مصر تعلق الآمال على المتحف الكبير الذي تأخر افتتاحه 5 سنوات.. لكن هناك ما يجعل السائح يذهب ولا يعود!

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/05 الساعة 12:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/05 الساعة 12:33 بتوقيت غرينتش
أعمال بناء حول تمثال رمسيس الثاني في المتحف المصري/ الغارديان


في القاعة الرئيسية للمتحف المصري الكبير الجديد التي يتسلل إليها ضوء خافت، ظهرت أعمال البناء وهي تحيط بتمثال رمسيس الثاني الهائل، وبينما وقف موظفو المتحف يرحبون بالصحفيين الزائرين طمأنوهم بأنَّ المنحوتة الأثرية الشاهقة آمنة من أعمال البناء الجارية. 

وفي رحلته للمتحف الجديد العام الماضي، رافق التمثال 11 من أفراد الخيَّالة مرتدين الزي العسكري، بينما تعالت أصوات النشيد الوطني المصري.

تقول صحيفة The Guardian البريطانية إنه إذا صحَّت تعهدات قرب اكتمال بناء المتحف، فسيكون مُجسَّم الفرعون الثالث للأسرة الـ19 في مصر القديمة، المعروف أيضاً باسم "أوزيماندياس"، هو أول ما تقع عليه عيون الزوار لدى دخولهم المتحف الممتد على مساحة 500 ألف متر مربع، عند افتتاحه العام القادم. 

المتحف المصري الكبير في 4 أغسطس 2019/ الغارديان


ماذا يتضمن هذا المتحف الضخم؟

يكاد يصل التمثال، الذي يزن 83 طناً ويرتفع لما يزيد على 9 أمتار، إلى السقف المُقبَّب للبناء الإسمنتي الذي من المتوقع أن يحتضن 100 ألف قطعة، سيُعرَض الكثير منها للمرة الأولى. إضافة إلى ذلك، سيضم المتحف قاعة سينما ثلاثية الأبعاد بسعة 250 مقعداً ومتحفاً للأطفال، وستكون له إطلالة بانورامية على أهرامات الجيزة العظيمة. لكن متى سيُفتَتَح المتحف؟

المشروع على وشك الانتهاء

ابتُلي المتحف، الذي تبلغ تكلفته مليار دولار، بسلسلة تأجيلات منذ تقرر افتتاحه في 2015، عقب مرور 10 أعوام على ميلاد فكرة إنشائه. وفي الوقت الذي تكتظ فيه القاعة الرئيسية للمتحف بعمال البناء الذين يضعون اللمسات الأخيرة في تركيب الألواح الشبكيّة التي تُشكِّل الجناح الأمامي للمبنى، صرَّح مسؤولون بأن المشروع على وشك الانتهاء. ومن جانبها، احتفت وسائل الإعلام المحلية بتصريحات المسؤولين بأن المتحف سيُفتتح في 2020.

وقال وزير الآثار خالد العناني: "المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم بأكمله"، مردداً شعاراً استُخدِم للترويج لافتتاح قناة السويس الثانية في 2015، وسط مزاعم بأنَّ هذا المشروع الضخم سيسهم في إنعاش اقتصاد مصر. وأعرب مسؤولون عن أملهم بأن يجذب المتحف المصري 5 ملايين زائر سنوياً؛ ما سيساعد على تعزيز السياحة، وبالتالي إيرادات الدولة.

ويزعم مهندسو المشروع أن تصميم المتحف من الإسمنت المعزول يهدف للتغلب على تحديات المناخ الصحراوي؛ إذ يمكن ببساطة أن تصل درجة حرارة السقف إلى 70 درجة حرارة مئوية، ومع ذلك يظل الداخل ومحتوياته الثمينة محتفظاً بدرجة حرارة 23 درجة مئوية.

تمثال رمسيس الثاني يصل إلي موقع بناء المتحف المصري الكبير ، في 25 يناير 2018/ الغارديان
تمثال رمسيس الثاني يصل إلي موقع بناء المتحف المصري الكبير ، في 25 يناير 2018/ الغارديان


بديلاً للمتحف المصري بالتحرير

ويأتي المتحف الجديد بديلاً للمتحف المصري ذي الشهرة العالمية، المعروف أيضاً باسم متحف القاهرة، الذي بُني في قلب المدينة عام 1901، وتسكنه حالياً أضخم مجموعة من الآثار الفرعونية في العالم، بما في ذلك قناع الدفن الذهبي الشهير لتوت عنخ آمون.

ومن المقرر أن يضم المتحف الجديد مساحة 7000 متر مربع مخصصة للملك الصبي، وستُعرَض معاً للمرة الأولى 5400 قطعة من مقبرته (التي اكتشفها هوارد كارتر في 1922)، من بينها توابيته الثلاثة وقناع الدفن الخاص به.

وللمرة الأولى منذ اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، أُخرِج تابوت ضخم مطلي بالذهب من المقبرة في وادي الملوك بالأقصر في شهر يوليو/تموز الماضي، ونُقِل إلى القاهرة ليخضع لأعمال ترميم ضرورية قبل عرضه.

وفي هذا الصدد، قال وزير الآثار خالد العناني، من أمام التابوت المطلي بالذهب الذي كان يرقد داخل مختبر الترميم الملاصق للمتحف: "كان مشروعاً حساساً، فالتابوت هش جداً. نتوقع أن يستغرق ما بين ثمانية أو تسعة أشهر إلى أن يصل لحالة جيدة تسمح بعرضه بحلول 2020".

عالم آثار بجوار تابوت الملك توت عنخ آمون ، والذي يخضع للترميم في المتحف/ الغارديان


إلا أنَّ التعهدات الرنَّانة حول المتحف لم تُبهِر الجميع 

إذ قالت عنه عالمة الآثار المصرية مونيكا حنا: "هو مشروع عبثي يعود لحكم حسني مبارك"، واستطردت: "لكننا ورثناه؛ لذا يتعين علينا الآن أن نتعايش معه".

وكان مبارك قد طرح خطة "القاهرة 2050"، قبل إطاحته بأربع سنوات، التي طرحت تصوراً حول نقل سبعة آلاف مواطن لبناء حي شاسع تصطف على جانبيه الأشجار، تحت مسمى مشروع "ابني بيتك"، يربط وسط القاهرة بالأهرامات ومناطق الجذب السياحي، من بينها المتحف المصري الكبير.

متى يأتي السياح إلى مصر؟

وقالت حنا: "سيأتي السياح إلينا إذا منحناهم تجربة مختلفة، فنحن لدينا أعلى معدل من السائحين غير العائدين. وتغيير ذلك يعني أنَّ علينا خفض معدلات التحرش، وتوفير وسائل نقل عامة لائقة ومراحيض نظيفة". وأفادت تقارير بأنه في عام 2018 زار مصر 11.3 مليون سائح، في انخفاض عن معدلات ما قبل الثورة التي وصلت في 2010 إلى 15 مليون سائح.

ومع ذلك، يتمسك المسؤولون بآمالهم بأن يطغى المتحف الجديد على الاضطرابات التي شهدتها مصر مؤخراً، بما في ذلك انفجار سيارة مفخخة خارج مستشفى في القاهرة في أغسطس/آب الماضي، وكذلك إصابة 17 سائحاً كانوا يستقلون حافلة قرب موقع المتحف عقب انفجار قنبلة مزروعة على جانب الطريق في مايو/أيّار الماضي. 

إضافة إلى ذلك، أثارت الخطوط الجوية البريطانية غضب الوزارات المصرية في يوليو/تموز حين علَّقت رحلات الطيران إلى القاهرة لمدة أسبوع، نتيجة مخاوف أمنية لم تكشف عن طبيعتها تحديداً. وقررت وزارة الطيران المدني المصرية فرض رسوم خدمة بقيمة 25 دولاراً على جميع الركاب المغادرين مطار القاهرة بدايةً من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تُضاف إلى رسوم بقيمة 25 دولاراً فُرِضَت في 2014.

وبالرغم من ذلك، يأمل المسؤولون المصريون أنَّ الضجة المصاحبة لافتتاح المتحف ستجذب الزوار. وتعهد رئيس المجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري بأنه "سيكون حدثاً لن ينسوه طوال حياتهم".

تحميل المزيد