غريب أمر أثرياء إنجلترا، ففي الوقت الذي لا تكف فيه وسائل الإعلام الإنجليزية عن انتقاد استحواذ الأجانب على أكبر الأندية الإنجليزية بداية من إبراموفيتش، مروراً بمنصور بن زايد وعائلة غليزر التي تملك مانشستر يونايتد وغيرهم، نجد أن أثرياء الانجليزي يحجمون عن الاستثمار في أندية بلادهم ويذهبون بدلاً من ذلك إلى أندية في دول أوروبية أخرى مثلما فعل مؤخراً السير جيم راتكليف الذي يُعرف بأنه أغنى رجل في بريطانيا.
الرجل رغم ثروته المقدَّرة بنحو 20 مليار جنيه إسترليني (25 مليار دولار تقريباً)، ورغم تفاخره بأنه أحد مشجعي مانشستر يونايتد قرر أن يحتفظ بنقوده في جيبه بعد إجراء مفاوضاتٍ مع عددٍ من الأندية، بما في ذلك ناديه المفضل منذ الصغر مانشستر يونايتد، وكذلك تشيلسي، ونيوكاسل يونايتد.
وذكرت صحيفة The Daily Mirror البريطانية أن راتكليف فضَّل عوضاً عن ذلك استثمار 90 مليون جنيه إسترليني (نحو 112 مليون دولار) في النادي الفرنسي نيس، بينما ما زال مهتماً بالفريق السويسري لوزان.
يبدو هذا خبراً ساراً لباترك فييرا، المدير الفني لنيس. ولكنه خبر سيئ لعشَّاق مانشستر يونايتد الذين يحلمون بالتخلص من عائلة غليزر، ولمحبي نيوكاسل الثائرين على مايك أشلي.
أما بالنسبة إلى اهتمامه بتشيلسي، فقد انتهت المفاوضات الأولية مع الروسي رومان إبراموفيتش دون تقديم عرض، بعد أن نفر راتكليف بسبب السعر المطلوب المقدر بـ 2.5 مليار جنيه إسترليني (3.12 مليار دولار).
لكن الأشخاص المقرَّبين من الرجل -الذي بدأ حياته في سكن عمومي بمقاطعة مانشستر الكبرى- يصرُّون على أنهم لا يستبعدون أن يعقد راتكليف مستقبلاً صفقةً مع أحد أندية إنجلترا.
وصرَّح أحد مستشاريه التجاريين بأن "جيم مشجع كبير للتجارة في هذه البلاد وكان مهتماً للغاية بشراء أحد كبار أندية الدوري الممتاز. وفي الوقت ذاته، يريد قيمةً تكافئ أمواله. وبعد التفكير في التكلفة المطلوبة والاستثمار الضروري، فضَّل نيس على أندية الدوري الممتاز التي كان يتفاوض معها".
وقد أثبت راتكليف بالفعل في مجالاتٍ أخرى من الرياضة والتجارة أنه قادرٌ على استغلال أمواله استغلالاً أمثل.
فقد استحوذت شركته Ineos للبتروكيماويات -التي أسَّسها عام 1988- على فريق ركوب الدراجات العملاق المعروف سابقاً باسم تيم سكاي، ويدعم حالياً محاولة الرياضي الكيني إليود كيبتشوغ كسر حاجز الساعتين في الماراثون.
علاوةً على ذلك فقد استثمر راتكليف مبالغ طائلةً في تحدي كأس أمريكا لسباق اليخوت ببريطانيا العام الماضي. وتداولت نشرات الأخبار التجارية اسمه خلال الأسبوع الماضي لمنحه الضوء الأخضر لبناء سيارة دفع رباعي جديدة بمدينة بريدجند الويلزية، وخلق فرص عمل في منطقةٍ ستُبتلى قريباً بالإغلاق المنتظر لمصنع محركات Ford العام المقبل.
ولا تزال كرة القدم مقرَّبةً إلى قلبه. فقد نشأ عاشقاً لمانشستر يونايتد، لكنه صار من حملة تذاكر تشيلسي الموسمية بعد انتقاله إلى العاصمة لندن.
واعترف راتكليف في وقتٍ سابقٍ من العام الجاري قائلاً: "أنا مشجع معذَّب لمانشستر يونايتد. لكن دعنا لا نتطرق إلى ذلك!".
وتقول مصادر داخلية إنه كان محبطاً للغاية لعدم إبرامه صفقةً مع أحد أندية الدوري الممتاز، بعد أن مال قلبه نحو الفكرة خلال العام الجاري، ووضع كلاً من يونايتد وتشيلسي على راداره.
وقال أحد المصادر: "إنه رجل أعمال ناجح ولن ينفق أمواله هباءً لمجرد الاستعراض".
ويأتي مقابل خسارة الاستثمار في الدوري الإنجليزي الممتاز مكسب الاستثمار في الدوري الفرنسي الدرجة الأولى، إذ يستعد راتكليف لتمويل محاولةٍ جديةٍ من نيس لمنافسة أندية على شاكلة باريس سان جيرمان وليون على لقب الدوري.
واعترف راتكليف بأنه كان قد درس عدة أنديةٍ داخل بلاده وخارجها قبل الاستقرار على نيس، مصرِّحاً: "نظرنا إلى عددٍ من الأندية كما نظرنا إلى التجارة في Ineos -بحثاً عن القيمة والإمكانيات- وقد وفى نيس بتلك المعايير".
وتابع: "لسنا مستعدين للتسرُّع والغباء. يجب أن يكون نموذج عمل سليماً". مضيفاً: "على الأندية أن تنجح خارج الملعب وكذلك داخله، ولن يختلف نيس عن ذلك".
وأردف: "كانت رحلةً طويلةً حتى وصلنا إلى هنا، لكن لعلها تكون جديرةً بالعناء. بالاستثمار المعقول والمدروس، نريد ترسيخ قدم نيس ليكون فريقاً منافساً على البطولات الأوروبية بصفة دورية".
ويتماشى استثماره في جنوب فرنسا مع حبه لركوب الدراجات، إذ يبدأ سباق طوَّاف فرنسا/Tour de France العام القادم في نيس.