كشفت صحيفة The Times البريطانية، أنَّ زعيم داعش أبو بكر البغدادي أوكل مهام إدارة الأمور اليومية المتعلِّقة بتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، إلى أحد مساعديه، مما يُعزز التكهنات بشأن إصابته، إلى جانب معاناته من أمراض مزمنة.
وقالت الصحيفة، الخميس 22 أغسطس/آب 2019، نقلاً عن وكالة أنباء "أعماق"، التابعة لداعش، إن أبوبكر البغدادي قد نصَّب عبدالله قرداش، وهو ضابط سابق في جيش صدام حسين، وقد برز في صفوف المتطرفين بعد القبض على الرئيس العراقي في عام 2003، لتولِّي مهام الجماعة.
كيف التقى البغدادي مع "خليفته" المؤقت قرداش؟
وكان البغدادي، البالغ من العمر 48 عاماً، وقرداش، الذي لم يُعرف عمره، سجينين لدى القوات الأمريكية بسبب صلتهما بتنظيم القاعدة في عام 2003. واحتجزتهما القوات في معتقل بوكا في البصرة، وهذا هو المكان الذي يعتقد أن البغدادي برز فيه كشخص جهادي ديماغوجي، حيث حوّل توجّه مئات السجناء إلى قضيته، ونقّح رؤيته السياسية لما يسمى بالخلافة، ويُعتقَد أن قرداش يعمل معه منذ ذلك الحين.
وبدأ البغدادي مسيرته كقائد يظهر على الملأ على نحو بارز، حيث ألقى خطبة من منبر مسجد النوري في الموصل في عام 2014 لإعلان بدء الخلافة. وحين شددت القوات التي يدعمها الغرب حصارها هناك، صار البغدادي في شبه عزلة، بالتزامن مع تناقص الموارد ووجود مجموعة صغيرة من الأتباع المُخلصين لنهجه، ويُعتقد أنه أصيب بالشلل في غارة جوية شنّتها قوات التحالف، في مايو/أيار 2017، فضلاً عن معاناته من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
ونُشِرَت أول لقطات له منذ خمس سنوات، في شهر أبريل/نيسان 2014، حيث ظهر بلحية طويلة تخضّب نصفها بالحناء، وزعم أنه بصحة جيدة، وتعتقد أجهزة المخابرات أنه مختبئ في محافظة الأنبار، الواقعة في الصحراء الغربية للعراق.
ومنذ سقوط باغوز، آخر معاقل داعش بالأماكن الحضرية، في مارس/آذار 2019، تحول التنظيم إلى جماعات مقاومة صغيرة متفرّقة في جميع أنحاء سوريا والعراق.
والذي شغل منصب كبير المشرّعين في داعش
ويقول المحللون إن البغدادي يختار خليفة لإدارة إعادة الإعمار اللوجستية للمجموعة، بينما يركز على استعادة الحماس الذي أشعله في نفوس أعضائها في بدايتها، وقال فاضل أبو رغيف، المحلل الأمني السابق لدى الحكومة العراقية، إن "البغدادي لا يتخلّى عن منصبه، حيث نال قرداش تفويضاً محدداً لأمور اللوجستيات والحركة" .
وأضاف أن "هناك ثلاثة أسباب محتملة لقيام البغدادي بتفويض قائد آخر، ألا وهي سدّ الثغرات داخل الجماعة، أو الاتحاد مع قرداش الذي يتمتع بشعبية بين أعضاء داعش الآخرين، أو ربما أنه يحاول إعداد قرداش لقيادة داعش في المستقبل" .
وقبل تنصيبه بمهمّته الجديدة، شغل قرداش منصب كبير المشرّعين في داعش، وعُرِف بأنه صانع سياسة صارم، وأصبح شخصية بارزة بجهوده الذاتية داخل المجموعة الجهادية، ويعرفه أتباعه باسم "الأستاذ الجامعي"، وكان أيضاً على مقربة من أبوعلاء العفري، النائب السابق للبغدادي، الذي مات خلال غارة جوية شنّتها طائرة هليكوبتر أمريكية، في مارس/آذار 2016.
ومهمته الآن إعادة بناء تنظيم الدولة الذي تنقسم قيادته
وستوكل إلى قرداش مهمّة إعادة بناء داعش، بعد التدمير شبه التام الذي شهده التنظيم على يد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والقوات الكردية المتحالفة معها في جميع أنحاء العراق وسوريا، على مدى السنوات القليلة الماضية، ولكنه يواجه قيادة منقسمة؛ حيث إن البعض قد يرفضون رؤيته واستراتيجيته المتّبعة.
وبالتزامن مع انتشار أعضاء داعش في هيئة جماعات منتشرة في مساحة هائلة من الصحراء الممتدّة بين البلدين، ظهرت ثلاثة فصائل رئيسية، تلتفّ إحداها حول قيادة تونسية، وأخرى بزعامة سعودية، والثالثة بزعامة عراقية.
وقد حذَّرت قوات الأمن في جميع أنحاء المنطقة من أن مجموعات داعش المتبقية لا تزال على قدرٍ كافٍ من التنظيم الذي يسمح لهم بشن هجمات، وهم مُستعدون لاختراق أي ثغرة في السلطة، وربما يُساعد تنصيب قرداش على إعادة تأجيج حِراكهم.
وقال أبو رغيف: "لن تزداد الهجمات مع قيادة قرداش الجديدة، ولكنها ستكون أكثر تحديداً، فإن لديهم الكثير من السلطة على أراض شاسعة، على الرغم من تقلّص أموالهم".