بعد 40 عاماً من الانفجار الغامض فوق إقليم الأطلسي الجنوبي الذي قال باحثون وقتها إنه اختبار نووي إسرائيلي، نشرت مجلة Foreign Policy مجموعة من المقالات تسرد تفاصيل الجهود المزعومة للحكومة الأمريكية من أجل التستّر على هذا الأمر.
وأشارت صحيفة Haartz الإسرائيلية إلى أنه في يوم 22 سبتمبر/أيلول 1979، سجل قمر صناعي أمريكي وميضاً مزدوجاً فوق إقليم الأطلسي الجنوبي.
قال أفنير كوهين، الأستاذ والزميل البارز في معهد ميدلبري للدراسات الدولية والزميل العالمي في مركز ويلسون: "الآن، بعد 40 عاماً، هناك إجماع علمي وتاريخي على أنها كانت اختبارات نووية، وأنها كانت إسرائيلية".
كما نوّه كوهين إلى أن هناك إجماعاً أيضاً بين الباحثين على أن الولايات المتحدة تستّرت على الأمر.
تورط نووي إسرائيلي مُحرج لأمريكا
إحدى النظريات تقول إن إدارة كارتر لم ترغب في إثبات أن إسرائيل وراء الاختبار. وقال كوهين، الإسرائيلي المولد، لصحيفة Haaretz: "لو قالوا إنها كانت اختبارات إسرائيلية فقد يتوجب عليهم فرض عقوبات على إسرائيل، وهذا آخر شيء كان يريده الأمريكيون وقتها".
بعد عدة شهور من توقيع إسرائيل ومصر اتفاقية كامب ديفيد، التي توسط فيها الرئيس جيمي كارتر، كان الكشف عن احتمالية تورط إسرائيل في اختبار نووي محرجاً للغاية بالنسبة للولايات المتحدة. يقول كوهين إنه لا يعرف إن كان كارتر نفسه متورطاً في التستّر على الأمر.
يقول كوهين: "لا نعرف إن كانوا قرروا فعلاً تجاهل الأمر عمداً، أم أن بعض الأشخاص تلاعبوا بالحقائق وصدّق آخرون آراءهم". وأضاف أنه لا يعتقد بوجود دليل كتابي على عملية التستّر. وقال: "ربما قيلت بعض الأمور شفاهية ولم تدوّن في الوثائق".
وتوصلت لجنة الخبراء الأمريكيين التي شكلها كارتر في هذا العام إلى نتيجة مذهلة؛ إنها ليست اختبارات نووية، بل عطل في القمر الصناعي. ويقول كوهين إن اللجنة صاغت الأمر بمصطلحات "الاحتمال، وليس التأكيد".
وحاربت من أجل أن تتستر على التجربة النووية
ووفقاً لكوهين، من الواضح الآن تستّر الإدارة الأمريكية على الأمر، إذ توجد "ثلاثة أدلة علمية مستقلة على الأقل لا علاقة لها بالقمر الصناعي تؤكد وجود انفجار". في كتابه الصادر عام 2010، "يوميات البيت الأبيض (White House Diary)"، ذكر كارتر أن الاعتقاد السائد وقتها كان يشير إلى مسؤولية إسرائيل عن هذا الانفجار.
وفقاً لكوهين، "خلال العقود التالية، كان تلك أحد الأسرار الغامضة للعصر النووي". ولكن على الرغم من تلك السنوات الأربعين، لا يزال جزء كبير من المواد يخضع للسرية ولم يُكشف إلا عن قدر بسيط جداً من المعلومات.
ومن بين مقالات صحيفة Foreign Policy هناك مقال لكوهين وويليام بير، مدير مشروع التوثيق النووي في أرشيف الأمن القومي بجامعة جورج واشنطن، بعنوان "الساسة قد يكذبون، لكن السجلات لا تكذب".
وفي هذا المقال، سرد كوهين وبير العديد من الحجج التي تؤكد نظرية مسؤولية إسرائيل عن الاختبار النووي، على الرغم من "عدم ظهور أي إشارات علنية تربط إسرائيل بواقعة القمر الصناعي "فيلا"، ولم يؤكد أي مصدر إسرائيلي معروف أو موثوق علانية وجود اختبارات إسرائيلية".
ولإضفاء المصداقية على الشكوك التي تشير إلى إسرائيل، ذكر الكاتبان أنه بعد حرب يوم الغفران، 1973، "اعترف كبار القادة الإسرائيليون ومستشاروهم النوويون أن الترسانة النووية الصغيرة للبلاد كانت غير مناسبة وربما غير ذات صلة بالوضع العسكري الذي وجدت إسرائيل فيه نفسها خلال المراحل الأولى من حرب يوم الغفران".
وتوصّل الخبراء إلى أن إسرائيل أجرت ذلك الاختبار النووي
كما أشار كوهين وبير إلى إقالة العالم شلهيفت فرير، المدير العام لهيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية، عام 1976، قد تكون إثباتاً على إجراء إسرائيل هذا الاختبار النووي، لأنه كان يعارض مثل هذه التجارب. ووفقاً لكوهين، كان فرير يفخر بأن سبب إقالته هو نزاع مهني عالي المستوى بينه وبين رؤسائه.
وكتب الصحفي الإسرائيلي دان رافيف عن واقع القمر الصناعي "فيلا" في عام 1980 وقال إن أحد مصادره سياسي إسرائيلي. وكتب كوهين وبير أن هذا المصدر كان إلياهو سبيزر، عضو الكنيست عن حزب المعراخ (حزب العمل لاحقاً)، والمقرّب إلى شمعون بيريز.