ربما تشعر بحيرة شديدة بصفتك أباً أو أماً عندما يتعلق الأمر بلقاحات الأطفال؛ وذلك بسبب المعلومات المغلوطة والمضللة التي تعج بها الإنترنت، ما يجعل من الصعب تمييز الحقائق من الأكاذيب.
فيما يلي بعض الحقائق: ساعدت اللقاحات في القضاء على الأمراض الفتاكة والحفاظ على حياة ملايين الأشخاص يومياً، خاصة الأطفال وغيرهم من الفئات الضعيفة من البشر.
ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC): فإن تطعيم الأطفال المولودين بين عامي 1994 و2018 سيمنع حوالي 419 مليون حالة مرضية، و27 مليون حالة علاج داخل المستشفيات، و936 ألف حالة وفاة.
ليطمأن بالكم، تحدثت مجلة SELF مع طبيبي أطفال متخصصين في الأمراض المعدية للرد عن الأسئلة المتعلقة باللقاح التي تطرح عليهم مراراً وتكراراً.
قال آدم راتنر، طبيب وأستاذ زميل في طب الأطفال وعلم الأحياء المجهرية في جامعة نيويورك لانجوني: "يبذل الآباء قصارى جهدهم كالأطباء لمحاولة تقييم حجم المخاطر والفوائد بالنسبة لأطفالهم، فنحن جميعاً في نفس الفريق. كما أننا نريد جميعاً أن يكبر طفلك سعيداً سليماً وألا يُصاب بالأمراض التي يمكن تجنبها".
في ما يلي 10 أسئلة شائعة عن مغزى وهدف وكيفية عمل لقاحات الأطفال:
1. ما الهدف من لقاحات الأطفال إذا لم تكن فعالة 100%؟
صحيح أنه في ظل الظروف المثالية، ستكون اللقاحات فعالة بنسبة 100٪، لكن في هذه الأثناء، لا تزال اللقاحات هي خط دفاعنا الأول ضد الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات. على الرغم من أنها ليست مثالية، إلا أنها تقوم بعمل رائع للغاية.
عند إعطاء اللقاح طبقاً للجدول الزمني (الجرعة الأولى من عمر 12 إلى 15 شهراً والثانية من عمر أربعة إلى ستة أعوام)، يكون اللقاح MMR فعال بنسبة 97% ضد الحصبة، وبنسبة 88% ضد النكاف، وبنسبة 97% على الأقل ضد الحصبة الألمانية، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها؛ وبالمثل فإن الحصول على جرعتين من لقاح الحماق لفيروس جدري الماء (الذي يتم إعطاؤه في نفس الجدول الزمني للقاح MMR) وهو فعال بنسبة 98% في منع أي شكل من أشكال جدري الماء وفعال 100% ضد جدري الماء في الحالات الحادة. (عذراً إذا لم يكن هذا اللقاح متاحاً لكم في مرحلة الطفولة.)
حتى اللقاحات غير الفعالة لا تزال ضرورية للحفاظ على سلامتك أنت وعائلتك.
كان لقاح الإنفلونزا، على سبيل المثال، فعالاً بنسبة 40% تقريباً في مواسم الإنفلونزا من 2016 إلى 2017 ومن 2017 إلى 2018.
قد لا تبدو هذه النسبة كبيرة، ولكن قد يكون لها تأثير كبير.
كما ذكر آرون ميلستون، طبيب وعالم وبائيات الأطفال وزميل طب الأطفال بكلية الطب جامعة جونز هوبكنز: "انظر للقاحات كما لو كانت أحزمة أمان، فهي ليست فعالة بنسبة 100٪ في منع الوفاة في حوادث السيارات. لكن من المحتمل أنك لا تزال تطمئن على أحزمة الأمان لطفلك لأن الأمان الإضافي في حال حدوث مكروه يستحق كل هذا العناء".
2. هل من الممكن أن تصيب اللقاحات شخصاً بالمرض؟
يقول دكتور راتنر: هذا أمر نادر الحدوث، في معظم الحالات لا يكون ذلك ممكناً حتى من الناحية البيولوجية.
طبقاً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية: تتكون بعض اللقاحات (مثل لقاحات شلل الأطفال) من مستضدات (أنتجينات) غير نشطة أو "ميتة" (أجزاء من الجراثيم التي تدفع نظام المناعة في الجسم لبناء أجسام مضادة لمكافحة الأمراض).
وفقاً للدكتور راتنر: هذا يعني أنها لا تستطيع التسبب في المرض. بدلاً من ذلك فإنهم يستخدمون الجراثيم الميتة لكي يتعلم جهاز المناعة لدى طفلك كيف يكوّن استجابة لذلك، فإذا واجه الجراثيم الممرضة، فسيصبح أفضل عند محاربتها.
وقال الدكتور راتنر إن اللقاحات الأخرى لا تحتوي إلا على أجزاء معينة من الجراثيم المعنية، مثل البروتين أو السكر أو الغلاف المحيط بها. مثال على ذلك لقاح التهاب الكبد الوبائي النوع (B).
نظراً لأن هذه اللقاحات لا تحتوي على مستضدات حية كاملة، فمن المستحيل أن تكون قادرة على التسبب في هذه الأمراض.
في الغالبية العظمى من الحالات، لا يمكن للأطفال حتى الإصابة بأمراض من اللقاحات الحية المُوَهَّنة.
فهذه الأنواع من اللقاحات تحتوي على نسخ ضعيفة لكنها حية من المرض المراد؛ على عكس المرض الفعلي الذي قد تصادفه في الطبيعة، ومع ذلك فإن الكمية الموجودة في اللقاح صغيرة جداً – صغيرة بما يكفي بحيث تتمكن أجهزة المناعة لدى أطفالك من التعامل معها بدون مشكلة.
الطريقة الوحيدة الممكنة التي يمكن أن يسبب اللقاح الحي والموهن من خلالها المرض الذي كان من المفترض الوقاية منه، هي إذا كان الجهاز المناعي لطفلك ضعيف لسبب ما، كأن يكون يعاني من ظروف صحية معينة تؤثر على الجهاز المناعي (مثل فيروس نقص المناعة البشرية) أو أن يكون تحت تأثير الأدوية التي تعيق المناعة (مثل العلاج الكيميائي أو العلاج المثبط للمناعة).
3. هل بإمكان جهاز طفلي المناعي أن يتعامل مع الجدول الزمني المقترح؟
نعم. كثيراً ما يقلق الوالدان من أن تجعل اللقاحات جهاز الطفل المناعي ضعيفاً وعرضة للهجوم، كما لو أنه سيكون مشغولاً جداً في إعداد استجابة مناعية للتطعيم عن مواجهة أي أمراض أخرى.
لحُسن الحظ لا يعمل جهاز المناعة بتلك الطريقة. يقول د. راتنر إن الطفل قد يبدو ضعيفاً ومسالماً، ولكن جهازه المناعي ليس بهذه الرقة أو الضعف.
بالإضافة إلى أن اللقاحات لا تحتوي إلا على مقدار ضئيل جداً من "المستضدات" التي تواجه الطفل عادة بشكل يومي.
4. ما التأثيرات الجانبية المحتملة للقاحات؟
مثل أي دواء، قد تتسبب اللقاحات في حدوث بعض التأثيرات الجانبية. معظمها بسيط، مثل الألم، والتورم، أو احمرار موضع الحقن، أو ارتفاع بسيط بدرجة الحرارة.
بالتأكيد مشاهدة طفلك يعاني من تلك الأعراض ليس أمراً ممتعاً، ولكنها تزول تلقائياً خلال بضعة أيام.
احتمالات ظهور ردود فعل حادة ضد اللقاح، مثل الحساسية الشديدة، ضعيفة جداً.
وينصح الأطباء الوالدين بعدم تجنب التطعيم بسبب احتمالات نادرة جداً وغير مرجحة الحدوث مثل رد الفعل التحسسي أو النوبات الحموية.
5. لماذا يحتاج الأطفال إلى التطعيم إذا لم يعد المرض موجوداً؟
التطعيم هو سبب القضاء على أمراض معينة، واللقاحات هي من وضعت تلك الأمراض في كتاب التاريخ وأغلقت عليها الصفحات.
وكما رأينا مع تفشي مرض الحصبة خلال الآونة الأخيرة، إذا لم يحصل عدد كافٍ من الأشخاص على التطعيم ضد مرض معين فإنه قد يعود.
يقول د. راتنر: "يرجع ذلك بشكل كبير إلى الوالدين الذين يتخذان قرار (عدم التطعيم). يقولان: لم نعد نرى وجود لمرض الحصبة، لماذا نخاطر؟ والإجابة هي: إنك تخاطر عندما تتجاهل التطعيم".
6. لماذا يجري تحديث الجداول الزمنية للتطعيمات؟
هذا غير صحيح. في البداية، يمر اللقاح خلال الكثير من اختبارات السلامة، قبل أن يصل إلى الجدول الرئيسي للتطعيمات.
يقول د. راتنر: "عملية تطوير لقاح قد تستغرق عقوداً ما بين تحضيره في المختبر إلى الاختبارات السريرية ثم يصبح في النهاية جزءاً من الجدول المقترح للتطعيمات".
هذه الاختبارات تضمن سلامة التطعيم، وأنه آمن للاستخدام بشكل منفرد وإلى جانب التطعيمات الأخرى الموجودة بالفعل في جدول التطعيمات.
7. هل هناك صلة بين اللقاحات والتوحد؟
الإجابة: بكل تأكيد لا. وفقاً لمركز مكافحة الأمراض واتقائها، ووفقاً للكم الهائل من البحوث التي تناولت هذا الموضوع، وللخبيرين الذين استشرناهما، لا توجد علاقة بين اللقاحات والتوحّد.
يقول د. راتنر: "ظهرت النظرية التي تفترض وجود صلة بين اللقاحات والتوحد بواسطة ورقة بحثية غير أخلاقية كتبها طبيب خسر رخصته المهنية لسبب وجيه"، مشيراً إلى دراسة قديمة ترجع إلى عام 1998 دحضت وقتها، وظهرت الآن مجدداً، توصلت بشكل خاطئ إلى أن لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية يتسبب في زيادة معدلات الإصابة بالتوحد بين الأطفال في بريطانيا.
ومن حينها، فقدت هذه الدراسة مصداقيتها تماماً بسبب الأخطاء الإجرائية، وحجم العينة الضئيل جداً الذي شمل 12 طفلاً فقط، وبعض الانتهاكات الأخلاقية الخطيرة، مثل خضوع الطفل لاختبارات قاسية دون الحصول على موالفة الوالدين وقبول التمويل من المحامين الممثلين للآباء في الدعاوى القضائية ضد مصنّعي اللقاح.
وفقاً لد. راتنر، أحد أسباب هذه الشائعة هو موعد الجرعة الأولى من التطعيم، والتي تكون في عمر العام، وهو العمر الذي تبدأ فيه أعراض التوحد بالظهور وتصبح أكثر وضوحاً.
ومع ذلك، فقد حدد الخبراء أعراض التوحد التي يمكن التعرف عليها قبل عمر العام، أي بوقت طويل قبل أخذ هذا اللقاح.
كما أنه لا أساس لصحة المزاعم التي تقول إن مادة الثيومرسال (المادة الحافظة التي تحتوي على الزئبق) في اللقاحات قد تكون السبب في التوحد.
هناك 9 دراسات موّلها أو أجراها مركز مكافحة الأمراض واتقائها، نُشرت في عام 2003 وما بعده، لم تجد أي علاقة بينهما.
هناك 9 دراسات موّلها أو أجراها مركز مكافحة الأمراض واتقائها، نُشرت في عام 2003 وما بعده، لم تجد أي علاقة بينهما.
8. هل هناك سبب يدعو لأخذ اللقاحات مبكراً؟
نعم، في ظروف معينة. يقول د. مايلستون: "إذا كان الوالدان يسافران مع طفلهما إلى مناطق قد يتعرض فيها للإصابة بالحصبة، من الأفضل أن يأخذ اللقاح قبل عمر الستة أشهر".
في الواقع، يكون الحد الأدنى للعمر المناسب لأخذ اللقاحات في الطفولة أقل من العمر المحدد.
على سبيل المثال، الحد الأدنى لعمر الطفل عند أخذ الجرعة الأولى من اللقاح الثلاثي (الدفتيريا والسعال الديكي والكزاز) ستة أسابيع، بينما العمر المحدد للجرعة الأولى شهرين.
إذاً، لماذا لا نعطي الأطفال تلك اللقاحات في أبكر وقت ممكن إذا كان ذلك آمناً؟
هناك بعض الأبحاث تشير إلى أن أخذ اللقاح قبل الموعد المحدد يجعله أقل فعالية بطريقة ما، على المدى القصير على الأقل.
9. ماذا لو لم يكن بإمكاني تحمّل نفقات التطعيم؟
عادة ما تكون اللقاحات أرخص، وأحياناً مجانية، في العيادات العامة أو الإدارات الصحية، على عكس عيادات الأطباء الخاصة.
10. ماذا سيحدث إذا قرّرت عدم تطعيم طفلي؟
ينصح الأطباء بشدة بخلاف ذلك. يقول د. مايلستون: "عندما تختار عدم التطعيم، فإنك تختار أن تعرض طفلك لأمراض خطيرة يمكن الوقاية منها".
ناهيك عن أنك تعرض كذلك الأشخاص الآخرين في مجتمعك لنفس الخطر لأنهم يعتمدون على مناعة القطيع من أجل البقاء أصحاء.
ويضيف د. مايلستون: "فكّر في التطعيم بمثابة هدية تقدمها لأطفالك. إنك، حرفيّاً، تنقذ حياتهم".