الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصية صاخبة وسياسي لا يعترف إلا بشيء واحد وهو قدرته على أن يفعل ما يريد، ومن هذا المنطلق لا يمكن اعتبار تفكيره في شراء جزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك مزحة، لكن السؤال هو ما الذي دعاه أصلاً للتفكير في الموضوع وما هي أهمية غرينلاند وهل يمكن أن ينجح ترامب فيما فشل فيه ترومان؟
أكبر جزيرة في العالم؟
الجزيرة المقصودة هنا هي غرينلاند وتقع في شمال المُحيط الأطلنطي وجغرافيا تقع ضمن نطاق قارة أمريكا الشمالية، بجانب كُل من كندا، وآيسلندا، ونرويج، وسفالبارد، وتبلغ مساحتها 811 ألف ميل مربع، ويسكنها نحو56 ألف نسمة وعاصمتها مدينة نوك وهي أكبر مدن الجزيرة وبها مطار نوك وجامعة غرينلاند.
ورغم أن غرينلاند تقع في نطاق أمريكا الشمالية إلا أنها تتبع أوروبا ثقافياً واجتماعياً وهي جزء من مملكة الدنمارك التي تقدم أكثر من 60% من الميزانية السنوية للجزيرة.
ما هي أهمية غرينلاند؟
نظراً لموقعها الجغرافي المتميز بين المحيط الأطلنطي والقطب الشمالي، تكتسب غرينلاند اهتمام القوى العالمية بما في ذلك الصين وروسيا والولايات المتحدة، إضافة لمواردها المعدنية وتوفر فرص البحث العلمي فيها.
توجد أيضاً في غرينلاند قاعدة عسكرية أمريكية فيها نحو 600 شخص، حيث أنظمة الرادار المسؤولة عن الإنذار المبكر بشأن الصواريخ الباليستية.
وقد حاولت الصين العام الماضي إقامة مشاريع وبناء 3 مطارات على الجزيرة ولكن الولايات المتحدة تدخلت وأفشلت إتمام المشروع.
لماذا فكر ترامب في شرائها؟
صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية نشرت أمس الخميس 15 أغسطس/آب تقريراً حول رغبة ترامب في شراء الجزيرة، نقلاً عن مصادر داخل البيت الأبيض، وطبقاً للتقرير، قال ترامب أثناء مأدبة عشاء مع مساعديه: "أخبرني شخص ما أن حكومة الدنمارك تعاني من صعوبات مالية فيما يخص غرينلاند. ما رأيكم في أن أشتريها منهم؟"
ملاحظة ترامب حول شراء الجزيرة الأكبر في العالم تكررت في أكثر من مناسبة وبدرجات مختلفة من الجدية، بعض مساعديه اعتبروها مزاحاً لكن البعض الآخر أخذ الأمر بجدية، خصوصاً وأن ترامب، بحسب تقرير الصحيفة، طلب من المستشار القانوني للبيت الأبيض "النظر في الموضوع".
ما الذي دفع ترامب للتفكير في الأمر على وجه التحديد سؤال يصعب الإجابة عنه بشكل قاطع، لكن بعض المحيطين به يرون أنه ربما ينظر للأمر على أنه إضافة هائلة لتراثه كرئيس، يساوي ما قام به الرئيس دوايت أيزنهاور عندما ضم ألاسكا كولاية للولايات المتحدة الأمريكية.
هل غرينلاند معروضة للبيع؟
الإجابة جاءت على لسان وزير خارجية الدنمارك آني لون باجر اليوم الجمعة 16 أغسطس/آب، في تعليق لـ"رويترز" "نحن منفتحون على التجارة لكننا لسنا للبيع".
كما سخر سياسيون من الدنمارك من الفكرة حيث قال رئيس الوزراء الدنماركي السابق لارس لوكه راسموسن على تويتر "لا بد أنها كذبة أبريل. جاءت في غير موعدها تماماً".
حتى سفير الولايات المتحدة السابق في الدنمارك روفوس جيفورد قال على تويتر "يا إلهي. كشخص يحب غرينلاند وزار كل ركن فيها تسع مرات ويحب الناس.. هذه كارثة كاملة وشاملة".
هل يعني ذلك أن ترامب سيستسلم؟
القانون المحلي في غرينلاند يمنع التملك من الأساس، فالأرض مملوكة للحكومة، بحسب ما قاله كينيث مورتنسين وكيل عقارات في نوك لوول ستريت جورنال.
"لا يمكنك أن تتملك أرضاً هنا. في غرينلاند، من حقك أن تستعمل الأرض لتبني عليها منزلاً لكن لا يمكنك أن تشتريها"، لكنه أضاف: "بالطبع مسألة شراء غرينلاند قصة مختلفة تماماً، ولست متأكداً مما قد يحدث في هذا الشأن".
من المقرر أن يزور ترامب كوبنهاغن في سبتمبر/أيلول وستكون المنطقة الواقعة في القطب الشمالي على جدول الأعمال خلال اجتماعات مع رئيسي وزراء الدنمارك وغرينلاند، حيث أن غرينلاند جزيرة دانماركية ذاتية الحكم.
ولو أخذنا شخصية ترامب وكيف يفكر ويتصرف في الاعتبار، سنجد أن مسألة شراء غرينلاند التي فشل فيها رئيس أمريكي آخر هو هاري ترومان الذي عرضت إدارته 100 مليون دولار على الدنمارك عام 1946، ربما تكون هدفاً لترامب لن يتنازل عنه بسهولة، خصوصاً لو أعلن عن ذلك في أحد مؤتمراته الانتخابية.