هل يستعد السوريّون للحل السياسي.. ماذا وراء اتفاق أنقرة الثلاثي على «اللجنة الدستورية»؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/17 الساعة 15:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/17 الساعة 15:53 بتوقيت غرينتش
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيريه التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني - رويترز

بعد قمة ثلاثية عُقدت بين كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيرهما الروسي فلاديمير بوتين، أعلن الأخير، الإثنين 16 سبتمبر/أيلول، من أنقرة، أنه تمت الموافقة على لائحة اللجنة الدستورية المعنية بصياغة دستور لسوريا، بعد أن كانت محل خلاف دائماً، حيث من المفترض أن تتألف من ثلث للأعضاء التابعين للنظام، وثلث للمعارضة، وثلث آخر من ممثلي المجتمع المدني، وهذا الثلث الأخير كان جوهر الخلاف. 

وفي ظل سيطرة مخاوف كثيرة على المعارضة السورية من أن يكون هذا الاتفاق هو مجرد إعادة إنتاج لنظام الأسد، ومماطلة إيرانية روسية لكسب الوقت على الأرض، تطرح تساؤلات عدة حول فاعلية الاتفاق، وجدّية اعتباره بداية للحل السياسي في سوريا.

متى بدأت فكرة اللجنة الدستورية؟

كان القرار رقم 2254 (في 2015)، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، نصَّ على إعادة صياغة الدستور السوري، في إطار عملية انتقال سياسي. وفي يناير/كانون الثاني 2018، صدر قرار بهذا الصدد من "مؤتمر الحوار الوطني" المنعقد في سوتشي الروسية، حيث قررت الأمم المتحدة وتركيا وإيران وروسيا، البلد المضيف، والفرقاء السوريون تشكيل لجنة دستورية.

وبالرغم من عدم حماسة المعارضة السورية تجاه هذا المشروع، يفترض أن تتألف اللجنة الدستورية من 150 شخصاً، يعين النظام والمعارضة الثلثين، بحيث تسمي كل جهة 50 شخصاً، أما الثلث الأخير فيختاره المبعوث الأممي إلى سوريا، من المثقفين ومندوبي منظمات من المجتمع المدني السوري.

ما مدى جديّة الروس والإيرانيين في إنجاح هذا الاتفاق؟

يقول معن طلّاع، الباحث الرئيس في السياسة والعلاقات الدولية بمركز عمران للدراسات، لـ "عربي بوست"، إنه على الرغم من طرح روسيا في الجولة الأولى بمؤتمر أستانا مشروع دستور سوريا، باعتباره مدخلاً للتصور الروسي للحل في سوريا، إلا أن الدستور لم يكن حاضراً في 13 جولة في أستانا، على أجندة النقاش كأولوية ملحة، ولكن كان التعاطي معه من باب الدبلوماسية، لعدم جعله نقطة خلاف بين الاطراف، قد تعرقل الاتفاقيات الأمنية التي كانت السمة العامة لمسار أستانا.

ولكن منذ آخر 3 جولات أصبح ملف الدستور يعد نقطة اختبار لمسار أستانا بأكمله، ومنذ ما قبل مؤتمر سوتشي في 2017، كان الإيرانيون والروس يريدون أن يكون الدستور هو المدخل الرئيسي للحل في سوريا، كتعريف تنفيذي للعملية السياسية.

مؤتمر سوتشي، روسيا 2018/ رويترز
مؤتمر سوتشي، روسيا 2018/ رويترز

لكن تركيا، كانت ولا تزال تتبنى التعريف الأممي لعمل اللجنة الدستورية، بحيث يكون مقرها دمشق، وتشرف عليها الأمم المتحدة بالكامل، لكن بعد مؤتمر سوتشي

وبسبب تبدّل السياق العسكري والسياسي في سوريا، أصبح ملف الدستور ورقة تجاذبات بين مسار أستانا ومسار جنيف. وبعد رجوح الكفة للنظام السوري وحلفائه على الأرض، تعزز مسار أستانا في تسمية أطراف اللجنة الدستورية، وكانت هناك نقاشات عديدة للعمل الناظم لهذه اللجنة، بعيداً عن دور الأمم المتحدة التي تم تغييبها عن نقاشات اللجنة، بحسب طلاع.

لكن الرئيس التركي أردوغان، كان قد قال إن زعماء القمة تبنوا مواقف مرنة وبنّاءة فيما يخص اختيار أعضاء اللجنة. وبيّن أن الجهود المشتركة أثمرت عن إزالة بعض الشوائب التي كانت تعيق تشكيل اللجنة. وأشار إلى أن أعمال تشكيل اللجنة تكلَّلت بالنجاح، وأن لجنة صياغة الدستور ستبدأ أعمالها في مدينة جنيف السويسرية بسرعة.

لكن عن موعد بدء اللجنة أعمالها، قال أردوغان: "لا أستطيع تحديد موعد محدد، لكن الدول الثلاث تسعى لأن تبدأ اللجنة أعمالها في أقرب وقت ممكن، وجهود المبعوث الأممي ستكون مهمة في هذا الخصوص" .

هل يكون هذا الاتفاق قابلاً للتطبيق؟

هل يكون اتفاق أنقرة حول اللجنة الدستورية مجرد توصيات سياسية كغيره من الاتفاقات السابقة؟
هل يكون اتفاق أنقرة حول اللجنة الدستورية مجرد توصيات سياسية كغيره من الاتفاقات السابقة؟

يقول طلّاع، إن ما تم الاتفاق عليه هو توصيات سياسية ليس إلا، مشيراً إلى أن هذه اللجنة أخذت من الوقت والنقاش عامين كاملين، وحتى اللحظة لم يتم إصدار الشكل النهائي لأطراف اللجنة، وهذا يؤشر إلى عدم الاتفاق بعد تفاصيلها، ويؤكد أن اللجنة ما زالت تخضع للتقلبات والتحولات العديدة في سوريا، وربما حتى سيتم الالتفاف على الصيغة الحالية للجنة الدستورية، والبحث عن صيغ أخرى لاحقاً.

ويرى طلاع أن الحديث عن دستور جديد لسوريا لا يزال قابلاً للنقاش والتفاوض، ولكن تنفيذه يتطلب قراراً دولياً جديداً، ولكن ليست هناك مؤشرات على وجوده بعد.

وبحسب الباحث السوري، لا يوجد استثناء للأسد في مستقبل سوريا حتى اللحظة، إذ إن النظام يتملك أكثر من الثلث في اللجان الدستورية المشار إليها، ولديه القدرة على تعطيل أي قرار يتعلق بمستقبل الأسد نفسه.

في النهاية، يعتبر طلاع أن الدفع الإيراني والروسي باتجاه مبادرة اللجنة الدستورية هو من باب كسب الوقت ليس أكثر، بحسب طلّاع، لأن الاتفاق على هذا الأمر يحتاج الدخول في كثير من التفاصيل عصيّة على الحل الآن، وربما يمتد النقاش حولها لسنوات.

تحميل المزيد