثلاث، وتقريب وجهات النظر، والمساعدة على التوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحفظ حقوق الدول الثلاث دون الافتئات على مصالح أي منها".
السيسي "يلتزم" الدفاع عن حقوق المصريين
وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عقب المحادثات، على فيسبوك: "أؤكد أن الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمةٌ حماية الحقوق المائية المصرية في مياه النيل، ومستمرة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي وفي إطار محددات القانون الدولي لحماية هذه الحقوق".
وكان الوزير الإثيوبي سلشي بيكيلي قد رفض الطلب المصري للوساطة، وقال للصحفيين: "لماذا نحتاج شركاء جدداً؟ هل تريدون تمديد (المفاوضات) إلى أجل غير مسمى؟
مَن خالف اتفاق إعلان المبادئ؟
بالعودة إلى اتفاق إعلان المبادئ الذي تم توقيعه بالخرطوم في مارس/آذار 2015، يتضح عدم وجود أي بنود ملزمة لإثيوبيا بالحفاظ على حصة مصر التاريخية في مياه النيل والتي حددتها اتفاقية 1929 وأضيفت لها اتفاقية 1959 بين مصر والسودان وهي اتفاقية تكميلية، نصت على أن حصة مصر من مياه النيل 55.5 مليار متر مكعب من المياه، 48 ملياراً من مياه النهر إضافة إلى 7.5 مليار من خزان السد العالي.
أما إعلان المبادئ الذي ضم 10 مواد ووقّع عليه من الجانب المصري الرئيس عبدالفتاح السيسي ومن الجانب الإثيوبي رئيس الوزراء السابق هيلاماريام ديسالين ومن السودان الرئيس المخلوع عمر البشير، فلم يشر من قريب أو بعيد إلى أي اتفاقات أخرى.
وفيما يتعلق باللجوء إلى الوساطة، فقد نصت المادة الأخيرة من الاتفاق وهي بعنوان "مبدأ التسوية السلمية للمنازعات"، على: "تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتها الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق، بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا. إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة".
رفض إثيوبيا للوساطة يعني أنه ليس من حق مصر أن تلجأ إلى ذلك الخيار منفردة، طبقاً لبنود الاتفاق، وهو ما يعني ببساطةٍ أن مسألة اللجوء إلى وساطة دولية أو تحكيم دولي ليس من حق مصر، التي تنازلت ضمنياً عن هذا الحق بتوقيعها على إعلان اتفاق المبادئ.
كما أن اتهام أديس أبابا لمصر بانتهاك بنود إعلان المبادئ بطلب الأخيرة لوساطة دولية، يتفق مع بنود الإعلان الذي ألزمت مصر نفسها به.
مصر تنازلت عملياً عن حصتها التاريخية في مياه النيل بتوقيعها على اتفاق المبادئ مع إثيوبيا، حيث إنه الاتفاق الوحيد الموقع عليه بين الجانبين ولا يوجد فيه أي ذكر لحصة محددة من مياه النيل لا بد أن تحصل عليها مصر.
وفي هذا السياق، أكدت إثيوبيا تمسُّكها بمبدأ الاستخدام العادل لمياه النيل، دون الإضرار بأي من دول حوضه، مع تجديد تأكيد عدم اعترافها بأي معاهدة سابقة لتوزيع مياه النيل لم تكن جزءاً منها.