إذا كنت تظن أن شرب العصير مفيد للطفل كمصدر للفيتامينات، فأنت من الأكثرية العارمة التي افترضت خطأً ما يمارسه الآباء من عقود. إذ أصدرت هيئة من العلماء توصيات جديدة للأطفال، وصفت بالتفصيل ما يجب أن يشربه الطفل في أولى سنوات حياته. وقد تذهل هذه التوصيات الآباء، لأنها من أكثرها شمولاً وتقييداً حتى الآن.
وقالت الهيئة على موقعها الإلكتروني Healthy drinks Healthy kids إن على الرضع ألا يتلقوا إلا حليب الثدي أو الحليب الصناعي، ويمكن أن يُضاف الماء عند بلوغ 6 أشهر.
أما الأطفال الذين يشربون الحليب الصناعي فيمكن أن يتحولوا إلى الحليب البقري بعد 12 شهراً.
أما في السنوات الخمس الأولى للطفل، يجب أن تقتصر المشروبات في معظمها على الحليب والماء.
وينبغي ألا يُعطى الأطفال في سن الخامسة أو أقل أي مشروبات سكرية أو بمحليات أخرى، بما في ذلك العصائر منخفضة السعرات أو المحلاة صناعياً، أو حليب الشوكولاته أو أي حليب منكه، أو المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو أي مشروبات أخرى للرضع.
كما يجب تجنب المشروبات النباتية، مثل حليب اللوز والأرز والشوفان (يُعتبر حليب الصويا هو البديل المفضل للآباء الذين يودون الابتعاد عن حليب الأبقار).
عدم شرب العصير مطلقاً أفضل للأطفال!
وما قد يصدم الآباء أصحاب الخزانات الممتلئة بعلب العصير، هو ما قاله العلماء بأن ما يتناوله الأطفال الصغار من العصير يجب ألا يتعدى كوباً واحداً في اليوم من عصائر الفاكهة الطبيعية 100%؛ وأن عدم شربه مطلقاً أفضل.
أصدرت هذه التوجيهات الجديدة مجموعة (بحوث التغذية السليمة) Healthy Eating Research، الخاصة بالتغذية، وموّلتها شركة روبرت وود جونسون.
ويُرجح أن تكون هذه التوصيات مؤثرة، إذ أنها من إعداد الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال وأكاديمية التغذية وعلم النظم الغذائية وجمعية القلب الأميركية والأكاديمية الأميركية لطب أسنان الأطفال.
وجاءت التحذيرات من المشروبات المحلاة في ظل المخاوف المتواصلة من سمنة الأطفال، التي يمكن أن تمهد الطريق أمام أمراض مزمنة حادة.
وتصل نسبة الأطفال المصابين بالسمنة في الولايات المتحدة إلى 19%.
تقول ميغان لوت، نائبة مدير مجموعة Healthy Eating Research، "ما يقرب من نصف الأطفال ما بين سنتين إلى خمس سنوات في الولايات المتحدة، يشربون العصائر المحلاة يومياً، وهو سلوك نعرف أنه يزيد خطر الإصابة بالسمنة والسكري والمشاكل الصحية الأخرى".
وتضيف، "تُبسط التوصيات كل شيء على الوالدين؛ الماء والحليب وقدر محدود من عصير الفاكهة الطبيعي 100%".
يرى العلماء أن الأطفال لا يحتاجون تناول العصير، وأنهم أفضل حالاً إذا تناولوا الفاكهة طازجة.
إذ يمكن أن يؤدي الاستهلاك المفرط للعصير إلى تسوس الأسنان واكتساب الوزن، وهو مرتبط بالتغذية السيئة بشكل عام.
بدوره يقول ريتشارد بيسر، الرئيس التنفيذي لشركة روبرت وود جونسون لصحيفة The New York Times، "عندما نتحدث عن السعرات الحرارية فارغة القيمة، التي نستهلكها من خلال المشروبات، وعن عدد السعرات الحرارية التي تناولها الناس من خلال المشروبات المحلاة بالسكر، فنحن لا نقصد المشروبات الغازية فقط".
ويضيف "العصير مصدر آخر للسعرات الحرارية التي لا توصف بأنها رائعة من الناحية الغذائية".
ماذا عن أنواع الحليب البديل؟
لكن التوصيات بالحد من تناول العصائر ليست جديدة؛ فلطالما نصحت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بعدم إعطاء الرُضع أي عصائر قبل بلوغهم عاماً واحداً، وأن يقتصر كم هذه العصائر على حوالي 113 غراماً يومياً، للأطفال ما بين سنة وثلاث سنوات.
أما الحليب النباتي مثل حليب اللوز والشوفان والأرز، فعادة ما يحتوي على محليات إضافية أو منكهات صناعية، وهو أقل في قيمته الغذائية من حليب الأبقار، الذي يحتوي الكوب الواحد منه على 8 غرامات من البروتين إلى جانب العناصر الغذائية الأخرى مثل الكالسيوم.
وباستثناء حليب الصويا، تُعتبر أنواع الحليب النباتي فقيرة في البروتين. وعلى الرغم من أنها عادة ما تكون مدعمة بالعناصر الغذائية، لا يدري العلماء ما إذا كان الناس قادرين على امتصاص هذه العناصر بنفس الفعالية كما في حالة تلك الموجودة بشكل طبيعي في الأطعمة الأخرى.
المشروبات التي تُسوق للأطفال غير ضرورية
وترى ميغان لوت أن المشروبات التي تُسوق للأطفال تكون غير ضرورية في العادة، ونظراً لأن معظم الأطفال يمكنهم تناول الطعام الصلب؛ تميل أسعار هذه المنتجات إلى الارتفاع وتحتوي عادة سكريات مضافة.
وتضيف أنه لا توجد بيانات دقيقة مأخوذة من دراسات الأطفال تخبر بأمان المشروبات التي تحتوي محليات صناعية والمشروبات منخفضة السعرات، وأن هذه المنتجات قد تُهيئ الطفل لتفضيل المشروبات السكرية عموماً.
وقال ويليام ديرموي، المتحدث باسم جمعية المشروبات الأمريكية، إن شركات المشروبات تتفق على "أهمية اعتدال العائلات في استهلاك السكر، لضمان نمط حياة صحي ومتوازن، وأن هذا الأمر ينطبق خصيصاً على الأطفال الصغار".
إلا أن المتحدث باسم رابطة منتجات العصائر، قال إنه بالنسبة للأطفال الذين يتناولون الفاكهة الطازجة بقدر محدود، يمكن أن تساعدهم العصائر في زيادة حصتهم من الفاكهة.
وتقدر التوجيهات الغذائية الفدرالية ثلاثة أرباع كوب من عصير الفاكهة الطبيعية 100% معادلاً لثلاثة أرباع كوب من الفاكهة.
لكن كثيراً من العصائر التي يُخيل احتواؤها على عصير طبيعي، قد لا تحتوي إلا على مقدار قليل من العصير الحقيقي، حسبما حذر الخبراء، قائلين إن على الآباء أن يقرأوا الوسائم بعناية.
سكر العصائر يؤدي للسمنة وأمراض الوزن الزائد
يطور الأطفال تفضيلاتهم في الأطعمة والمشروبات في سن صغيرة، وقد وُضعت هذه التوصيات مع التركيز على تطوير شهية صحية.
تصل نسبة المصابين بالسمنة أو بالوزن الزائد، أو بحالات تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع الكوليسترول أو انقطاع التنفس أثناء النوم أو النوع الثاني من السكري أو الأمراض القلبية أو الجلطات أو بعض أنواع السرطان، في الولايات المتحدة من الأطفال والمراهقين إلى حوالي الثلث.
يقول بيسر، "ما نأمله هو أن يعينك هذا النهج في مساعدة طفلك على تطوير ميلٍ ما إلى الأطعمة النافعة".
وعلى الرغم من أن كوباً من العصير الطبيعي 100% بين الحين والآخر ليس ضاراً، "ما تريد أن يشربه أطفالك بصفة أساسية خلال مراحل نموهم هو الماء".
التوصيات الجديدة وفقاً للفئات العمرية
من الولادة إلى 6 أشهر: ينبغي أن يشرب الرضع حليب الثدي فقط أو الحليب الصناعي المخصص لهم.
يجب ألا يشربوا العصير أو الحليب أو الحليب المنكه أو ما يُسمى بحليب الفطام أو الحليب الانتقالي (ويُسمى أيضاً حليب الرضع، وحليب النمو، وحليب المتابعة)، أو العصائر المحلاة منخفضة السعرات (مشروبات الحمية أو المشروبات "الخفيفة" أو تلك المُحلاة بسكر الحميات الغذائية مثل Stevia أو Sucralose).
كما ينبغي ألا يتلقى الأطفال في هذا العمر الحليب النباتي أو "غير اللبني"، أو المشروبات التي تحتوي على الكافيين (المشروبات الغازية والقهوة والشاي ومشروبات الطاقة)، أو المشروبات المحلاة بالسكر (المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة والعصائر بنكهات الفاكهة والمشروبات الرياضية ومشروبات الطاقة والماء المحلى والقهوة أو الشاي المحلى).
6 إلى 12 شهر: في هذا العمر ينبغي أن يستمر اعتماد الطفل على حليب الثدي أو الحليب الصناعي.
وما إن يبدأ في تناول الطعام الصلب، يمكن عندها البدء في رشف الماء.
ينبغي أن يتجنب الآباء العصائر، والحليب، والحليب المُحلى، وحليب الفطام، والمشروبات المحلاة منخفضة السعرات، والحليب النباتي أو "غير اللبني"، والمشروبات التي تحتوي على الكافيين، والمشروبات المحلاة بالسكر.
12 إلى 24 شهراً: في هذا العمر يجب أن يشرب الطفل من كوب إلى 4 أكواب من الماء يومياً.
ويمكن أن يبدأ في شرب الحليب العادي معقماً. ولا يجب أن يتعدى مقدار العصير عن حوالي 113 غراماً من عصير الفاكهة الطبيعية 100% في اليوم، ويمكن تخفيفه بالماء.
وينبغي تجنب المشروبات الأخرى (الحليب المحلى، وحليب الفطام، والمشروبات التي تحتوي على الكافيين، والحليب النباتي والحليب غير اللبني، والمشروبات المحلاة بالسكر، والمشروبات المحلاة منخفضة السعرات).
من عامين إلى 3 أعوام: يجب أن يشرب الطفل في هذا العمر من كوب إلى 4 أكواب من الماء، والانتقال إلى حليب خالي الدسم أو منخفض الدسم (1%).
ويجب ألا يتعدى مقدار العصير عن حوالي 113 غراماً من الفاكهة الطبيعية 100% في اليوم، وألا يُعطى أي مشروبات أخرى.
من 4 إلى 5 أعوام: ينبغي أن يشرب هؤلاء الأطفال من 1.5 إلى 5 أكواب من الماء يومياً، وحليباً منخفض أو منزوع الدسم، ولا أكثر من 113 إلى 170 غراماً من عصير الفاكهة الطبيعية 100% في اليوم.
ولا يجب أن يُعطى أي مشروبات أخرى.