قُتل تسعة متظاهرين بينهم شرطي، خلال 24 ساعة، في العراق حيث اتسعت رقعة المظاهرات الأربعاء 2 أكتوبر/تشرين الأول 2019، ولجأت القوات الأمنية مجدداً إلى إطلاق الرصاص الحي في الهواء لتفريق المحتجين، وسط دعوات إلى ضبط النفس.
ويبدو أن الحكومة التي تم تشكيلها قبل عام تقريباً، قد اتخذت خيار الحزم في مواجهة أول امتحان شعبي لها، رغم أن ذلك لم يُثنِ المحتجين الذين واصلوا تدفُّقهم مساء إلى نقاط التجمع المركزية في بغداد ومدن جنوبية عدة.
وقُتل ستة متظاهرين بالرصاص، الأربعاء، في الناصرية بمحافظة ذي قار إضافة إلى شرطي، غداة مقتل متظاهر في المدينة التي تبعد 300 كيلومتر جنوب بغداد، بحسب ما أعلنه مسؤول محلي، من دون تحديد مصادر النيران. في المقابل، قُتل متظاهران منذ الثلاثاء ببغداد، حيث امتدت المظاهرات لتطول أكثر من ستة أحياء في العاصمة.
وأقدم المتظاهرون في أحياء بغدادية عدة، على إشعال إطارات وقطع طرقات رئيسية، بحسب ما ذكره مراسلون من وكالة الأنباء الفرنسية.
فرض حظر التجول بمدن عراقية
أعلن رئيس الوزراء العراقي عبد المهدي حظر تجول كاملا في بغداد اعتبارا من الخامسة صباحا يوم الخميس 3 أكتوبر/تشرين الأول، حتى إشعار آخر.
قالت مصادر بالشرطة لـ "رويترز"، إن العراق فرض حظر التجول في مدن الناصرية والعمارة والحلة بجنوب البلاد، وسط تجدُّد احتجاجات مناهضة للحكومة، تحولت إلى العنف وانتشرت في أنحاء البلاد.
واشتبك المحتجون مع قوات الأمن، وفي بعض الأنحاء أحرقوا مباني حكومية وحزبية. وأفادت مصادر أخرى في الشرطة بتبادل إطلاق النار بين المحتجين وقوات الأمن في الناصرية، ثم جرى نشر قوات مكافحة الإرهاب بعدما فقدت الشرطة السيطرة على الوضع.
وقالت مصادر بالشرطة لـ "رويترز"، إن قوات مكافحة الإرهاب العراقية استخدمت الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع، لمنع محتجين من اقتحام مطار بغداد.
الجيش يعلن حالة التأهب ويغلق المنطقة الخضراء
أفاد التلفزيون الرسمي العراقي، بأن وزير الدفاع نجاح الشمري أمر بوضع الوحدات العسكرية كافة في حالة تأهب؛ على خلفية موجة الاحتجاجات التي تجتاح البلاد، منذ الثلاثاء.
وقررت السلطات العراقية إعادة إغلاق المنطقة الخضراء وسط بغداد، والتي تضم مقار حكومية والسفارة الأمريكية، بعدما أُعيد فتحها في يونيو/حزيران الماضي، في حين تتواصل المظاهرات بمحيطها، بحسب ما قاله مصدر حكومي لوكالة الأنباء الفرنسية.
وانتشرت المدرعات العسكرية وعناصر أمنيون عند المداخل والطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء، بحسب المصدر نفسه.
وحاول المحتجون، الذين يواجهون القوات الأمنية وجهاً لوجه، التوجه إلى ساحة التحرير في وسط العاصمة، والتي تعتبر نقطة انطلاق تقليدية للتظاهرات بالمدينة، ويفصلها عن المنطقة الخضراء جسر الجمهورية، حيث ضربت القوات الأمنية طوقاً مشدداً منذ الثلاثاء، وواجهت المتظاهرين بالرصاص الحي.
انقطاع الإنترنت عن معظم أنحاء العراق
قال مرصد نتبلوكس لمراقبة الإنترنت إن الإنترنت انقطع عن معظم أنحاء العراق، وضمن ذلك العاصمة بغداد، وإن معدل الاتصال انخفض إلى ما دون 70 في المئة، وسط تجدد احتجاجات مناهضة للحكومة تحولت إلى العنف وانتشرت في أنحاء البلاد.
وأشارت وكالة الأناضول إلى أنه في وقت سابق من الأربعاء، بدت مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وإنستغرام وتطبيق التراسل واتساب معطَّلة في أنحاء العراق باستثناء إقليم كردستان شبه المستقل والذي يمتلك بنية تحتية منفصلة فيما يتعلق بالإنترنت.
ولم يتسنَّ الوصول إلى خدمات الإنترنت إلا من خلال شبكة افتراضية خاصة، وهي تخفي فعلياً موقع الجهاز المستخدم.
وتحفظت وزارة الاتصالات العراقية على التعقيب على الحديث عن قطع خدمة الإنترنت، والذي يعتبره محتجون خطوة تستهدف منع انتشار الاحتجاجات.
وقال حسن رحم، ناشط مدني ومتظاهر من بغداد، لـ "الأناضول": "بدأت خدمة الإنترنت بالانقطاع بشكل متقطع، عصر اليوم، وهو ما اضطرنا نحن المتظاهرين إلى استخدام برامج إلكترونية تسهم في تقليل نسبة الحجب".
ومن محافظة ميسان (جنوب)، قال حسنين المنشد، وهو متظاهر أيضاً، في اتصال مع الأناضول: "أحياناً يكون الحجب في ميسان كلياً وتاماً، وأحياناً يكون جزئياً، لدرجة أنه حتى البرامج التي تسهم في كسر الحجب الإلكتروني لا تساعدنا".
وأضاف: "لا نملك سوى الإنترنت لإيصال ما يجري (من احتجاجات) إلى العالم، فوسائل الإعلام لا يمكنها العمل بشكل حر في هذه الأجواء".
ومتظاهرون يحرقون مقار حكومية
قال مصدر أمني عراقي، الأربعاء، إنَّ مئات من المتظاهرين أضرموا النيران في البوابة الخارجية لمبنى مجلس محافظة الديوانية جنوب البلاد؛ في محاولة لاقتحامه.
وفي تصريح لـ "الأناضول"، قال صفاء كامل، ضابط برتبة مقدم في قيادة عمليات الفرات الأوسط (تابعة للجيش)، إن "المتظاهرين أضرموا النيران في البوابة الخارجية للمبنى، الذي فرضت قوات مكافحة الشغب وقوات الأمن الأخرى إجراءات مشددة لمنع المتظاهرين من اقتحامه".
وأوضح كامل أن "قوات مكافحة الشغب مخوّل لها استخدام الغازات المسيلة للدموع والمياه والهراوات، لمنع اقتحام المبنى"، مشيراً إلى أن "المئات يتجمهرون بالقرب من المبنى؛ في محاولة لاقتحامه".
وفي محافظة بابل (جنوب)، قال شهود عيان إن "قوات مكافحة الشغب استخدمت الرصاص الحي وخراطيم المياه والهراوات، لفضّ اعتصام أمام مبنى مجلس المحافظة".