سيحدُّ رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، من فرصة البرلمان في عرقلة خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، إذ قلَّص الوقت الذي سينعقد فيه خلال الفترة التي تسبق الموعد النهائي للخروج في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وهو ما أثار غضب معارضين طالبوا الملكة إليزابيث بالتدخل.
وفي أجرأ خطوة يتخذها حتى الآن لتنفيذ انسحاب البلاد من التكتل باتفاق أو من دونه، حدد جونسون تاريخ 14 أكتوبر/تشرين الأول لخطاب الملكة، وهو الافتتاح الرسمي لدورة الانعقاد البرلمانية الجديدة التي يسبقها تعليق عمل مجلس النواب.
الملكة إليزابيث تثير غضب المعارضة البريطانية
ووافقت الملكة (93 عاماً)، على التاريخ وهو ما يعني عملياً أن تعليق عمل البرلمان سيمتد من نصف سبتمبر/أيلول تقريباً ولمدة نحو شهر.
وأثار ذلك حنق زعماء المعارضة؛ ودفعهم إلى كتابة رسالة إلى الملكة، للتعبير عن قلقهم وطلب عقد اجتماع، وهو ما يخاطر بجرِّها إلى الأزمة الدستورية في البلاد.
وردَّ جونسون على سؤال من الصحفيين عن محاولته منع السياسيين من تأجيل انسحاب البلاد من التكتل، بالقول: "سيكون هناك متسع من الوقت في البرلمان للنواب لمناقشة الاتحاد الأوروبي، ومناقشة الخروج من التكتل وكل القضايا الأخرى، متسع من الوقت".
وعلى الرغم من أن تعليق عمل البرلمان قبل خطاب الملكة تقليد تاريخي في بريطانيا، فإن الحد من رقابة البرلمان على الحكومة قبل أسابيع من أخطر قرار سياسي بالبلاد في عقود، أثار انتقادات فوراً.
كما زاد ذلك من احتمالات مواجهة جونسون تصويتاً على الثقة في البرلمان؛ قد يؤدي بدوره إلى إجراء انتخابات.
وقال زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربين، عن هذه الخطوة: "ينبغي أن يحاسبه البرلمان، ليس بوقف عمل البرلمان، بل بحضوره للجلسات وإجابته عن الأسئلة. عندما يجتمع البرلمان في موعده مدةً وجيزةً الأسبوع المقبل، سيكون أول ما نفعله محاولة إصدار تشريع لمنع ما يقوم به، وثانياً سنتحداه باقتراع على الثقة في مرحلة ما".
لدرجة اعتبره البعض "انقلاباً بريطانياً"
وقال جون مكدونيل، الرجل الثاني في حزب العمال: "هذا انقلاب بريطاني للغاية… مهما كانت آراء أي شخص بخصوص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بمجرد أن تسمح لرئيس للوزراء بمنع مؤسساتنا الديمقراطية من أداء عملها بِحُرية وبشكل كامل، فإنك تسلك طريقاً في غاية الخطورة".
وتسببت الأنباء في انخفاض حاد بسعر صرف الجنيه الإسترليني. وقالت كنيسة إنجلترا إن تنفيذ انسحاب فوضوي من الاتحاد الأوروبي سيضرُّ بالفقراء.
وكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تويتر: "سيكون من الصعب جداً على جيرمي كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني، السعي لاقتراع على حجب الثقة من رئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون، خاصة في ظل حقيقة أن بوريس هو بالضبط ما كانت تبحث عنه بريطانيا، وسيثبت أنه عظيم. أحب بريطانيا".
وقال دومينيك جريف وهو نائب محافظ: "أعتقد أن (تصويتاً على حجب الثقة) أصبح أكثر ترجيحاً، لأنه إذا كان من المستحيل منع تأجيل (الانسحاب)، فأعتقد أنه سيكون من الصعب لمن هم مثلي مواصلة الثقة بالحكومة".
وتقييد دور أعضاء البرلمان البريطاني
وقال جون بيركو رئيس البرلمان، وهو شخصية مؤثرة أبدت استعدادها لمخالفة الإجراءات المعتادة، لضمان إمكانية مناقشة النواب انسحاب البلاد من الاتحاد الأوروبي بشكل كامل، إن الخطوة مصممة "بوضوح تام" لتقييد تلك النقاشات.
وأضاف بيركو، الذي صوَّت بالموافقة على البقاء بالاتحاد الأوروبي في استفتاء 2016، في بيان: "تعليق عمل البرلمان سيكون إهانة للعملية الديمقراطية وحقوق البرلمانيين بصفتهم الممثلين المنتخَبين للشعب".
لكن جونسون دافع بأن الخطوة تهدف إلى السماح للحكومة بمتابعة أجندتها المحلية.
ويعود البرلمان من عطلة صيفية في الثالث من سبتمبر/أيلول، وكان من المتوقع أن ينعقد أسبوعين قبل أن يعلق أعماله مرة أخرى، للسماح للأحزاب السياسية بعقد مؤتمراتها السنوية. وعادة ما يعود البرلمان للانعقاد مرة أخرى في أوائل أكتوبر/تشرين الأول.
ومن شأن تحديد موعد خطاب الملكة في 14 أكتوبر/تشرين الأول أن يؤجل بدء الدورة البرلمانية الجديدة، ويترك أمام النواب ما يزيد قليلاً فحسب على أسبوعين قبل موعد الانسحاب من التكتل في 31 أكتوبر/تشرين الأول.