مراحيض التنس ظاهرة 2019.. “نداء الطبيعة” يهدد بانصراف الجماهير عن اللعبة البيضاء

أمتع ما في لعبة التنس بالنسبة للمشاهدين هي السرعة العالية والإيقاع المرتفع للمباريات. لكن يبدو أن مستقبل اللعبة بات مهدداً بسبب غريب للغاية هو استراحة للذهاب إلى المرحاض.

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/10 الساعة 08:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/08 الساعة 20:23 بتوقيت غرينتش

أمتع ما في لعبة التنس بالنسبة للمشاهدين هي السرعة العالية والإيقاع المرتفع للمباريات في رياضة تشتهر بارتداد الكرات السريعة والركض نحو الشبكة والاندفاعات البدنية المرنة. لكن يبدو أن مستقبل اللعبة كله بات مهدداً بسبب غريب للغاية هو استراحة للذهاب إلى المرحاض.

فمع استمرار المباريات في كثير من الأحيان لأكثر من ساعة ونصف، يتعين أحياناً على اللاعب أن يلبي نداء الطبيعة خلال إحدى مجموعات المباراة. ولكن في كثير من الأحيان يبدو أن هذه الاستراحة تكون جزءاً من استراتيجية التأخير، التي تحبط مسؤولي التنس الحريصين على وتيرة المباراة السريعة حتى لا ينفد صبر المتفرجين ومشاهدي التلفاز.

في يوم الثلاثاء 3 سبتمبر/أيلول، ترك اللاعب اليوناني ستيفانوس تسيتسيباس الملعب في استراحة للذهاب إلى المرحاض مع انتصاف المجموعة الثالثة من مباراته التي استغرقت نحو أربع ساعات في الدور الأول من بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس. 


ستيفانوس تسيتسيباس

وبينما كان تسيتسيباس في استراحته، ظل منافسه الروسي أندريه روبليف يتحرك خلف خط نهاية الملعب جيئة وذهاباً كالنمر في انتظار استئناف المباراة. مرت ست دقائق كاملة قبل استئناف اللعب مرة أخرى.

وعندما تقاسمت اللاعبتان الأمريكية كوكو غوف (15 عاماً) والروسية أناستاسيا بوتابوفا (18 عاماً) الفوز في أول مجموعتين من مباراتهما بالدور الأول من البطولة ذاتها في وقتٍ لاحقٍ بعد ظهر ذلك اليوم، هرعت كلتاهما إلى المرحاض في استراحة استغرقت دقيقتين قبل بداية المجموعة الثالثة.

 صحيفة The New York Times الأمريكية رصدت في تقرير مطول لها تنامي هذه الظاهرة في ملاعب التنس العالمية، فذكرت أنه قبل أسبوعين من بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، وفي إحدى مباريات بطولة سينسيناتي للأساتذة، أخذ اللاعب الأسترالي نيك كيريوس استراحة للذهاب إلى المرحاض بعد تلقيه عقوبة بسبب سبه لحكم المباراة. 

أمسك كيريوس بمضربين وخرج من الملعب بصحبة أحد مسؤولي البطولة الذين يجب عليهم مرافقة اللاعبين في طريقهم إلى المرحاض. وبمجرد وصوله تحت المدرجات، حطم كيريوس المضربين في مدخل خلفي وعاد فوراً إلى الملعب. لم يدخل المرحاض.

شروط الذهاب للمرحاض

ولا تُعد استراتيجية التأخير بالشيء الجديد في التنس، ولكن يبدو أنها ازدادت سوءاً.

ولوقف هذه التجاوزات الصارخة، قللت رابطة محترفات التنس هذا العام عدد فترات الراحة المسموح بها للذهاب إلى المرحاض من فترتين إلى فترة واحدة.

كذلك يجب أخذ الاستراحة -التي يمكن استخدامها للذهاب إلى المرحاض أو تغيير الملابس- في نهاية المجموعة، ما لم يعتبرها الحكم حالة طارئة. وإذا أراد اللاعب الخروج للاستراحة في منتصف مجموعة، يجب عليه فعل ذلك قبل ضرب إرساله الخاص.

وفي حين أن هناك إرشادات لتحديد متى يُسمح بأخذ استراحة للذهاب إلى المرحاض، لا توجد عقوبات على اللاعبين الذين يقضون وقت الاستراحة في فعل أشياء غير المنصوص عليها. إذ يرافق حكام الخط والمسؤولون الآخرون اللاعبين إلى غرف الاستراحة دون الدخول معهم.

ولا يوجد أيضاً حد زمني لفترة الاستراحة -مقارنةً  بالدقائق الخمس المسموح بها في أوقات الإصابة- بسبب اختلاف مدى بُعد الملاعب عن المراحيض.

وقال ستيف سايمون، الرئيس التنفيذي لرابطة محترفات التنس: "هذه القاعدة موجودة لتوفير حاجة أساسية للاعبين، وليس الغرض منها أن تكون استراتيجية أو عاملاً للتأثير على مجريات المباراة".

وأضاف أن فترات الراحة تسببت في "تأخير لا مبرر له، وهو ما لم يكن أمراً جيداً بالنسبة لمشاهدي التلفاز أو المشجعين الحاضرين في المدرجات لمشاهدة اللاعبين".

لكن في نفس الوقت لم يستطِع سايمون سوى الإقرار بهذا الحق، معتبراً أن هناك فلسفة معينة وراء هذا الأمر برمته. "علينا أن نكون حساسين تجاه المشكلات الفسيولوجية الأنثوية ومشكلات الجهاز الهضمي. لن نضع أي لاعب أو لاعبة في وضع غير مريح".

تتبع رابطة محترفي التنس، التي تدير مباريات الرجال، بروتوكولاً مشابهاً يُسمح من خلاله للاعبين الرجال بالحصول على فترتي راحة للذهاب إلى المرحاض في المباريات المكونة من خمس مجموعات (تحصل اللاعبات على فترة واحدة فقط لكونهن يلعبن مباريات أقصر، إذ أنهن بحاجة إلى الفوز بمجموعتين من أصل ثلاث مجموعات). 

وتتبع بطولة الولايات المتحدة المفتوحة وغيرها من بطولات الجراند سلام -التي لها قواعدها الخاصة- إرشادات رابطتي محترفي ومحترفات التنس بخصوص فترات الراحة للذهاب إلى المرحاض.

فكرة عبثية

وتنتشر فترات الراحة حتى في المستويات الأدنى من اللعبة، حيث تكون هذه الفترات عبثية وسخيفة.

وقال الأسترالي جوزيف سيرياني، وهو لاعب سابق في رابطة محترفي التنس يتولى تدريب العديد من اللاعبين الأستراليين في المستويات الأدنى: "أخبر لاعبيّ طوال الوقت أنهم إذا خسروا المجموعة بنتيجة 6-0، يجب عليهم الذهاب إلى المرحاض وغسل وجوههم والجلوس هناك بضع دقائق، ثم العودة إلى الملعب. إنها طريقة رائعة لاستجماع قواك وكسر إيقاع المنافس أيضاً".

إضافة إلى أنه ليس وقتاً سيئاً لمن أراد التحايل على قواعد الحصول على مساعدة في المباراة.

إذ قال أحد مسؤولي تنظيم المباريات إنه اعتاد على مغادرة الملعب خلال مباريات الناشئين بحجة الذهاب إلى المرحاض للاتصال بأمه والحصول على نصائحها. وروى لاعب آخر عن لاعب صديق له أن والد الأخير كان يعطي ابنه ثمرة موز في طريقه إلى المرحاض، واتضح أن هذه الموزة بها ورقة تحتوي على نصائح تدريبية.

وتُعد مثل هذه المناورات محظورة على جميع المستويات في تنس المحترفين والناشئين.

وقالت اللاعبة البلجيكية يانينا ويكماير، التي بلغت نصف نهائي بطولة الولايات المتحدة المفتوحة عام 2009، إن استخدام فترة الراحة للذهاب إلى الحمام حيلة شائعة لتحقيق أغراض أخرى.

وقالت ويكماير: "لم يكن عليّ التبول قط خلال أي مباراة. لكن هناك الكثير من الأوقات التي احتاج فيها إلى الخروج من الملعب لاستعادة تركيزي وإرباك منافستي".

وأضافت ويكماير: "يشبه الأمر استدعاء اللاعبين للطبيب رغم أنهم ليسوا مصابين، نحن نفعل كل ما يتطلبه الأمر للفوز بالمباراة".

ومع ذلك، ليس كل اللاعبين يحبون هذه الطريقة في اللعب.

حق يراد به باطل

إذ قالت اللاعبة التشيكية كارولينا بليسكوفا، المصنفة الأولى على العالم سابقاً، إنها لا تريد "إضاعة الوقت" بمغادرة الملعب وسط المباراة.

وقالت بليسكوفا، وصيفة اللاعبة الألمانية أنجيليك كيربر في بطولة أمريكا المفتوحة عام 2016: "أشعر أنني أريد اللعب فقط. أعلم أن هناك بعض اللاعبات اللاتي يستخدمن هذه الراحة لتغيير مجريات المباراة أو ما إلى ذلك. ربما لو فعلت ذلك مرات أكثر، سأفوز بالمزيد من المباريات".

تذكرت اللاعبة الأمريكية سلون ستيفنز، بطلة بطولة أمريكا المفتوحة عام 2017، مشاركتها في إحدى البطولات منذ عامين، عندما طلبت خلالها العديد من منافساتها فترات راحة للذهاب إلى المرحاض أو تلقي العلاج.

وقالت ستيفنز: "كنت أعلم أن كل هؤلاء اللاعبات لسن مصابات أو يردن التبول طوال الوقت. لا يسير الأمر هكذا فحسب".

وفي مباريات المستوى الأقل، يمكن أن تسبب المراحيض البعيدة مشكلات للاعبين الذين لديهم احتياجات فعلية.

إذ قالت اللاعبة الأمريكية ماديسون برينغل، المصنفة رقم 78 على العالم، إنه يجب السماح بفترات الراحة.

وقالت برينغل: "لقد تعرضت لتسمم غذائي خلال إحدى المباريات. كنت حقاً بحاجة إلى الجلوس لمدة خمس دقائق لأنني إذا لم أفعل، اعتقدت أنني سأسقط وأموت. في هذه الحالة، كان وجود هذه القاعدة أمراً مهماً".

ومع ذلك، بالنسبة للاعبين من الأجيال السابقة، كان أخذ وقت مستقطع في منتصف المباراة أمراً غير معتاد.

فقد قالت اللاعبة الأسترالية السابقة هانا ماندليكوفا، بطلة بطولة أمريكا المفتوحة عام 1985: "لم آخذ استراحة للذهاب إلى المرحاض في مسيرتي قط"، مشيرة إلى أنها لم ترَ قط أي من اللاعبات في المستوى العالي يفعلن ذلك أيضاً. وتابعت قائلةً: "لا يتعلق الأمر بأنهن يلعبن الآن مجموعات أكثر منّا، بل بكسر إيقاع اللاعبة الأخرى".

علامات:
تحميل المزيد