قالت صحيفة "WSJ" الأمريكية، إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تستعد لبدء محادثات مباشرة مع الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، في محاولة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أربع سنوات، وهو نزاع أصبح خط مواجهة متقلباً في الصراع مع طهران، وفقاً لأشخاص مطلعين على خطط الإدارة الأمريكية.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، الثلاثاء 27 أغسطس/آب 2019، أن الولايات المتحدة تسعى إلى حثّ المملكة العربية السعودية على المشاركة في محادثات سرية في عمان مع قادة الحوثيين، في محاولة للتوسط في وقف لإطلاق النار في اليمن.
أول قناة تواصل مهمة بين ترامب والحوثيين
ومن شأن تلك الخطوة أن تفتح أول قناة تواصل مهمة بين إدارة ترامب والحوثيين، في وقتٍ تتزايد فيه المخاوف من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً.
وخلق التدهور الكبير في الوضع في اليمن، في الأسابيع الأخيرة، حاجة ملحة جديدة لجهود دبلوماسية تنهي الصراع الذي دفع بالملايين نحو حافة المجاعة.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن "بدء انسحاب الإمارات من اليمن، والاشتباكات في عدن، ساهما في تغذية جهود أمريكية جديدة من أجل الدفع باتجاه الدبلوماسية، بما فيها خطط متطورة للتحاور مباشرة مع الحوثيين".
وبحسب ما تقوله الصحيفة فقد "أكد أشخاص مطلعون على الخطط، أن كريستوفر هنزل، الدبلوماسي المخضرم، الذي أصبح في أبريل/نيسان الماضي، السفير الأول لإدارة ترامب إلى اليمن، هو من سيقود المحادثات الأمريكية" .
بعد التشكيك في رغبة السعودية في إنهاء الحرب باليمن
وتواجه مبادرة إدارة ترامب بالفعل عقبات خطيرة، حيث رأى البعض في خطوة الحوثيين تعيين سفير رسمي لهم لدى إيران، إشارةً لمحاولة المعارضين منهم لمحادثات السلام، إخراج الجهود عن مسارها.
ونقلت الصحيفة عن "أفراد مطّلعين على الجهود الدبلوماسية" تأكيدهم أنه "بات يُنظر، بشكل متزايد، إلى الرئيس اليمني المدعوم من السعودية عبد ربه منصور هادي، على أنّه عائق أمام المحادثات، وأنّ اللاعبين الأساسيين يبحثون في كيفية تهميشه، في محاولة منهم لتحريك محادثات السلام" .
وأضافت الصحيفة: "هناك أيضاً مخاوف متزايدة في واشنطن من أن السعودية قد لا تكون جدية في إنهاء الصراع، ويخطِّط مسؤولون أمريكيون لعقد لقاء مع قادة سعوديين في واشنطن، بهدف إقناعهم بتبنِّي الدبلوماسية" .
ومن المقرَّر أن يلتقي نائب وزير الدفاع السعودي، شقيق ولي العهد محمد بن سلمان، خالد بن سلمان، وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، الأربعاء 28 أغسطس/آب.
لقاءات أمريكية سابقة مع الحوثيين في عهد أوباما
وأشارت الصحيفة إلى أنه في عام 2015، وبعد بضعة أشهر من بدء الحرب في اليمن، التقى كبار مبعوثي إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما سراً مع المتمردين الحوثيين لأول مرة في عُمان، للضغط من أجل التوصل لوقف لإطلاق النار والإفراج عن الأمريكيين المحتجزين لدى المقاتلين اليمنيين.
والتقى المسؤولون الأمريكيون زعماء الحوثيين، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، في السويد، خلال محادثات سلام قادتها الأمم المتحدة، لكن بحسب مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، لم تكن هناك أي مفاوضات مباشرة منذ تولي ترامب منصبه في عام 2017.
وأضافت أن إدارة ترامب تنظر للحوثيين باعتبارهم وكلاء إيران، وتقول إن طهران يجب أن تتحمل المسؤولية المباشرة عن الهجمات الصاروخية، وتلك التي تُنفَّذ بطائرات بدون طيار التي يشنها المقاتلون اليمنيون على السعودية.
وكانت الحرب في اليمن محلَّ معارضة نادرة من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس، وأثارت مخاوف في الرياض وأبوظبي من أن دول الخليج تخسر الدعم الحيوي من واشنطن، مع تزايد التوترات مع إيران.
وكانت الإمارات العربية المتحدة، الحليف الأكثر أهمية للسعودية في جهودها في اليمن، بدأت في سحب معظم قواتها من البلاد، في يونيو/حزيران الماضي. وفي وقت سابق من الشهر الحالي، شنَّت القوات اليمنية المدعومة من الإمارات هجوماً عسكرياً مفاجئاً على الحكومة المدعومة من السعودية، التي تدير البلاد من عدن، مما تسبب في صَدع بين دولتي الخليج.
أثار كل من الانسحاب الإماراتي والقتال في عدن جهوداً جديدة من الولايات المتحدة، للحصول على زخم من أجل اللجوء للدبلوماسية، بما في ذلك الخطط الناشئة لخوض محادثات مباشرة مع الحوثيين.
لكن المبادرة الأمريكية لن تكون سهلة
ومن المقرر أن يقود الجانب الأمريكي في المحادثات كريستوفر هينزل، الدبلوماسي المخضرم الذي أصبح أول سفير لإدارة ترامب في اليمن، في أبريل/نيسان، وفقاً لأشخاص مطلعين على خطط الإدارة الأمريكية.
على جانب آخر، تواجه مبادرة إدارة ترامب الوليدة عقبات خطيرة بالفعل، إذ عَين الحوثيون، الأسبوع الماضي، سفيراً رسمياً لهم لدى إيران، بعد اجتماعات عُقدت في طهران. وهي الخطوة التي اعتبرها البعض علامةً على أن الحوثيين المعارضين لمحادثات السلام يحاولون عرقلة الجهود.
ووفقاً للمطلعين على الجهود الدبلوماسية، يُنظر إلى عبد ربه منصور هادي، زعيم الحكومة اليمنية في المنفى المدعوم من السعودية، على نحوٍ متزايد في عواصم العالم الكبرى، على أنه عائق أمام المحادثات. وتبحث الأطراف الرئيسية في النزاع بنشاط عن سبل لسرعة تهميش عبد ربه منصور هادي، في محاولة لتحريك محادثات السلام.
والبعض يُقلِّل من قيمة المحادثات
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة لن تناقش إجراء محادثات دبلوماسية سرية، لكنه أضاف أن "السفير الأمريكي في اليمن يخاطب جميع اليمنيين لتعزيز أهداف الولايات المتحدة في البلاد" .
يذكر أن أياً من المسؤولين السعوديين واليمنيين وممثلي الحوثيين رفضوا الرد على طلبات التعليق.
في يوم الإثنين الماضي، الموافق 26 أغسطس/آب، أصدرت السعودية والإمارات بياناً مشتركاً بغرض إظهار وحدتهما، ودحض المزاعم القائلة إن البلدين على خلاف بشأن سبيل الخروج من اليمن.
وقالت البلدان في البيان المشترك إنهما "تؤكدان في الوقت نفسه حرصهما وسعيهما الكامل للمحافظة على الدولة اليمنية ومصالح الشعب اليمني وأمنه واستقراره واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه، تحت قيادة الرئيس الشرعي لليمن، وللتصدي لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، والتنظيمات الإرهابية الأخرى" .
من جهته، قال مسؤول أمريكي مطلع إن المحادثات المخطط لها عبر قناة خلفية تعكس نقصاً في الخيارات العسكرية المتاحة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وأعرب المسؤول عن تشككه في أن تسفر عن أي تقدم.
ويبحثون عن وسطاء قادرين على تجاوز العوائق
وقال المسؤول إن الولايات المتحدة عانت في الماضي لإيجاد وسطاء من الحوثيين، يتمتعون بالصلاحية للتفاوض ويستطيعون الوصول للقيادة العليا للحركة، مضيفاً أن أحد المحاورين الذين تواصل معهم المسؤولون الأمريكيون خلال السنوات الأربع الماضية، كان محمد عبدالسلام، كبير المتحدثين باسم الحوثيين.
وقال المسؤول إن المحادثات عبر قناة خلفية تنطوي بكل تأكيد على عروض محتملة لتقديم تسهيلات أو تدابير لبناء الثقة لدى الحوثيين المتحالفين مع إيران، مضيفاً أن ذلك ربما يقوض حملة "الضغط الأقصى" التي تقودها إدارة ترامب، المتمثلة ضد طهران وحلفائها.
يذكر أن الحوثيين، الذين تقع مواطنهم القبلية في شمالي اليمن، استولوا على العاصمة صنعاء في عام 2015. ويسيطرون الآن على معظم النصف الغربي من البلاد.
لطالما فكَّرت واشنطن ملياً في مسألة كيفية التعامل مع الحوثيين. فوفقاً لأشخاص مطلعين، يجادل بعض المسؤولين في البيت الأبيض بضرورة وسمهم بصفتهم منظمة إرهابية أجنبية. أما معارضو مثل تلك الخطوة فيرون أنها قد تعصف كلياً بمحادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي فشلت في وضع نهاية للحرب حتى الآن.
على كل حال، يبدو أن القيادة الحوثية نفسها منقسمة بين أولئك الذين يؤيدون استمرار الحرب، وأولئك الذين يرغبون في وضع حد لها، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من تعقيد المفاوضات مع المجموعة.