مرَّ يوم الثلاثاء الماضي 13 أغسطس/آب 2019، 75 عاماً على غرق سفينة ريتشارد مونتغمري قبالة ساحل مقاطعة كنت البريطانية، عندما كانت في طريقها إلى فرنسا الحليفة "المحتلة" .
لكن حطام سفينة النقل الأمريكية، التي غرقت في 20 أغسطس/آب 1944، وعلى متنها أكثر من 6000 طن من الذخائر، لا تزال تسكن مصب نهر التمز، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، السبت 17 أغسطس/آب 2019.
ومع انقسام الساسة وخبراء الإنقاذ حول مدى التهديد الذي يشكله الحطام القابع في قاع المياه البريطانية التي تحظى بمراقبة شديدة، توجد مخاوف جديدة من أن تتفكك السفينة، وهو ما يحمل مخاوف انتشار محتمل لحمولتها من الذخائر المتفجرة في قاع البحر.
قلق من حطام السفينة
وتشير اثنتان من عمليات المسح التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 وأبريل/نيسان 2018 إلى أن الحطام مستقر بشكل عام، لكنه يظهر معدلات متسارعة من التدهور.
قال اللورد هاريس زميل من حزب العمال يهتم كثيراً بأمر السفينة، إن الخبراء أخبروه أن "حطام السفينة ريتشارد مونتغمري قد لا يدوم سوى بضع سنوات قبل أن يتفكك تماماً" .
وهذا من شأنه أن يشكل تحديات جديدة بالنسبة لإجراءات الأمن والسلامة في احتواء الحطام، الذي يقع على بعد 15 متراً فقط من السطح ويمكن رؤية الصواري الصدئة تعلو الأمواج في جميع الأجواء المناخية، إذ تمر أكثر من 5000 سفينة بالقرب منها كل عام.
ففي مايو/أيار 1980، نجت سفينتان بالكاد من التصادم معها في أسبوع واحد. وفي المرة الأولى اقتربت السفينة MV Fletching إلى مسافة 15 متراً من الحطام، أما المرة الثانية فكانت السفينة الدنماركية Mare Altum، وهي ناقلة مواد كيميائية تزن 1600 طن، هي التي نجت من التصادم مع الحطام قبل دقائق فقط من وقوعه.
حظر للاقتراب من السفينة
ويحظر الاقتراب من الحطام بموجب قانون حماية حطام السفن لعام 1973، لكن هذا لم يمنع الناس من زيارة الموقع. وكان آخر اختراق معروف للمنطقة عن طريق قارب تجديف في عام 2015.
في نقاش جرى الشهر الماضي داخل البرلمان، قال هاريس إنه علم أن قارباً يحمل ثلاثة رجال ومتفجرات اُستوقف في عملية أمنية بالقرب من الحطام خلال أولمبياد 2012، وتساءل: "هل كانت تلك العملية الأمنية مجرد إجراء احترازي أم كانت رد فعل لتهديد محدد؟ حقاً ما هي الإجراءات المفروضة لمنع وقوع هجوم إرهابي على الحطام؟" .
وفي ذات النقاش، قال اللورد بيركلي من حزب العمال: "هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن هذه الأنواع من المتفجرات، بعد أن قبعت في قاع البحر لنحو 70 عاماً، قد صارت في الواقع أكثر خطورة وليس أقل" .
إذ قدرت وكالة الملاحة البحرية وخفر السواحل MCA أنه بعد عمليات الإنقاذ، بقي حوالي 1400 طن من الذخائر في مقدمة السفينة، لكن آخرين يشيرون إلى أنه قد يكون هناك أكثر من ضعف هذه الكمية.
تكثيف المراقبة الأمنية
وفي عام 1970، توقعت الكلية العسكرية الملكية السابقة للعلوم أن يؤدي الانفجار على متن السفينة إلى حدوث موجة تسونامي بارتفاع خمسة أمتار.
وأشار تقريرها إلى أن الصدمة ستحطم تقريباً كل نوافذ بلدة شيرنس القريبة وتؤدي إلى تحطيم مبانيها. لكن الخبراء انقسموا حول ما إذا كان من المحتمل أن تنفجر الذخائر من عدمه.
إذ إن تقريراً لوكالة الملاحة البحرية وخفر السواحل لعام 1999 أكد فقط على "استبعاد حدوث انفجار كبير". وفي عام 2004، استنتج تحقيق لمجلة New Scientist أنه قد يحدث تفجير لشحنة الذخائر إذا حدث تصادم أو هجوم أو بسبب المد والجزر.
ورُفضت مقترحات نقل الحطام نظراً لارتفاع التكلفة. وتتطلب خطط إزالة المتفجرات المتبقية إجلاء الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الموقع.
وطلبت وزارة النقل مؤخراً تكثيف المراقبة الأمنية على الحطام، ووصفتها بأنها "خطوة استباقية في إطار التزامنا الدائم بتأمين موقع الحطام" .
ومؤخراً، طمأن جوردون هندرسون، عضو حزب المحافظين عن بلدة سيتينغبورن وشيبى، مؤيديه الذين يعيشون بالقرب من الموقع بأن الحكومة تفرض مراقبة صارمة على الحطام وأنه لا يوجد ما يدعو للقلق.
وقال: "الوضع الأمني العام لحطام سفينة ريتشارد مونتغمري لم يتغير، وسياسة عدم التدخل التي انتهجتها الدولة منذ عدة عقود، في ظل الحكومات المتعاقبة، ما زالت هي الخيار الأمثل" .
ومع ذلك، قال هاريس إنه يخشى من أنه لم تُتّخذ أي إجراءات لتأمين الحطام خلال الـ75 عاماً الماضية، وقد سأل زملاءه في البرلمان: "لعل أكبر سؤال على الإطلاق هو: من الذي سيتحمل المسؤولية عما يحدث إذا وقع السيناريو الأسوأ؟" .