قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء 6 أغسطس/آب 2019، إن خطوات تركيا بخصوص شرق الفرات في سوريا ستدخل مرحلة مختلفة، مضيفاً: "سندافع عن مصالحنا القومية عبر الحوار وعناصر القوة الناعمة، وأحياناً عبر الضغط الدبلوماسي، وإذا ما تطلب الأمر فباستخدام القوة الفعلية".
ووصلت الأمور في منطقة شرق الفرات بسوريا إلى مرحلة حرجة مع إعلان الرئيس التركي عزم بلاده شن هجوم عسكري لتأمين المنطقة الحدودية من هجمات الأكراد وإعلان فصيل سوري معارض استعداده للقتال مع أنقرة، وتدخل الولايات المتحدة في محاولة لتحقيق المطالب التركية دون حرب، تزامناً مع تجديد قوات النظام السوري المدعومة روسياً هجماتها ضد إدلب، فما القصة وما السيناريوهات المتوقعة؟
من يسيطر على المنطقة حالياً؟
تحتل قوات سوريا الديمقراطية، التي يتألف معظمها من الأكراد والمدعومة بأعداد صغيرة ولكن غير محددة من القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية والفرنسية، المنطقة الواقعة شمال شرقي نهر الفرات بالقرب من المثلث الحدودي بين سوريا وتركيا والعراق.
ومع توسّع دور الأكراد في سوريا وإنشائهم إدارة ذاتية في شمال شرق سوريا، زادت خشية تركيا من أن يقيموا حكماً ذاتياً قرب حدودها يزيد النزعة الانفصالية لدى الأكراد لديها.
ولمواجهة توسّع الأكراد، شنّت أنقرة منذ 2016 عمليتين عسكريتين في سوريا، سيطرت خلالهما على مدن حدودية عدة، وتمكنت في العام 2018، من السيطرة مع فصائل سورية موالية لها على منطقة عفرين، ثالث أقاليم الإدارة الذاتية الكردية، بعد أشهر من المعارك.
ومنذ ذاك الحين، تركز وجود الأكراد المسلح في منطقة شرق الفرات، وتريد أنقرة إنشاء منطقة آمنة بعرض 30 كيلومتراً على طول حدودها داخل سوريا، على أن تسيطر عليها بالكامل وتنسحب منها وحدات حماية الشعب الكردية، التي تصنّفها منظمة "إرهابية".
ماذا تريد واشنطن؟
اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أشهر إقامة منطقة آمنة على الحدود بين تركيا ومناطق الإدارة الذاتية الكردية منعاً لهجوم تركي، ورحبت أنقرة بالاقتراح مشترطة أن تتولى إدارة المنطقة وحدها، الأمر الذي رفضه الأكراد، ولم تثمر المباحثات التركية الأميركية بعد عن أي نتائج.
وتطالب أنقرة واشنطن بوقف دعمها للمقاتلين الأكراد، الذين يُعدّون العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، رأس الحربة في قتال "داعش" الإرهابي، وتدور في أنقرة منذ 23 تموز/يوليو محادثات بين الطرفين.
وقدّمت الولايات المتحدة اقتراحات عدة، إلا أن أنقرة لم توافق على أي منها، واعتبرت أن ما تقوم به واشنطن هو مجرد محاولات لـ"كسب الوقت".
وتعقد في أنقرة منذ الإثنين اجتماعات جديدة بين الطرفين، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء إن بلاده تعتزم شنّ هجوم "في وقت قريب" في شمال شرق سوريا.
ماذا تريد روسيا والأسد؟
جيش النظام السوري أعلن أمس الإثنين أنه سيستأنف العمليات القتالية في شمال غرب البلاد متهماً تركيا بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار، وأدت العمليات القتالية التي تأتي في إطار حملة تقودها روسيا في تلك المنطقة إلى مقتل المئات ونزوح عشرات الآلاف.
كانت وسائل إعلام سورية رسمية قالت يوم الخميس إن وقف إطلاق النار سيعتمد على التزام المسلحين باتفاق روسي تركي استهدف إقامة منطقة عازلة في إدلب العام الماضي.
وقال الجيش السوري في بيان "انطلاقاً من كون الموافقة على وقف إطلاق النار كانت مشروطة بتنفيذ أنقرة لأي التزام من التزاماتها بموجب اتفاق سوتشي، وعدم تحقق ذلك، على الرغم من جهود الجمهورية العربية السورية بهذا الخصوص، فإن الجيش والقوات المسلحة ستستأنف عملياتها القتالية ضد التنظيمات الإرهابية،" بحسب رويترز.
أي السيناريوهات أقرب على أرض الواقع؟
صرح المتحدث باسم "الجيش الوطني السوري"، أحد فصائل المعارضة السورية المسلحة، أن قوة من 14 ألفاً مستعدة لبدء حملة ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية، المتواجدة شمال شرقي سوريا.
ونقلت وكالة "رويترز" عن المتحدث باسم هذه القوات يوسف حمود: "هناك أكثر من 14 ألف مقاتل جاهزين من الجيش الوطني لخوض أعمال قتالية في منطقة شرق الفرات إلى جانب القوات التركية".
وفي الوقت نفسه، كان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قد أعلن أمس الإثنين أثناء مؤتمر صحفي عقده في أنقرة، أن الجانب التركي ينتظر أن ترد الولايات المتحدة إيجابياً على دعوته الكف عن التعاون مع "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تشكل العمود الفقري لـ"قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من واشنطن.
وجاء هذا التصريح في وقت يجتمع فيه في أنقرة مسؤولون عسكريون أتراك وأمريكيون لبحث تطورات الوضع في شمال شرقي سوريا وجهود إقامة منطقة آمنة هناك للحد من مخاوف أنقرة بشأن انتشار الوحدات الكردية قرب حدودها.
ومع تأكيد أردوغان عزم بلاده تأمين المنطقة الحدودية بعمق 30 كيلومتراً لتحقيق ممر آمن ضد الهجمات الإرهابية وكذلك فتح الطريق أمام عودة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم، يبدو أن الحل العسكري سيكون الأقرب في منطقة شرق الفرات.