على مدار أكثر من أسبوع والحرائق مستمرة في غابات الأمازون البرازيلية، مما تسبب في حالة من الهلع العالمي، بأن 20% من الأكسجين في العالم قد تعرَّض للدمار، فيما يرى البعض أن هذه الأرقام ليست حقيقية، في هذا الموضوع سنحاول تفسير الحدث، وما هو تأثيره المتوقع، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.
ماذا حدث؟
منتصف الأسبوع الماضي اشتعلت عدة حرائق في أنحاء غابات الأمازون البرازيلية، أشعلت معها موجة احتجاجات دولية، من أجل الحفاظ على أكبر الغابات المطيرة في العالم. وسوف نلقي الآن نظرةً على الدور الذي تلعبه الأمازون في تنظيم المناخ العالمي:
هل معدلات الأكسجين العالمية في خطر؟
لا. بالرغم من القول الشائع إن غابات الأمازون تنتج 20% من الأكسجين في العالم، يقول علماء المناخ إنّ هذا الرقم خاطئ، وإن معدلات الأكسجين ليست في خطر مباشر على أي حال. وذلك لأن الغابات، بما فيها الأمازون، تمتص نفس كمية الأكسجين التي تنتجها تقريباً. النباتات تنتج الأكسجين خلال عملية البناء الضوئي، ولكنها تمتص الأكسجين أيضاً من أجل النمو، مثل الحيوانات والميكروبات.
وهذا لا يعني أن تلك الحرائق لا تمثل مشكلة للكوكب. تلعب غابات الأمازون دوراً مهماً وأساسياً في امتصاص الكربون من غاز ثاني أكسيد الكربون، الغاز المسبب للاحتباس الحراري والناتج عن احتراق منتجات الوقود الأحفوري، مثل النفط والفحم.
هل الأمازون "رئة الأرض"؟
غابات الأمازون المطيرة يُشار إليها بـ "رئة الأرض"، ولكنه قد لا يكون الوصف الأكثر دقة وملاءمة للدور الذي تلعبه غابة الأمازون.
يقول كارلوس نوبري، عالم المناخ بجامعة ساو باولو، إن أفضل تشبيه لغابات الأمازون تصويرها على هيئة حوض أو بالوعة صرف، تصرف من خلالها ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري من الغلاف الجوي. في الوقت الحالي، تصل انبعاثات العالم من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي حوالي 40 مليار طن كل عام. تمتص غابات الأمازون 2 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام (أي 5% من الانبعاثات السنوية)، مما يجعل دورها حيوياً في منع التغيرات المناخية.
ماذا تعني حرائق غابات الأمازون بالنسبة للمناخ العالمي؟
حرائق الأمازون لا تعني فقط اضمحلال تأثيرها في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، ولكن النيران نفسها ينتج عنها ملايين الأطنان من الكربون يومياً. يقول نوبري إننا قريبون من "نقطة التحول الحرجة" التي تتحول عندها الغابات الكثيفة إلى "سهول سافانا استوائية" .
تعمل الغابات المطيرة على إعادة تدوير مياهها لإنتاج جزء من الأمطار في المنطقة، لذا إزالة الغابات يجعل الأمطار أقل، ويمتد بذلك موسم الجفاف لفترات أطول كل عام. ويرى نوبري أنه في حالة تدمير 20% إلى 25% من الغابة، فإن موسم الجفاف سوف يمتد بما يكفي لتحويل ما تبقى من الغابات إلى سهول السافانا.
ويقول: "للأسف، إننا نرى بالفعل علامات تشير إلى تحول غابات الأمازون إلى سهول سافانا. الأمر لم يعد مجرد نظرية فرضية، إنه يحدث بالفعل"، وأرجع ذلك إلى مواسم الجفاف الطويلة والمتزايدة كل عام.
ما سبب الحرائق؟
الحرائق الحالية في الأمازون ليست حرائق غابات تلقائية، بل هي بفعل فاعل، وغالباً ما يكون وراءها منتزعو الأراضي الذين يزيلون الغابات من أجل الزراعة وتربية الماشية.
هناك تاريخ طويل لعمليات إزالة غابات الأمازون، ولكنها كانت تتسم بالبطء. يزيل الأشخاص الغابات عن طريق قطع الغطاء النباتي أثناء موسم الأمطار، مما يجعل الأشجار عرضة للجفاف، ثم يحرقونها في موسم الجفاف، ولكن إزالة الغابة الكثيفة بالكامل من أجل الأغراض الزراعية قد يحتاج إلى العديد من السنوات ما بين القطع والحرق.
قال دوغ مورتون، الباحث بوكالة ناسا: "عندما أتحدث عن إزالة الغابات في القرن الواحد والعشرين، لا أعني بذلك توجه العائلة إلى الغابات مسلحين بمنشار كهربائي لقطع الأشجار. بل أعني جرارات متصلة بسلاسل كبيرة تسحب الأشجار من جذورها" .
وقال إن الباحثين تمكنوا من رؤية أكوام من الأشجار منذ عدة أشهر في صور الأقمار الصناعية. وأضاف: "إنهم يحرقون كماً هائلاً من أشجار الأمازون التي تراكمت وجفَّت في الشمس لعدة شهور" .
وقال نوبري: "ما تغيَّر هو الخطاب السياسي. الرئيس جاير بولسونارو قلّص من سلطة وسيطرة الوكالات المعنية بحماية الغابات، وقال إنها تعيق الطريق أمام إصدار تراخيص لتطوير الأراضي، ووصفها بالجهات العاملة في مجال صناعة الغرامات" .
وأضاف نوبري: "ازداد عدد الحرائق لأن الأشخاص يعتقدون أن سلطات إنفاذ القانون لن تعاقبهم" .