بعد أسبوعين من التغييرات الدستورية الكبيرة التي أعلنتها الهند في كشمير يستمر قطع الاتصالات وعزلة القيادات السياسية، وتهدد حالة الاضطراب التي كانت تخشاها الهند عند إعلانها الخطوات الصارمة، بتأزم الوضع.
على الجانب الآخر، كانت باكستان، المنافس العتيد للهند، تحاول حشد إدانةٍ عالميةٍ للخطوة الهندية في كشمير، التي تُطالب بها هي الأخرى، وتحكمها جزئياً. وكان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان قد شبّه حزب باراتيا جاناتا الهندي الحاكم بالنازيين مراراً، وحذر من "الإبادة الجماعية الوشيكة" في كشمير.
الصورة الكبرى
- شهدت ولاية جامو وكشمير، الولاية الهندية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة، عقوداً من العنف والتوترات الانفصالية.
- تحركت الهند يوم 5 أغسطس/آب الجاري لتنهي سريعاً الحكم الذاتي طويل الأمد في الولاية، فأرسلت عشرات الآلاف من الجنود وقطعت الاتصالات والإنترنت لقمع أية ردة فعلٍ.
- يقول مايكل كوغلمان من مركز ويلسون إنه اتضح أن الهند احتجزت كذلك الآلاف، من بينهم سياسيون، ورجال أعمالٍ بارزون، وصحفيون.
المشهد من باكستان
- في مقابلةٍ أجراها مع موقع Axios يوم الجمعة 16 أغسطس/آب 2019 طالب السفير الباكستاني لدى واشنطن أسد مجيد خان بضغطٍ عالميٍ أقوى ضد الهند، وقال إن باكستان "ستخوض الطريق لآخره" من أجل "حماية حقوق الكشميريين".
- قال كذلك إن تنبؤ رئيس الوزراء بإبادةٍ جماعيةٍ قادمةٍ في كشمير كان نتيجة القمع المتزايد وتاريخ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (اتُّهم مودي بالضلوع في أعمال عنف دامية وقعت عام 2002، والتي راح ضحيتها مئات المسلمين).
- كما أنكر السفير أن باكستان قد تُثير العنف في كشمير، كما كانت تُتهم عادةً في الماضي. لكنه توقع أن مودي قد يستخدم هذه المخاوف "للتغطية على القمع، وتبرير وجود هذه الأعداد الاضافية من القوات ثم إلقاء اللوم على باكستان".
- وقال إن رؤية الحزب الهندي الحاكم لكشمير هي نفس رؤيته لبقية الهند: "تحويلها إلى دولةٍ هندوسيةٍ".
- وعندما سأل السفير عما إذا كان تحذير رئيس الوزراء الباكستاني من "استرضاء الفاشية" من المجتمع الدولي ينطبق على الولايات المتحدة، والتي التزمت الصمت بشكلٍ ملحوظٍ حيال القمع. أكد السفير أن الرئيس ترامب قدم "عرضاً حسن النية" للتوسط في كشمير، قبل أن يشدد على أن باكستان "تأمل في رؤية المزيد".
وجهة النظر العالمية
- يقول مايكل كوغلمان من مركز ويلسون إن "أزمة الصورة" الباكستانية وتاريخ دعمها للمتمردين في كشمير، بالإضافة إلى حقيقة أن العديد من الدول تربطها علاقاتٌ جيدةٌ بالهند، كل ذلك يعني أن إسلام أباد ستُعاني لحشد استجابةٍ عالميةٍ كبيرة معها.
- ناقش مجلس الأمن الأمريكي الشأن الكشميري لأول مرةٍ منذ ما يقرب من خمس عقودٍ يوم الجمعة 16 أغسطس/آب 2019، لكنه رفض إصدار بيانٍ بعد الاجتماع.
- غرد ترامب، الإثنين 19 أغسطس/آب 2019، بأنه يود الحديث مع مودي ومع عمران خان حول "الحد من التوتر في كشمير".
- في هذه الأثناء تزعم الهند أن الوضع بات مستقراً الآن. وصرح وزير الدفاع الهندي راغناث سينغ في مظاهرةٍ سياسيةٍ يوم الأحد 18 أغسطس/آب 2019 أن أية مفاوضاتٍ مستقبليةٍ ستقتصر على الجزء الخاضع لسلطة باكستان من كشمير.
أحدث المستجدات من كشمير
راجع المسؤولون في الهند عودة الأمور لطبيعتها، فتقرر فتح المدارس أبوابها واستئناف الأعمال الإثنين. غير أن طالباً واحداً فقط من ألف طالبٍ عاد إلى مدرسته التي زارها فياض بخاري وديفوت غوشال من وكالة Reuters الإثنين 19 أغسطس/آب 2019.
- وكتبا: "وقفت الشرطة شبه العسكرية بملابس مكافحة الشغب والبنادق الهجومية وراء المتاريس الفولاذية وسياج الأسلاك الشائكة في الحي القديم في سريناغار؛ لردع أي تكرارٍ لاحتجاجات نهاية الأسبوع".
- وتابعا: "في الأحياء المكتظة مثل باتامالو وقف الشباب صانعين متاريس لمنع قوات الأمن من الدخول".
- يعني فرض قيودٍ أقل صرامةً على الحركة تزايد الضغط على بعض الشوارع، ومجازفة السكان بالتنزه على طول بحيرة دال، "وهي وجهةٌ سياحيةٌ شعبيةٌ تُحيطها جبال الهيمالايا".
- كما كتب فهد شاه لمجلة Atlantic أنه رغم أن العنف "تضاءل ليقتصر على عشرات التراشقات بالحجارة" فإن الكشميريين "قلقون وغاضبون من الوضع".
- يتساءل أحمد شبير وهو ينظر إلى أبواب الورش المغلقة قُرب بحيرة دال: "لقد أجبروا السياح على الرحيل، فكيف لأعمالنا أن تدور؟ لقد أبقوا الكشميريين صامتين بقوة السلاح، وفرضوا ذلك علينا".
- يقول أريب أشرف المهندس المدني البالغ من العمر 26 عاماً: "إن قطع الاتصالات أعادنا إلى العصر الحجري". كان خال أشرف يُعالج في مستشفى، لكنه لم يستطع أن يعرف أين بسبب انقطاع الاتصالات والانترنت.
ما الذي يجدر بنا ترقّبه؟
- فيما يعتقد الكثير من الكشميريين أن التغييرات الدستورية وراءها سياسات مودي الهندوسية القومية، تزعم الهند أنها تعديلاتٌ مصممةٌ "لتعزيز التطور".
- يقول كوغلمان إن الوضع على الأرض بات الآن "متقلباً للغاية"، مشيراً إلى أنه فيما تخفف الهند قيودها، وتُتاح فرصٌ للكشميريين للاحتجاج، قد تنتج عن ذلك "دورةٌ متصاعدةٌ للعنف".
- أكد السفير خان أن علاقات باكستان المتوترة منذ أمدٍ طويلٍ بالولايات المتحدة تتحرك باتجاهٍ إيجابيٍّ بعد زيارة رئيس الوزراء لواشنطن.
- وقال مشيراً إلى أن كلا الرئيسين يأملان أن تصل المباحثات مع طالبان إلى اتفاق سلامٍ: "بغض النظر عن طبيعة الكيمياء التي تجمعهما، لكنني أظن أن ما يربطهما معاً هو أفغانستان".
- ونفى السفير خان الاقتراحات التي تزعم أن صداقة باكستان بالصين قد تمنع المزيد من التصعيد كما قد يستنتج التفكير بطريقة "الحرب الباردة" التي عفا عليها الزمن.
- كذلك قال إن باكستان ترغب في أن ينظر إليها في واشنطن باعتبارها "دولةً مهمةً للغاية في حد ذاتها، لا أن ينظر إليها عبر المنظور الهندي".