قال موقع Al Monitor الأمريكي إن تركيا ليست راضية تماماً عن مركز العمليات المشتركة المقام على الحدود السورية بالتعاون مع الولايات المتحدة. فمن وجهة نظر تركيا، يفرض هذا المركز قيوداً على عملية شاملة للقضاء على الميليشيات الكردية شرق الفرات، التي تعتبرها تركيا تهديداً على الأمن القومي.
وبدأت الحراسة المشتركة بين أمريكا وتركيا في 8 سبتمبر/أيلول، لكن عمق المنطقة التي تخضع لسيطرة الحراسة المشتركة لا تتوافق مع توقعات تركيا. فالحكومة التركية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان أصرت على وجود منطقة آمنة بعمق 30-40 كيلومتراً، وأعربت عن هدف جديد وهو تحويل شرق الفرات بالكامل من محافظة الرقة إلى دير الزور إلى "ممر سلام"، ثم نقل 3 ملايين لاجئ من تركيا إلى المنطقة الآمنة.
تركيا تريد قواعد دائمة شمال سوريا
قال خلوصي آكار وزير الدفاع التركي إن الهدف هو إعداد قواعد دائمة في شمالي سوريا مثلما فعلت تركيا في شمالي العراق. وقال: "سوف نبني قواعد حراسة شرق الفرات". وأضاف: "هل سنتوقف هناك؟ لا. هدفنا هو خلق منطقة آمنة بعمق 30 إلى 40 كيلومتر بطول الحدود. ثم نشجع السوريين على العودة ببناء منازل. ستكون هذه قواعد أمريكية تركية مشتركة. إننا نريدها أن تكون دائمة. يمكن أن تكون مثل تلك الموجودة في شمالي العراق. سنقرر المواقع والأعداد مع تقدم المفاوضات. وإذا حاولت الولايات المتحدة المماطلة، فلدينا خطة ب وخطة ج، وهما جاهزتان للتنفيذ".
بدأت تركيا النظر في تأسيس مركز عمليات مشترك مع الولايات المتحدة في 7 أغسطس/آب. وتلى ذلك المساومة التركية الأمريكية، التي بدأت بحشد الدبابات التركية على الحدود المقابلة لمدينتي تل أبيض وعين العرب. وعلى الرغم من أن الحظر رُفِعَ بعد مدة قصيرة، لم تكن هذه حركة مفاجئة من تركيا. قال الرئيس أردوغان بعد 3 أسابيع من الاتفاقية إنه حتى لو لم يُسَر الأمريكيون من خطة تركيا من أجل منطقة آمنة، فقد وافقوا عليها على أية حال.
نفذت تركيا والولايات المتحدة مراقبتهم الجوية السادسة يوم 21 سبتمبر/أيلول في سياق الاتفاق لإنشاء منطقة آمنة شرق الفرات. وصف الجانب التركي تقارير انسحاب قوات سوريا الديمقراطية وتدمير مناطق تحصن وحدات حماية الشعب الكردية بأنها "استعراض".
هل ستذهب تركيا بمفردها في خطتها؟
كرر أردوغان في الأيام الماضية تحذيره: "إذا لم ينشأ حلٌّ في خلال أسبوعين لفتح الطريق أمام تركيا، سوف ننشر طائراتنا الخاصة". ويعلق أردوغان أهميةً كبيرة على الاجتماع الذي يأمل عقده مع ترامب، على الرغم من أن الاجتماع لم يُحدَّد بعد، وما زال في انتظار قرار ترامب.
أدلى أردوغان بتعليقاتٍ حسَّاسة قبل سفره إلى نيويورك، مؤكداً أنه إذا أوقفت الولايات المتحدة العملية، فإن تركيا ستتصرَّف بمفردها لتأسيس منطقة آمنة وإطلاق عملية عسكرية شرق الفرات، مثلما فعلت في الباب، وجرابلس، وعفرين.
وتحدَّث أردوغان عن توطين اللاجئين في هذه المنطقة، وكرَّر ادعاءه أن "الملاك الحقيقيين لهذه المنطقة، 85 أو 90 % منهم من العرب"، مما أثار الخوف بين الأكراد كما يقول الموقع الأمريكي.
ومما لفت الانتباه أيضاً، الأوامر التي أصدرتها وزارة الصحة للعاملين بها للاستعداد إلى العملية العسكرية في سوريا. ألغت الحكومة التركية مغادرة الأطباء من مدينة أورفة، واستدعت المزيد من الأطباء إلى مدينتي أورفة وماردين من 19 إقليماً، استعداداً للعملية العسكرية المحتملة، بحسب المونيتور.
وتتأثَّر عودة أردوغان للضغط على الولايات المتحدة بالتفاهم بينه وبين شركائه في أستانا -إيران وروسيا. ويعكس البيان الختامي لقمة أنقرة في يوم 16 سبتمبر/أيلول تغيراً أساسياً في الأسلوب الحذر لروسيا وإيران. فقد رفضوا المبادرات التي قدمها الأكراد للحكم الذاتي بحجة مكافحة الإرهاب، والتي تهدف إلى تقويض وحدة الأراضي السورية وسيادتها.
وفي الفترة نفسها، وصف خطاب من وزير الخارجية السوري إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قوات سوريا الديمقراطية بأنها "جماعة إرهابية مسلحة تنجز الأعمال بالنيابة عن الولايات المتحدة" بطريقة خدمت الصورة التي تحاول أنقرة خلقها.
هل ينتزع أردوغان موافقة ترامب؟
هل سيكون أردوغان قادراً على انتزاع تصديق من ترامب، الذي وعده بمنطقة آمنة مساحتها 20 ميلاً (32 كيلومتراً)؟ وهل إذا لم يحصل أردوغان على الضوء الأخضر من ترامب قبل نهاية سبتمبر/أيلول، ستبدأ تركيا في اتخاذ إجراءات من جانب واحد؟
يقول الموقع الأمريكي: لا يُحتمل أن تشن تركيا، التي نشرت قواتها بطول الحدود مرات عديدة، لكنها أحجمت عن أي أفعال، عملية دون التنسيق مع الولايات المتحدة. فإذا انصاع ترامب لنصيحة معاونيه الذين يتعاملون مع الملف السوري، فإنه على الأغلب لن يرضي تركيا.
أغضبت رسائل الجنرال كريستيان ورتمان والجنرال سكوت نعمان مدير العمليات الأمريكية المضادة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في المؤتمر الصحفي الذي أُقيم يوم 21 سبتمبر/أيلول، أردوغان:
أولاً، قالوا إن الولايات المتحدة ستستمر في إمداد قوات سوريا الديمقراطية بالأسلحة والذخيرة.
ثانياً، تركز الولايات المتحدة في المساحة بين تل أبيض ورأس العين، وهي منطقة ذات أهمية بالنسبة للولايات المتحدة.
ثالثاً، إذا كان تخطي المخاوف الأمنية لدى تركيا هو أحد أهداف مركز العمليات المشترك هذا، فهناك هدف آخر وهو منع العمليات العسكرية غير المخطط لها والتي ستعيق القتال ضد الدولة الإسلامية.
وفي هذه الأثناء، تحقق الولايات المتحدة تقدماً في جهودها لإقناع حلفائها للاشتراك في عملية شرق الفرات لصالح "الإدارة الذاتية" في شمال وشرق سوريا. فعلى سبيل المثال، انعقدت لقاءات مع وفد بريطاني من 13 شخصاً في الفترة من 16 إلى 20 سبتمبر/أيلول في شمالي سوريا.
زار مسؤولون من الخارجية الفرنسية والألمانية مدينة الرقة في يوم 18 سبتمبر/أيلول وناقشوا وضع المنطقة الحالي مع مسؤولي الإدارة الذاتية في عين عيسى.
وفي الوقت نفسه، سافرت إلهام أحمد، رئيسة "مجلس سوريا الديمقراطية"، مع إليزابيث جويري، نائبة رئيس المجلس التنفيذي المستقل، إلى واشنطن من أجل الضغط. وقال مظلوم كوباني إن "قوات سوريا الديمقراطية لن تسمح بأن يتجاوز عمق المنطقة الآمنة 14 كيلومتراً".
في النهاية، يقول موقع المونيتور، إنه يجب أن يكون لدى تركيا، "مبررات قوية" للحصول على دعم ترامب ولمواجهة مواقف البنتاغون والكونغرس في قضية سوريا. في هذه اللحظة، تعمل تركيا جاهدةً على إجبار ترامب على اتخاذ قرار متهور بالنسبة للكونغرس، وتأمل أن هذا قد ينجح.