قال علماء طب إن البكتيريا تعمل باستمرار على استحداث طرق جديدة لمقاومة المضادات الحيوية، مهددة بمستقبل يمكن ألا يستجيب فيه المرضى للعلاج، وفق تقرير صحيفة The Guardian البريطانية.
وعلى مدار العقد الماضي، تعرّف العلماء في المملكة المتحدة الذين يدرسون عينات من المرضى، على 19 آلية جديدة في مقاومة المضادات الحيوية.
ويقود هذا التغير في البكتيريا العوامل الوراثية، ويعني ذلك أن البكتيريا صارت قادرة على صد نوعٍ كامل من المضادات الحيوية التي تُعتبر "الملاذ الأخير"، بما في ذلك الكاربابينيم والكوليستين.
على سبيل المثال، ظهرت في عام 2016 سلالة جديدة من البكتيريا المُسببة لمرض السيلان، وهو ما كان تحدياً كبيراً واجهه أطباء المستشفيات وخبراء الصحة الجنسية الذين يعالجون المصابين بها.
في الفترة نفسها، ظهر ما لا يقل عن 12 مرضاً وعدوى جرى اكتشافها في المملكة المتحدة للمرة الأولى. وكان كثير منها قد انتقل إلى بريطانيا عن طريق أشخاص أصيبوا بها في الخارج.
الأمراض التي تم رصدها
وتشمل هذه الأمراض: إنفلونزا الخنازير H1N1، التي رُصدت في المملكة المتحدة للمرة الأولى عام 2009، والإيبولا (2014)، وحمى زيكا (2014)، وتشمل أيضاً أمراضاً أقل شيوعاً مثل حمى الوادي المتصدع (2013)، وفيروس كورونا الشرق الأوسط (2012)، وجدري القرود (2018).
تشكل الظاهرتان خطراً على قدرة الطب على إبقاء المرضى أحياء، ويمكن أن تؤدّيا إلى ارتفاع عدد الوفيات السنوية (وهو 2200 حتى الآن) بسبب مقاومة المضادات الحيوية.
تقول شارون بيكوك، رئيسة دائرة خدمات العدوى القومية في إدارة الصحة العامة بإنجلترا، "الأمراض المعدية لا تبقى على حالها. تخوض البكتيريا سباقاً تطورياً مع المضادات الحيوية، ودائماً ما تستحدث طرقاً جديدة لتجنب تأثيرها".
وقد ركزت إدارة الصحة العامة بإنجلترا على الظاهرتين المقلقتين أثناء إيجازها للخطط المُتبعة يوم الأربعاء 11 سبتمبر/أيلول، وتشمل استراتيجيتها الجديدة المُتبعة مع الأمراض المعدية، من أجل تحسين قدرة هيئة الخدمات الصحية الوطنية على التعرف والسيطرة عليها بقدر الإمكان، وذلك على المدار السنوات الخمس المقبلة.
وتشمل الأخطار الصحية المحتملة، التهديد بأن تجتمع العولمة والمقاومة المتزايدة لمضادات الميكروبات، عند مرحلة ما، لإنتاج وباء عالمي يشمل علَّة غير معروفة سابقاً، وهو ما يُسميه الخبراء سيناريو "فيروس X".
ويقول كريس ويتي، كبير المستشارين الطبيين لحكومة المملكة المتحدة: "على الرغم من ترسانتنا من اللقاحات ومضادات الميكروبات، تظل الأمراض المعدية تهديداً حقيقياً على الصحة العامة. نحن نواجه تهديدات جديدة باستمرار، وتزداد المقاومة ضد مضادات الميكروبات".
وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، تعرفت وكالة الصحة العامة بإنجلترا على 32 "بكتيريا مقاومة للعقاقير"، استطاعت مقاومة جميع المضادات الحيوية.
تحذيرات مستمرة
وتأتي هذه التحذيرات من إدارة الصحة العامة، بشأن الخطر الصحي المتزايد الذي تشكله بعض العدوى، في الوقت الذي أعلن علماء يوم الأربعاء اكتشافهم سلالة جديدة من سلالة من بكتيريا المجموعة A العقدية. ويقول الخبراء إن هذا قد يفسر الارتفاع الشديد في عدد الأطفال المصابين بالحمى القرمزية وعدوى التهابات الحلق من عام 2016، وحذروا من أنها في بعض الحالات قد تؤدي إلى تسمم الدم أو الصدمة السمية.
ومن جهتها، حذرت سالي ديفيز، كبيرة المسؤولين الطبيين في إنجلترا، من أن ارتفاع درجة مقاومة المضادات الحيوية "يُهدد بإعادة الطب مرة أخرى إلى العصور المظلمة"، وأنه قد يودي بحياة أعدادٍ أكبر من المرضى مما هو الآن.
ووفقاً للتقديرات الرسمية، سُجلت 52,971 عدوى مقاومة للمضادات الحيوية في أنحاء المملكة المتحدة في عام 2015، و2,172 حالة وفاة بسبب إصابة المرضى بمثل تلك العدوى. وبالإضافة إلى ذلك، فقد بلغ معدل سنوات العمر المعدلة حسب الإعاقة لكل 100 ألف شخص في إنجلترا نحو 80 عاماً من جراء العدوى المقاومة للمضادات الحيوية. ويعكس هذا عدد السنوات التي عانى فيها المريض من اعتلال صحي أو إعاقة ما، أو مات قبل الوقت المتوقع.
وتحتل المملكة المتحدة المرتبة رقم 13 بين الدول الأوروبية، في سنوات العمر المعدلة حسب الإعاقة لكل 100 ألف شخص.
وترى إدارة الصحة العامة بإنجلترا أن وباء الأنفلونزا وانخفاض أعداد الناس الذين توصى لهم اللقاحات وأوجه عدم المساواة الصحي كلها مهددات صحية في الأعوام القليلة القادمة.
وقالت سيليا إنغهام كلارك، المديرة الطبية لقسم المعالجة السريرية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، "سنقلل، في إطار خطة طويلة المدى لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، استخدام المضادات الحيوية بنسبة 15% للحفاظ على فعاليتها بقدر الإمكان، من خلال تقديم علاجات جديدة للمرضى مثلاً".