كشفت إحصاءات جديدة أن المملكة المتحدة أصدرت تراخيص لبيع أسلحة بقيمة 6.3 مليار دولار للقوات التي تقودها السعودية في اليمن منذ بدء الحرب الدموية في عام 2015، نقلاً عن صحيفة Mirror البريطانية.
يأتي هذا في الوقت الذي شهد فيه توجيه دعوةً إلى الحكومة السعودية لحضور معرض أسلحة ضخم سيُقام في لندن الشهر المقبل سبتمبر/أيلول، مع أنَّ إحدى المحاكم قضت بأن بيع الأسلحة لاستخدامها في الصراع غير قانوني.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ مبيعات الأسلحة البريطانية للمملكة العربية السعودية وحدها بلغت 6.4 مليار دولار، منها أسلحةً بقيمة 730 مليون دولار منذ بداية العام الجاري 2019.
وقد بيع المزيد من الأسلحة لقوات دولٍ أخرى تشارك حالياً في الحرب، من بينها الإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين والكويت.
الحكومة البريطانية توقفت عن إصدار تراخيص بيع الأسلحة للسعودية
وصحيحٌ أنَّ الحكومة البريطانية توقفت عن الموافقة على إصدار تراخيص بيع أسلحة جديدة للسعودية وشركائها في التحالف في يونيو/حزيران الماضي بعدما قضت محكمة الاستئناف بأنَّ هذه المبيعات غير قانونية، لكنَّ بعض الوزراء قدَّموا الآن مذكرة استئناف إلى المحكمة العليا سعياً لإلغاء الحكم.
هذا ووجَّهت الحكومة البريطانية دعوةً إلى الجيش السعودي وجيوش أعضاء التحالف الآخرين لزيارة لندن في الشهر المقبل من أجل حضور المعرض الدولي للأسلحة ومعدات الدفاع والأمن.
وقال أندرو سميث، من حملة مكافحة تجارة الأسلحة: "من المشين أنَّ الحكومة دعت الجيش السعودي وجيوش أعضاء التحالف الآخرين إلى لندن لشراء المزيد من الأسلحة… فهذا يُظهر أنَّه مهما تفاقمت خطورة الأزمة الإنسانية في اليمن، ستواصل الحكومة إعطاء مبيعات الأسلحة الأولوية على حقوق الشعب اليمني وحياته".
وعلى صعيدٍ آخر، سافر مراسلون من صحيفة Mirror البريطانية إلى اليمن في شهر مايو/أيار الماضي للكشف عن حجم المعاناة الناجمة عن هذا الصراع الفظيع.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ التحالف الذي تقوده السعودية يدعم قوات الحكومة اليمنية بقصف المقاتلين الحوثيين، تاركاً البلاد عالقةً بين رَحى القتال، والعائلات في خطر دائم.
اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم
هذا ويحتاج حوالي 24 مليون شخص إلى المساعدة والحماية في اليمن، وفقاً للأمم المتحدة التي حذَّرت من أنَّ الصراع الدائر هناك قد أسفر عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وأدت الأزمة إلى انتشار سوء التغذية، وتفشِّي وباء الكوليرا وغيره من الأمراض.
وذكرت بعض وكالات الإغاثة أنَّ 140 ألف طفلٍ قُتلوا منذ بداية الصراع.
من جانبها، قالت إميلي ثورنبيري، وزيرة الخارجية في حكومة الظل البريطانية وعضوة حزب العمال: "ظل حزب العمال يُحذِّر طوال السنوات الماضية من أنَّ حكومة حزب المحافظين بدلاً من أن توقف هذا الصراع وتُنهي الأزمة الإنسانية الكارثية التي أسفر عنها، فإنَّها تعمل على تأجيجه ببيع أسلحةٍ للتحالف الذي تقوده السعودية بمليارات الدولارات، وهذه الأرقام تثبت ذلك".
مبيعات الأسلحة غير أخلاقية وغير قانونية
وأضافت ثورنبيري: "والأسوأ من ذلك، كما قلنا مراراً، أنَّهم يفعلون كل ذلك وهُم يتعمَّدون تجاهل الأدلة التي تفيد بأنَّ هذه الأسلحة كانت -وما زالت- تستخدم في ارتكاب جرائم حرب خطرة في اليمن ضد السكان المدنيين… لقد قضى بوريس جونسون عامين في منصب وزير للخارجية في قلب عملية صنع القرار، ولم يتحمل مسؤولية هذه القرارات، فضلاً عن الاعتذار عنها".
وقال سميث، من حملة مكافحة تجارة الأسلحة: "لقد قُتل آلاف الأشخاص في الغارات التي شنها التحالف بقيادة السعودية على اليمن، لكنَّ ذلك لم يردع تجار الأسلحة… لقد أسفر القصف عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وما كان ذلك ليحدث دون تواطؤ ودعم من الحكومة البريطانية".
وأردف: "مبيعات الأسلحة هذه غير أخلاقية وغير قانونية".
وفي السياق نفسه، قال ستيفن دوتي، النائب التابع لحزب العمال وعضو لجنة الشؤون الداخلية في مجلس العموم: "هذه الأرقام المروعة تُبيِّن حجم المصالح التجارية التي مُنِحَت الأولوية على أرواح المدنيين، بالرغم من التحذيرات المتكررة التي أطلقها البرلمانيون والناشطون".
وقال ستيفن: "تعتمد المصداقية المستقبلية لصناعة معدات الدفاع والأمن البريطانية الشرعية كلها على التزامنا بأعلى معايير القانون والأخلاقيات. وهذا لم يحدث في اليمن… فجميع أطراف الأزمة اليمنية ترتكب فظائع مروعة واضحة ضد المدنيين. لكننا ظللنا نبيع أسلحةً بمليارات الدولارات لأحد هذه الأطراف على الرغم من التحذيرات المتكررة من المخاطر المترتبة على ذلك".
على بريطانيا إعادة التفكير في علاقتها مع السعودية!
وأضاف ستيفن: "يجب على بريطانيا إعادة التفكير فوراً في علاقتها غير العقلانية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بشأن هذه القضية. ويجب على الحلفاء كذلك توجيه أشد الانتقادات".
وعلى الجانب الآخر، قال متحدثٌ باسم الحكومة البريطانية: "تدير المملكة المتحدة واحداً من أقوى أنظمة الرقابة على الصادرات في العالم. وتستند قرارات الترخيص إلى أحدث المعلومات والتحليلات المتوفرة وقت إصدارها، بما في ذلك الحصول على مشورة من ذوي الخبرة الدبلوماسية والعسكرية وتقارير من شبكتنا الخارجية ومنظمات غير حكومية".
وأضاف: "نُرحِّب بأي معلومات إضافية يمكن أن تقدمها المنظمات غير الحكومية بشأن الامتثال للقانون الدولي الإنساني".
وأردف: "تجري الحكومة عملية تدقيق صارمة قبل إصدار أي دعوات رسمية إلى الحكومات الأجنبية لحضور معرض أسلحةٍ كبير في المملكة المتحدة مثل المعرض الدولي للأسلحة ومعدات الدفاع والأمن".