تهبط طائرتك أخيراً، تومض علامة حزام الأمان وتقفز على قدميك، وتكون مستعداً للخروج من المقصورة وقضاء إجازتك.
المشكلة الحقيقية هي أن الجميع لديه نفس الفكرة. الجميع يخلون كراسيهم صفاً تلو الآخر، غير أنه بتزاحمهم بحثاً عن أمتعتهم في الخزانة العلوية لا يبدو واضحاً من سينزل من الطائرة أولاً.
تخيل الآن لو انتظر الركاب بصبرٍ ونزلوا صفاً تلو الآخر. يبدو وكأنه حلمٌ بعيد المنال، أليس كذلك؟ لكن يبدو أن ذلك يحدث في بعض الأحيان، وتملك لويز فاديبونكور، مضيفة طيران، مقطع فيديو يثبت ذلك.
سجلت فاديبونكور، مضيفة طيران مع شركة النقل الكندية WestJet، لقطاتٍ مصورةً للركاب أثناء نزولهم من على متن طائرةٍ في رحلةٍ داخليةٍ بكندا، ونشرتها على موقع شبكة CNN الأمريكية.
إنهم عمال مناجم نفط، يسافرون من فورت ماكموراي في ألبرتا إلى مطار كالجاري الدولي، وقد نزلوا إلى النقطة المحددة.
قالت فاديبونكور لقناة CNN Travel: "هؤلاء الرجال والنساء يقومون بهذه الرحلة بشكلٍ منتظمٍ. وفي كل مرةٍ يدهشونني، فقررت أن أصورهم" .
وأضافت: "على الرغم من أنهم يسافرون في كثيرٍ من الأحيان ذهاباً وإياباً، ولكن هذا لا يُفسر كيف تمكنوا من إدراك أن هذه الطريقة ستكون الطريقة المثالية للنزول في عالمٍ مثالي" .
فهل هذه هي الطريقة "المثالية" للنزول من الطائرة؟
تقول فادبونكور، المضيفة في شركة WestJet منذ 12 عاماً، إنها تحب "كل دقيقةٍ تقريباً في هذا الفيديو"، وتوضح أن الطاقم الجوي لا يتدرب على كيفية إخلاء الطائرة.
وبدت الخطوط الجوية مترددةً في المشاركة. قالت الخطوط الجوية الأمريكية لـ CNN Travel: "ليس لدينا منظورٌ نقدمه حول هذا الموضوع"، بينما رفضت الخطوط الجوية البريطانية التعليق على هذه القصة.
نتيجةً لذلك، لا يتدخل الطاقم ما لم تكن تربطهم روابط وثيقةٌ ببعض الركاب وكانوا يحتاجون إلى النزول قبل الآخرين، أو إذا كان هناك أطفالٌ أو كبار سن أو ركابٌ معاقون يحتاجون إلى المساعدة.
تقول فاديبونكور: "يُترك الأمر كله للركاب"، مضيفةً أن ذلك لا يؤدي دائماً إلى نزولٍ سلسٍ.
وتضيف: "عادةً ما تكون هناك حالة فوضى ويُريد الركاب الخروج (أو الصعود) في أسرع وقتٍ ممكنٍ" .
ولكن الركاب الذين صورتهم فاديبونكور على متن طائرة WestJet كانوا في غاية التنظيم، حيث ينزلون راكباً تلو الآخر، صفاً تلو الصف.
وتُتابع قائلةً إنه يحدث أحياناً أن يقوموا ليُحضروا حقائبهم فور هبوط الطائرة ولكنهم دائماً ما يجلسون مرةً أخرى وينتظرون.
الرحالة والمسافرون ينصحون بذلك أيضاً
هذا بالضبط ما نصح به الرحالة ومدون السفر جوني ديسكالا الملقب بـ "جيت"، حيث قال لـ CNN Travel: "من الأفضل للركاب النهوض وأخذ حقائبهم لأن ذك يستغرق وقتاً طويلاً" .
وأضاف جوني: "من المرهق أن تقف خلف شخصٍ يأخذ حقيبته ببطءٍ، أو أن حقيبته أكبر من أن يستطيع سحبها أو أنها عالقةٌ في شيء ما" .
يقول ديسكالا إنه يحرص دئماً على أن يكون سريعاً قدر المستطاع أثناء مغادرته الطائرة.
وأضاف ديسكالا: "الجميع في عجلةٍ من أمرهم عندما يهبطون، بصرف النظر عما إذا كانوا ذاهبين إلى المنزل أو إلى اجتماع عملٍ أو لإجراء اتصالٍ. إنهم يريدون فقط العودة إلى المنزل أو الوصول إلى مكانهم التالي. فلماذا تمسك بهم؟ يدفعني للجنون أن أرى الناس تتمهل أكثر من اللازم" .
وفي حين أن إتقان عملية الصعود السريع إلى الطائرة هو ما تنوي شركات الطيران التركيز عليه، بالإضافة إلى كيفية النزول في حالات الطوارئ بطبيعة الحال، وهو موضوعٌ مختلفٌ تماماً، كانت تُجرى بعض الدراسات الأكاديمية حول النزول من الطائرة.
نشر فريقٌ من الخبراء في جامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة تقريراً بعنوان "النزول الهيكلي من الطائرة عبر المحاكاة والتعزيز" .
أجرى أندرو والد، ومارك هارمون، ودييجو كلابجان من قسم الهندسة الصناعية وعلوم الإدارة، اختبارات محاكاةٍ لاستنتاج أن "النزول الهيكلي قد يقلل الوقت بنسبةٍ تزيد عن 40٪ في طائرةٍ ممتلئةٍ".
وقد اقترحوا نظام النزول في مجموعاتٍ، على غرار أنظمة الصعود في مجموعاتٍ، بناءً على مقعدك، فتأخذ رقم مجموعةٍ يقول لك متى يمكنك النزول من الطائرة.
وبدلاً من النزول صفاً تلو الآخر، هناك خيارٌ واحدٌ يتمثل في نزول جميع ركاب مقاعد الممر، ثم المقاعد الوسطى ثم مقاعد النوافذ، على الرغم من أن المشكلة في هذا الفرضية يمكن أن تكون في انفصال بعض الناس عن الذين يجلسون معهم، الأمر الذي قد يكون مثيراً للجدل، لو كنت دفعت أكثر من أجل أن تجلس بجانبهم، وهي خدمةٌ تُقدمها بعض شركات الطيران منخفض التكلفة.
بالإضافة إلى ذلك، لن ينجح هذا مع المسافرين ذوي الإعاقة أو المسافرين مع أطفالٍ صغارٍ؛ إذ يجب أن ينزلوا أولاً.
يعتقد ديسكالا أنك ما لم تكن تسافر مع شخصٍ لا يمكن تركه بمفرده، فلا بأس عادةً في الانتظار عند البوابة، خاصةً إذا كان هذا يعني أنك ستصل إلى هناك بشكلٍ أسرع في النهاية.
الطرق الثلاث الرئيسية التي تعتمد عليها
وفي دراسةٍ أخرى عنوانها "التصميم المتماثل لثنائية الصعود والهبوط من الطائرة"، يشير المؤلفون إلى أن هناك ثلاث طرقٍ أساسيةٍ يُمكن اعتمادها:
هناك طريقة مقاعد الممرات وصولاً إلى مقاعد النوافذ المذكورة آنفاً، والطريقة التقليدية من الأمام إلى الخلف، صفاً تلو الآخر، ثم هناك استراتيجية "الهرم" ، التي تستخدم كلا البابين، حيث ينزل ركاب المقاعد في الممر الأمامي والخلفي أولاً ثم يتبعهم المسافرون الآخرون بالترتيب.
يقول بيتر فينك، رئيس قسم هندسة التصميم في جامعة دلفت في هولندا، لـ CNN Travel إن خيار الهرم هو الأسرع.
أجرى فينك، إلى جانب سوزان هيمسترا فان ماستريخت وريتشارد أوتنس، دراسةً بعنوان "تحديد الاختناقات وتصميم الأفكار والحلول لتحسين تجربة ركاب الطائرات أثناء الصعود والخروج".
ويقول فينك إن الفريق أجرى تجارب على نموذج طائرةٍ من طراز بوينغ 737، إلى جانب دراساتٍ ميدانيةٍ على طائرات إيرباص A319 و A320.
وأضاف فينك: "تشير دراسات المحاكاة بالحاسوب إلى أن النزول العكسي للهرم هو الأسرع، ومع ذلك يكاد يكون من المستحيل عملياً السماح للركاب بالقيام بذلك" .
مشكلة أمتعة اليد
وتكمن المشكلة، كما يقول فينك، في أمتعة اليد؛ فهي تسبب أكبر مشكلةٍ. وإذا كانت الحقيبة ثقيلةً جداً أو مرهقةً، أو إذا وُضعت عميقاً في خزانةٍ سُفليةٍ، فسيحتاج الراكب إلى السير عكس اتجاه التدفق لاستخراجها، وكل هذا يستغرق وقتاً طويلاً.
قد يكون بعض الركاب أقصر من أن يصلوا إلى الصندوق العلوي، أو غير قادرين على ذلك لأسبابٍ صحية.
يقول فينك، في دراسته، إن استرداد الأمتعة كان هو العامل الرئيسي في تأخير النزول. أما المشاة البطيئون – والذين هم غالباً مسافرون معهم أطفالٌ أو أمتعةٌ كبيرةٌ، فقد كانوا ثاني أكبر مشكلةٍ.
يُعيدنا هذا إلى الفيديو الذي صورته فاديوبونكور حيث لم يكن هناك أطفالٌ، وجميع الركاب يسافرون بشكلٍ متكررٍ.
يقول فينك: "إن أبطأ وقتٍ للنزول كان 13 دقيقةً وأسرع وقتٍ كان 6 دقائق و27 ثانيةً للطائرة الممتلئة بنسبة 80٪"، موضحاً أن الطائرة الأقل امتلاءً تستغرق وقتاً أقل.
يقول فينك كذلك إن الحلول التي نجحت أيضاً كانت تستخدم كلا البابين للنزول، وهو ما يمكن أن يقلل وقت النزول إلى النصف.
ويضيف أن السفر دون أمتعةٍ يدويةٍ يقلل من وقت النزول بنسبة 80٪، بينما يمكن أن يوفر السفر مع حقيبةٍ واحدةٍ أسفل المقعد أمامك ما يصل إلى ثلاث دقائق.
كل الأفكار عظيمةٌ من الناحية النظرية، لكن ما تشترك فيه هذه الأنظمة هو أنها بالضبط مجرد أنظمةٍ.
ويحتاج النظام إلى فرضٍ، أليس كذلك؟ وإلا لن ينجح.
لذا، على الرغم من وجود بعض النصائح والحيل التي يمكنك ممارستها على متن الطائرة (حرفياً) للنزول السريع، ستكون دائماً منجرفاً مع زملائك المسافرين.
لذلك حتى تبدأ شركات الطيران في المشاركة، أو ما لم تكن تسافر مع فاديبونكور على متن طائرة WestJet عالية الكفاءة، فربما يكون الحل هو الحجز المبكر والقبض على مقعد الصف الأمامي هذا لضمان أن تكون دائماً أول الراكبين وأول الهابطين.