مع تسارع الخطى في المملكة العربية السعودية للبدء في طرح حصة من عملاق النفط أرامكو في البورصة المحلية كخطوة أولى، تجرى الآن اتصالات مع الأسر الغنية في المملكة من أجل إقناعها بالاستثمار في الطرح، فماذا تعني تلك الخطوة وما هي خلفياتها؟
ماذا حدث؟
أجرت الحكومة السعودية مناقشات مع أكثر أسر المملكة ثراء بشأن أن يصبحوا مستثمرين رئيسيين في الطرح المزمع لحصة من الشركة النفطية الأكبر في العالم أرامكو، وذلك بحسب تقرير لبلومبيرغ الأمريكية مستشهداً بمصادر على صلة بالمناقشات.
المصادر أخبرت وكالة بلومبيرغ أن مسؤولين سعوديين تواصلوا بشكل مبدئي مع بعض أكبر العائلات السعودية في مجال البيزنس وتناقشوا معهم نيابة عن الشركة، مضيفين أن أرامكو ربما تعقد اجتماعات رسمية بهذا الشأن في الأسبوع المقبل، بعد أن تكون خطوة التعاقد مع البنوك التي ستتولى عملية بيع الأسهم قد تمت بالفعل.
ماذا يعني مصطلح "مستثمر رئيسي"؟
مستثمر رئيسي أي المستثمر الذي يتم الاتفاق معه على شراء عدد معين من الأسهم بسعر محدد ويتم ذلك قبل يوم من الطرح العام في البورصة، ويكون هدفه بالأساس هو تشجيع المستثمرين على شراء السهم ومن ثم يزيد الطلب وترتفع قيمة السهم.
في مثل هذه الحالات يكون هناك نوع من الضمانات يقدمه الطرف الأول وهو في هذه الحالة الحكومة السعودية أو بمعنى أكثر دقة ومباشرة ولي العهد للطرف الثاني وهم العائلات الغنية في المملكة، وفي ظل السرية التي تحاط بها العملية حتى الآن من الصعب التكهن بنوعية الضمانات بالتحديد وإن كانت بشكل عام لن تخرج عن ضمان تعويضهم حال تعرضهم للخسارة.
وتهدف المملكة إلى إقناع هؤلاء المستثمرين الرئيسيين بشراء 1 أو 2% من أسهم أرامكو، وسيتوقف المبلغ الذي سيستثمرونه على الأرجح على حسب تقييم الشركة.
تعكس الخطوة رغبة السعودية في ضمان وجود إقبال كاف على ما يمكن أن يكون أضخم طرح عام في تاريخ أسواق الأسهم في العالم، في وقت يصارع الاقتصاد السعودي للتعافي من تأثير انخفاض أسعار النفط من ناحية ومن تأثير حملة الاحتجاز لمجموعة من أكبر رجال الأعمال في المملكة بقرار من ولي العهد محمد بن سلمان في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017 تحت دعاوى مكافحة الفساد.
محاولات إنقاذ
تلك الحملة قوضت ثقة مجتمع الأعمال في قيادة المملكة وجعلت الكثير من المليارديرات يفكرون في تحويل جزء من أموالهم خارج السعودية.
بعض العائلات التي تم التواصل معها، بحسب تقرير بلومبيرغ، تضم أفراداً تم احتجازهم في الريتز، لكن المصدر قال إنهم لا "يتم إجبارهم" على الاستثمار على خلفية ذلك.
يريد ولي العهد وهو مهندس عملية الطرح برمتها أن يتم تقييم أرامكو بقيمة أعلى من 2 تريليون دولار، ولكن المحللين يرون أن حتى 1.5 تريليون تعد قيمة مبالغاً فيها حالياً في ظل تدني أسعار النفط وحالة الاقتصاد العالمي والسعودي بشكل عام.
وفي ظل الخطوات المتسارعة مؤخراً والتي شهدت إعفاء خالد الفالح من منصبه كرئيس لمجلس إدارة أرامكو وتعيين أحد رجال ولي العهد وهو الرميان بديلاً له وأيضاً إعفاءه من منصبه وزيراً للطاقة وتعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان مكانه، لا يريد ولي العهد أي تأخير جديد للطرح العام، وبالتالي تأتي محاولات ضمان أعلى سعر ممكن للسهم من خلال اللجوء لمن اتهمهم بالفساد من قبل كي ينقذوا الطرح المبدئي في البورصة السعودية، بنهاية العام الجاري كما هو معلن.
وفي حال مشاركة مستثمرين محليين في الطرح العام على أساس "قيمة مرتفعة، يمكن أن يحسن هذا من احتمالات سعر السهم في النسخة الدولية من الطرح عن طريق رفع الحد الأدنى للسهم عند مستوى مختلف"، بحسب ريتشارد سيغال محلل الأسواق المالية الناشئة في مركز مانولايف لإدارة الأصول في لندن، مضيفاً لبلومبيرغ أن "الحكومة يمكنها أن تشجع على المشاركة من خلال مبدأ "هات وخذ" أو شيء مقابل شيء".
وفي هذا السياق، قال الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر اليوم الثلاثاء 10 سبتمبر/أيلول إن الطرح العام الأولي المحلي لأسهم شركة النفط الحكومية العملاقة سيكون إدراجاً أولياً، لكن الشركة مستعدة أيضاً لطرح دولي.